2024-11-26 11:35 م

رمضان عنيف.. والأقصى ونحن في خطر

بقلم:دكتورة ميساء المصري
قبل أن أبدأ مقالتي أريد أن أحيل القارئ الكريم الى بعض النصوص التلمودية التي تصف الآخر الذي هو نحن أنا وأنت وغيرنا ممن لا يعتنقون الديانة اليهودية ,بأنهم أرواح نجسة وتسمى الخنازير , و كل يهودي يسفك دماء الكفار (غير اليهود) هو كمن يقدم ذبيحة لله, و قد يستخدم اليهود الأكاذيب للتحايل على الأمم (المقصود نحن ) و هم خارج حماية القانون والله “كشف أموالهم لإسرائيل”. وبأن جميع الأطفال الأمميين هم حيوانات و وحوش وأيضا إن الأكوم (غير اليهودي) يشبه الكلب. نعم، يعلمهم التلمود أن تكريم الكلب أكثر إيمانا من غير اليهودي…وهنا أكتفي ببعض وليس كل الأسفار التي يؤمنون بها لنستوعب شمولية عقيدة القتل لديهم.
وبالحديث عن العقيدة , عقيدة التسامح والتكافل والمغفرة والجهاد في شهر رمضان المبارك لدينا نحن المسلمين , أنتقل إلى رمضان السياسي وصبغته الدينية وبعده المعنوي على عمق الكيان المحتل والذي يتسبب لهم بمتلازمة سنوية تسمى (فوبيا رمضان) أو (فوبيا الأقصى), فحسب السردية الصهيونية إرتبط رمضان بالحروب الخطرة , كحرب العاشر من رمضان لعام 1973, أو أحداث معركة الجرف الصامد في عام 2014 , أو معركة سيف القدس في 2021, وإضطربات عام 2022,والحرب الحاصلة الآن 2024 والتي تبدو أنها مستمرة .
وبالحديث عن هذا العام , يبدو أن شهر رمضان سيكون الأعنف والأكثر حساسية والأصعب منذ عام 1967 على الكيان, ليس في غزة فحسب بل في فلسطين والمنطقة ككل , لأنه يأتي وسط تصعيد ممتد منذ أشهر، و وسط إشتعال الإحتلال بأزمته الداخلية مع حكومة نتنياهو. لذلك يراوغ إيتماربن غفير وزيرالأمن القومي , بسمومه عن منع دخول الأقصى والسعي لتطبيق سياسة صفر فلسطنيين, وسياسات الإبعاد الجماعي عن الحرم ومنع الإعتكاف، وإغلاق المسجد الأقصى وتفريغه من المصلين، و تقييد وصول سكان الضفة الغربية إلى القدس هذا العام بشكل شبه كامل، وسط مستوى تأهب غير مسبوق من قبل مجموعات المستوطنين غير الشرعيين المسلحين والجناح اليميني المتطرف والجيش والشرطة في الكيان، مع أن هنالك  حرب غير معلنة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة والقدس.
     وفي الصراع الصهيوني الداخلي ,إنها فرصة ذهبية لبن غفير المتطرف , لإستعراض قوته وميليشياته في المسجد الأقصى والقدس لأغراض سياسية ، و لتقديم نفسه كزعيم لليمين المتطرف في الكيان، وهو ما يحاول القيام به منذ توليه منصبه , وخلال حرب غزة.وهي رسائل مبطنة كذلك للشعب الإسرائيلي وأمريكا معا وإظهار قدرته على فرض سيادة ميلشياته بشكل يعجز حتى نتنياهو نفسه عن فعله.  فهل تنجح مساعيه ؟؟
إن لب ما يدار من دسائس هو من منطلق ديني قبل أن يكون سياسي قابل لإيجاد تسوية أو هدنة أو وقف لإطلاق النار.بل صراع ديني يشكل علامة دينية فارقة في هذه الحرب الدينية ,
والخطورة تكمن في تقاطع شهر رمضان هذا العام ، مع عدد من الأعياد اليهودية التي تشهد أولها عيد المساخر في منتصف رمضان. و أهميته لـ “جماعات الهيكل” اليهودية المتطرفة، و جناح الحركة الصهيونية الدينية اليمنية، والحركة الكاهانية الفاشية الجديدة، والتي يعد بن غفير المتطرف أحد أهم أعضاءها.
   كذلك عيد الفصح,  و ذكرى المحرقة ويوم ذكرى جنود الإحتلال القتلى ويوم الإستقلال . حيث ستقدم المنظمات الصهيونية الدينية المتطرفة في عيد الفصح ,شعائرالأضاحي الحيوانية بداخل المسجد الأقصى وبشكل أكثر همجية، خاصة وأنهم قدموا الكثير من القرابين خلال حرب غزة .وهي آخر الطقوس الدينية لإحداث تغيير في الأقصى وتحويله إلى الهيكل ، أو من خلال السيطرة الكاملة على نصف مساحة الحرم القدسي ، وهو حلم صهيوني تسعى له منذ أكثر من 60عاما . ولتحقيقه سعى الكيان سابقا إلى عملية بمسميات توراتية مثل “ترديد الحزمة” أو كاسر الأمواج. لتغيّر مسار الأحداث عما كان متوقع.
ولا نغفل أبدا أو نتناسى ما حصل من حريق المسجد الأقصى عام 1969 حين منع الإحتلال المواطنين من الإقتراب من ساحاته، وإدعاء أن أحد المتطرفين اليهود حاول إحراق المسجد الأقصى. مع إستمرارهم بترديد الروايات الملفقة والمتناقضة حول الهيكل وتابوت العهد .
حماس أدركت الأمر جيداً. لذلك كانت عملية طوفان الأقصى. واليوم تكون الكرة في ملعب الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة، على منع تنفيذ مخططهم مع الحظر المتوقع على الوصول إلى المسجد الأقصى وربما تكون هذه الشرارة الأقوى .التي ستشعل الكثير.
وهل يتجه الفلسطينيون في الضفة الغربية والقدس والداخل والمقاومة إلى الأقصى لحمايته، لأن الأقصى بات في خطر، وإلكيان يسعى للدولة اليهودية  بأي تصعيد كان .أم سيظل الفلسطينيون صامتين كالعرب أمام ما يجري حولهم وعليهم.؟
إن الأوضاع السياسية والأمنية في العالم العربي باتت مرشحة لأن تدخل مرحلة من الخطورة لم نعهدها من قبل, و بعد خمسة أشهر من الحرب والتدمير باتت الصورة واضحة عند الجميع ، وماذا يعني المسجد الأقصى ثالث الحرمين  لحوالي 2 مليار مسلم حول العالم,  بعد القتل والتهجير والتعذيب لأهل غزة  , ولمن سيأتي الدور بعدهم , يبدو أن لا قيمة لهم في موازين القرار . وأن المسلمين لا يفعلون ، ولا وزن يحسب لهم. ألم تكن هذه الحرب كافية لنفهم ما يدور؟ .
والسؤال الذي أخجل بطرحه لي ولكم . كيف سنصوم أمام الله وأهلنا في غزة بلا مياه وغذاء ودواء وهواء وغطاء وسقف أمان؟
ويكاد إحساسي يأخذني هل نستحق نحن المغفرة والغفران؟
باحثة وكاتبة عربية من الأردن