وتعرضت المحادثات حول الاتفاقيات الثنائية بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي لصدمة حقيقية ، لصدمة حقيقية أدركها الرئيس الراحل ياسر عرفات، وهي صدمة اغتيال اسحق رابين، والجولة الثانية من جولات الرغبة في التوصل الى اتفاقيات ثنائية كانت في كامب ديفيد في عهد ايهود باراك، ولم تستطع القيادة الاسرائيلية تمرير الاتفاقيات التي كانت تعرض بعيدا عن النوايا الحقيقية على طاولة المفاوضات، وقد رفض عرفات التنازل عن المطالب الفلسطينية، فاسدل الستار على اية محاولات للتوصل الى اتفاقيات ثنائية.
وما شهدناه من اتصالات بنوايا فلسطينية سليمة في ايام ايهود اولمرت، تمت بنوايا اسرائيلية خبيثة وغير حقيقية، وبدأت في مرحلة متأخرة في ظل الملاحقات الجنائية لرئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت.
ومن أهم الخطوات التي اتخذت في ملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي منذ كامب ديفيد والترويج لفكرة عدم وجود الشريك الفلسطيني، كانت الخطوة احادية الجانب التي قام بها قائد عسكري اسرائيلي كبير قادر على فرض ما يفكر به، ويؤمن بأن مصلحة اسرائيل، هو الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة، وهي حلقة اولى لم يتمكن شارون، من تنفيذ الحلقة الثانية بسبب مرضه، وكان قد قام بـ "بروفة" لها تتزامن مع الانسحاب من المستوطنات في قطاع غزة، عندما قام باخلاء مستوطنة منعزلة في شمال الضفة الغربية.
بمعنى أن شاون أراد التأكيد للعالم على أن لا وجود لشريك فلسطيني، يمكن التوصل معه الى اتفاقيات، وكان شارون الذي اقتنع برغبات المؤسسة الامنية ينتظر مع من ساعده في وضع خطة فك الارتباط في حلقتها الاولى في غزة والاستعداد للحلقة الثانية من الضفة، والانتهاء من كل مقاطع جدار الفصل، فترسيم أية حدود مستقبلية من جانب أي زعيم اسرائيلي يفكر في ذلك بشكل أحادي الجانب لن يبتعد كثيرا عن مسار جدار الفصل.
وفي هذه المرحلة ، لا يستطيع نتنياهو القيام بخطوة أحادية الجانب، لأسباب تتعلق بوضعه السياسي الداخلي والائتلافي، ولكن، قد نشهد تعاونا مثمرا وحقيقيا بين اسرائيل وامريكا تتوفر له الاجواء والضمانات الأمنية بصورة خاصة، تضمن نجاح الخطوة أحادية الجانب الثانية في الضفة الغربية، والتي تقومن بالاساس على ترسيم الحدود والحصول على ضمانات أمنية من امريكا وأطراف في المنطقة، وهذا الأمر يمكن تحقيقه في ظل الوضع الراهن.