2024-11-27 10:36 م

الغرب في قفص الاتهام إلى جانب “إسرائيل” في محكمة الإبادة الجماعية

تحثّ “إسرائيل” الدول الغربية على الوقوف إلى جانبها بينما تستعد محكمة العدل الدولية هذا الأسبوع لأول جلسة استماع للبت في دعوى جنوب أفريقيا التي تتهم “إسرائيل” بارتكاب إبادة جماعية في غزة. طلبت بريتوريا من المحكمة إصدار أمر قضائي فوري يأمر “إسرائيل” بوقف هجومها العسكري على القطاع الصغير، لتجنب وقوع المزيد من الضحايا.

قُتِل قرابة 23 ألف فلسطيني على يد إسرائيل حتى اللحظة الراهنة، غالبيتهم من النساء والأطفال، ويُعتقد أن عدة آلاف آخرين ما زالوا تحت الأنقاض، بينما أصيب عشرات الآلاف بجروح خطيرة. فقد غالبية السكان منازلهم بسبب حملة القصف المستمرة منذ ثلاثة أشهر.استهدفت إسرائيل بشكل مكثف ومتكرر “المناطق الآمنة” المزعومة التي أمرت المدنيين الفلسطينيين بالفرار إليها، ودمّرت كل البنية التحتية في غزة تقريبًا وتمنع معظم المساعدات من الوصول إلى القطاع. ومن المرجح أن تؤدي المجاعة والأمراض إلى زيادة عدد الوفيات بسرعة.

ورد في ملف دعوى جنوب أفريقيا المكون من 84 صفحة أن حملة القصف والحصار الإسرائيلي تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية لسنة 1948، التي تُعرّف الإبادة الجماعية بأنها “أفعال مرتكبة بقصد التدمير، كليًا أو جزئيًا، لمجموعة قومية أو إثنية أو عرقيّة أو دينية”.

تتوقع إسرائيل دعمًا من العواصم الغربية لأن لديها ما تخشاه من صدور حكم ضد إسرائيل بقدر ما تخشاه إسرائيل نفسها. لقد دعموا بقوّة موجة القتل، إذ أرسلت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على وجه الخصوص الأسلحة التي تُستخدم ضد سكان غزة، مما يجعل كليهما من المتواطئين المحتملين.

وفقًا لبرقيّة من وزارة الخارجية الإسرائيلية، سُرّبت إلى موقع أكسيوس الإلكتروني، تأمل إسرائيل أن ينتصر الضغط الدبلوماسي والسياسي على قضاة المحكمة نظرا لصعوبة رفع دعوى قانونية دفاعًا عن أفعالها.

في أواخر الأسبوع الماضي، بادرت إدارة بايدن برفض الدعوى التفصيلي, التي قدمتها جنوب إفريقيا ووصفتها بأنها “عديمة القيمة وتؤدي إلى نتائج عكسية ولا أساس لها من الواقع على الإطلاق”. قد يبدو ذلك سخيفًا بشكل واضح للجماهير الغربية لو تم تزويدهم بتغطية جادة لقضية غزة. لكن إسرائيل تفرض قيودا شديدة على الوصول إلى القطاع، بينما تستهدف الصحفيين الفلسطينيين هناك بمعدل غير مسبوق لوقف تقاريرهم. وتخضع وسائل الإعلام الغربية طوعًا – وسرية – لنظام رقابة إسرائيلي مرهق.

التحريض على الإبادة الجماعية
حسب البرقية المسرّبة، فإن “الهدف الاستراتيجي” لإسرائيل في المحكمة، هو ثنيُ القضاة عن اتخاذ قرار بأنها ترتكب جريمة إبادة جماعية. لكن الأمر الأكثر إلحاحًا هو حاجة إسرائيل إلى منع محكمة لاهاي من إصدار أمر بوقف مؤقت للهجوم. وسوف يجادل المسؤولون الإسرائيليون، حسب ما أفاد به موقع أكسيوس، بأن هجومهم المستمر على غزة لا يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، التي تتطلب “خلق ظروف لا تسمح ببقاء السكان على قيد الحياة، إلى جانب نية إبادتهم”. وستحاول إسرائيل إقناع القضاة بأنها تسعى إلى زيادة المساعدات الإنسانية لغزة وتقليل الخسائر في صفوف المدنيين.

ولكن تتعارض حجتها مع الأدلة التي جمعتها جنوب أفريقيا. ويتضمن نصّ الدعوى تسع صفحات من تصريحات القادة الإسرائيليين التي تظهر نية إسرائيل الواضحة ارتكاب إبادة الجماعية في غزة، بما في ذلك تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وشخصيات بارزة في مجلس الوزراء والرئيس إسحاق هرتسوغ والعديد من القادة العسكريين الإسرائيليين الحاليين والسابقين.

وصف جيورا إيلاند، مستشار وزير مجلس الحرب بيني غانتس، هدف إسرائيل بأنه خلق “ظروف تصبح فيها الحياة في غزة غير مستدامة”. وصرّح متحدّث عسكري إسرائيلي منذ البداية بأن الهدف كان إلحاق “أقصى قدر من الضرر” بغزة. وأشار هرتسوغ إلى أن جميع السكان المدنيين هدف عسكري مشروع، بينما شبه نتنياهو الفلسطينيين بالعدو التوراتي “عماليق”. في العهد القديم، أمر الله بني إسرائيل بإبادة العماليق “بقتل الرجال والنساء والأطفال والرضع”.
من بين أحكام اتفاقية الإبادة الجماعية الحظر المطلق للتحريض على الإبادة الجماعية. وقد انتهك كبار السياسيين والقادة العسكريين في إسرائيل هذا القسم من الاتفاقية بلا شك. وأكدت رسالة إلى المدعي العام الإسرائيلي الأسبوع الماضي من مجموعة من الأكاديميين والمحامين ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين الإسرائيليين، على هذه النقطة وحذّروا من أن التحريض على الإبادة الجماعية أصبح “مسألة يومية في إسرائيل”. وورد في الرسالة أن “الخطاب التطبيعي الذي يدعو إلى الإبادة والمحو والخراب وما شابه ذلك من شأنه أن يؤثّر على الطريقة التي يتصرّف بها الجنود [في غزة]”.

مبرر للتمادي أكثر
لكن التجريد من الإنسانية ـ وهو ما كان نذيرا للإبادة الجماعية ـ ليس المشكلة الوحيدة. فمحاكمة إسرائيل لما تسميه “الحرب للقضاء على حماس” تفي تمامًا بتعريفها الخاص للإبادة الجماعية. إن “الظروف التي لا تسمح ببقاء السكان على قيد الحياة” كانت موجودة بالفعل قبل وقت طويل من ردّ إسرائيل مباشرة على الهجوم الذي شنته حماس من غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، حيث قُتل حوالي 1,140 إسرائيليًا ومواطنين آخرين.

في ظل ما يحدث في القطاع غالبًا ما يُنسى السياق: حذّر مسؤولو الأمم المتحدة قبل ما يقارب عقدا من الزمن من أن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة – منذ 17 عامًا – يهدف إلى جعل القطاع “غير صالح للسكن”. بعبارة أخرى، كانت إسرائيل على وجه التحديد “تهيئ الظروف التي لا تسمح ببقاء السكان على قيد الحياة”.

حتى قبل هجومها الحالي الموسع، فرضت إسرائيل قيودًا صارمة على وصول المياه لسكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة. وكنتيجة مباشرة، أصبحت طبقات المياه الجوفية الممتدة تحت غزة مالحة بسبب تسرّب مياه البحر، مما جعل مياه الشرب في القطاع غير صالحة للاستهلاك البشري.

على نحو مماثل، كان هناك نقص في الغذاء. بالعودة إلى سنة 2012، تمكّنت جماعات حقوق الإنسان الإسرائيلية من نشر وثيقة سريّة تظهر أن الجيش كان يفرض رقابة مشددة على الغذاء الذي يدخل إلى غزة منذ سنة 2008 حتى اللحظة الراهنة. نتيجة لذلك، يعاني ثلثا السكان من انعدام الأمن الغذائي، ويعاني طفل من كل عشرة أطفال من التقزم جرّاء سوء التغذية. وكان الهدف ترسيخ الفقر الغذائي على المدى الطويل لتجويع السكان فعليًا.

لقد دمرت الهجمات الإسرائيلية المتكرّرة على غزة على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية – أو ما تسميه إسرائيل “قص العشب” – العديد من منازل القطاع وقسماً كبيراً من البنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى خلق اكتظاظ متزايد وظروف غير صحية. كان القصف الإسرائيلي المتكرر لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، وتضييق الخناق عليها لمنع توفير الطاقة الإضافية، سببًا في تقييد توليد الكهرباء لبضع ساعات في اليوم.

يمنع الحصار الإسرائيلي دخول الأدوية والمعدات الطبية إلى القطاع مما يجعل علاج الحالات الصحية الخطيرة في كثير من الأحيان صعبا أو مستحيلا. ونظرا للقيود التي فرضتها إسرائيل على دخول البضائع إلى غزة وخارجها، كان الاقتصاد منهارا بالفعل، حيث أصبح ما يصل إلى نصف السكان عاطلين عن العمل.

منذ فترة طويلة، وبالعودة إلى سنة 2016، حذّر رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية، هرتسي هليفي، من أن الكارثة التي تخطط لها إسرائيل في غزة يمكن أن تنفجر في وجهها – كما حدث بالفعل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. وأدى العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ ثلاثة أشهر إلى تسريع وتكثيف كافة سياسات الإبادة الجماعية التي تم إقرارها منذ فترة طويلة. ببساطة، أعطى هجوم حماس إسرائيل مبررًا لتتمادى أكثر.

غزة “غير صالحة للسكن”
لهذا السبب، أعلن رئيس الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، مارتن غريفيث، الأسبوع الماضي أن غزة وصلت إلى النقطة التي أصبحت فيها بالفعل “غير صالحة للسكن”. وأضاف أن “الناس يواجهون أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي المسجلة على الإطلاق. والمجاعة تلوح في الأفق”. ومع تشريد الغالبية العظمى من السكان وتوقف معظم المستشفيات عن العمل، انتشرت الأمراض المعدية.

تعني سياسة “الحصار الكامل” التي تنتهجها إسرائيل عدم إمكانية دخول المساعدات. ووفقا لغريفيث، دمرت إسرائيل الطرق، وأغلقت أنظمة الاتصالات، وأطلقت النار على شاحنات الأمم المتحدة وقتلت عمال الإغاثة.

عند عودتهما من زيارة إلى المعبر الحدودي مع مصر، لاحظ اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي في نهاية الأسبوع أن إسرائيل فرضت شروطًا غير معقولة مما أدى إلى تأخيرات لا نهاية لها تمنع وصول المساعدات إلى سكان غزة.

لقد نجحت إسرائيل حاليا في “خلق الظروف التي لا تسمح ببقاء السكان على قيد الحياة”. ولم يكن الهدف من اتفاقية الإبادة الجماعية لسنة 1948، التي صيغت في أعقاب الحرب العالمية الثانية والمحرقة النازية، مجرد معاقبة أولئك الذين يرتكبون جرائم الإبادة الجماعية وإنما المساعدة في تحديد الإبادة الجماعية في مراحلها الأولى، وإنشاء آلية – من خلال أحكام محكمة العدل الدولية – يمكن من خلالها وقفها. والغاية من دعوى جنوب أفريقيا ليس التحكيم فيما يحدث بمجرد أن تقوم إسرائيل بإبادة الفلسطينيين في غزة، كما يتخيل العديد من المراقبين، بل منع إسرائيل من إبادة سكان غزة قبل فوات الأوان.

استنادا إلى منطق غريب، يشير أنصار إسرائيل ضمنيًا إلى أن تهمة الإبادة الجماعية غير مبررة، لأن الهدف الحقيقي ليس إبادة الفلسطينيين في غزة، بل حثّهم على الفرار. وقد شجّع القادة الإسرائيليون هذا الافتراض. وفي مقابلة أجريت معه يوم الأحد، أشار وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى أن سكان غزة – بعد تعرضهم للقصف وتشريدهم وتجويعهم وتركهم عرضة للأمراض – “سيغادرون بمئات الآلاف الآن”. وعلى نحو مخادع، وصف هذه الظاهرة بأنها هجرة جماعية “طوعية”.

ولكن مثل هذه النتيجة ـ التي تشكل في حد ذاتها جريمةً ضد الإنسانية ـ تعتمد بالكامل على فتح مصر لحدودها للسماح للفلسطينيين بالفرار من حقول القتل. وإذا رفضت القاهرة الخضوع للابتزاز الإسرائيلي العنيف، فإن قنابل إسرائيل والمجاعة التي أحدثتها والأمراض الفتاكة التي أطلقتها هي التي تهلك سكان غزة.

ولا ينبغي لمحكمة العدل الدولية أن تتبنى نهج الانتظار والترقّب، والتفكير في ما إذا كانت حملة القصف والحصار الإسرائيلي تؤدي إلى الإبادة أو التطهير العرقي “فقط”، لأن ذلك من شأنه أن يجرد القانون الإنساني الدولي من أي أهمية.

وضع الحدود
إذا فشلت إسرائيل وحلفاؤها الغربيون في إرغام المحكمة على الخضوع، وتم قبول قضية جنوب أفريقيا، فلن تواجه إسرائيل وحدها صعوبات قانونية. إن حكم الإبادة الجماعية الذي ستصدره المحكمة سيفرض التزامات على الدول الأخرى، تشمل رفض المساعدة في الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، مثل توفير الأسلحة والتغطية الدبلوماسية، ومعاقبة إسرائيل في حالة عدم امتثالها.

سيكون الأمر المؤقت بوقف الهجوم الإسرائيلي بمثابة حد لا يمكن تجاوزه. وبمجرد إصدار الأمر القضائي، فإن أي دولة تفشل في التصرف بموجب هذا الأمر القضائي تخاطر بالتحول إلى متواطئة في الإبادة الجماعية. وهذا من شأنه أن يضع الغرب في مأزق قانوني خطير. وذلك يعني في نهاية المطاف أنها لم تغض الطرف عن الإبادة الجماعية في غزة فحسب، بل كانت تشيد بها وتتواطأ فيها.

عارض القادة في المملكة المتحدة مثل رئيس الوزراء ريشي سوناك، وزعيم المعارضة كير ستارمر، بثبات وقف إطلاق النار وألقوا بثقلهم وراء الركيزة الأساسية لسياسة الإبادة الجماعية الإسرائيلية: “الحصار الكامل” على غزة الذي ترك السكان يتضوّرون جوعًا ويواجهون أوبئة فتاكة. وقد رفضت الحكومتان البريطانية والأمريكية جميع الدعوات لوقف تدفق الأسلحة، حتى أن إدارة بايدن تجاوزت الكونغرس لتسريع توريد الأسلحة إلى إسرائيل، بما في ذلك القنابل العشوائية “الغبية” التي تدمر المناطق المدنية.

ظهرت سفيرة إسرائيل لدى المملكة المتحدة، تسيبي هوتوفلي، بانتظام في وسائل الإعلام البريطانية وهي تدلي بتصريحات عن الإبادة الجماعية. وفي الأسبوع الماضي فقط، عندما أشار أحد المحاورين إلى أنها بدت وكأنها تدعو إلى تدمير غزة بأكملها – كل مدرسة ومسجد ومنزل – أجابت: “هل لديك حل آخر؟”. وخصصت وسائل الإعلام البريطانية والأمريكية وقتا لبث المقابلات مع المسؤولين الإسرائيليين الذين يحرضون علنا على الإبادة الجماعية.

كل هذا يجب أن يتوقف فور صدور الحكم. ومن المتوقع أن تقوم الشرطة في الدول الغربية بالتحقيق وأن تحاكم المحاكم أولئك الذين يحرضون على الإبادة الجماعية أو يوفرون منصة للتحريض. ومن المتوقع من الدول أن تحرم إسرائيل من الأسلحة وأن تفرض عقوبات اقتصادية عليها – وكذلك على أي دولة تتواطأ في الإبادة الجماعية. وقد يتعرض المسؤولون الإسرائيليون لخطر الاعتقال إذا سافروا إلى دول غربية.

المعايير المزدوجة
من الناحية العملية، بطبيعة الحال، من غير المرجح أن يحدث أي من ذلك. تكتسي إسرائيل أهمية بالغة بالنسبة للغرب ـ باعتبارها استعراضًا لقوتها في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالنفط ـ إلى الحد الذي يجعل من غير الممكن التضحية بها. وسيتم حظر أي جهد لفرض حكم الإبادة الجماعية من خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من قبل إدارة بايدن.

من ناحية أخرى، أظهرت المملكة المتحدة، إلى جانب كندا وألمانيا والدنمارك وفرنسا وهولندا، مدى جرأتها في التعامل مع معاييرها المزدوجة. فقبل أسابيع، قدموا حججًا رسمية إلى محكمة العدل الدولية بأن ميانمار ترتكب إبادة جماعية ضد جماعة الروهينغا العرقية. وكانت حجتهم الأساسية هي أن الروهينغا كانوا يخضعون “لنظام غذائي معيشي، وطرد منهجي من منازلهم، وخدمات طبية أساسية بمستوى أقل من الحد الأدنى من المتطلبات”.

ولكن لا تؤيد أي من هذه الدول الغربية رفع قضية الإبادة الجماعية التي تقدمت بها جنوب أفريقيا إلى نفس المحكمة ـ على الرغم من أن الظروف في غزة التي تسببت فيها إسرائيل أسوأ من ذلك. والحقيقة هي أن صدور حكم المحكمة بشأن الإبادة الجماعية من شأنه أن يفتح أبواب الجحيم على الغرب، وكذلك استعدادها لقبول تطبيق أحكام القانون الدولي.

لقد كانت إسرائيل في طليعة الجهود الرامية إلى حل القانون الدولي في غزة لأكثر من عقد من الزمن. وهي الآن تتباهى بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وكأنها تتحدى العالم لوقفها. وعلى نحو معاكس، فإنها تعمل على عكس الضمانات الدولية التي تم وضعها لمنع تكرار المحرقة النازية. فهل سيتحدى الغرب إسرائيل أم المحكمة؟ إن إجماع ما بعد الحرب، الذي كان بمثابة الأساس للقانون الدولي ــ الذي اهتز بالفعل بسبب الفشل في معالجة جرائم الحرب التي ارتكبها الغرب في العراق وأفغانستان ــ أصبح الآن على وشك الانهيار بالكامل. ولن يكون أحدٌ أكثر سعادة بهذه النتيجة من إسرائيل.

المصدر: جوناثان كونك/نون بوست