2024-11-30 06:36 م

جنوب افريقيا تقول لاهل غزة لستم وحدكم

بقلم: اسيا العتروس
جنوب افريقيا تقول لاهل غزة لستم وحدكم و احفاد مانديلا يتجهون الى محكمة العدل الدولية لرفع الظلم و انهاء جرائم الحرب على غزة و نساءها و اطفالها و شبابها و مقاومتها …طبعا لن يكون الحسم غدا و لن تقبل اسرائيل و معها الحليف الامريكي بالعدالة الدولية و لكن الاكيد ان المعركة بدأت و لن تتوقف و هذا الاهم …العدول الدولية امام اختبار حاسم و لكن المطلوب ان تستمر الجهود حتى النهاية …
يحسب لدولة جنوب افريقيا التي خبرت و عانت من سياسة الميز العنصري انها  لم تتوقف عند حدود سحب ممثلها في تل ابيب و قطع علاقاتها مع تل ابيب  بل كانت اول من بادر برفع دعوى ضد كيان الاحتلال الاسرائيلي و ما يقترفه منذ ثلاثة اشهر من جرائم حرب في حق اهالي غزة …و سيكون من المهم الاشارة الى انه حتى الان لم تعلن  أي  دولة عربية او غيرها انضمامها الى جهود جنوب افريقيا لكسب رهان المعركة القضائية التي سيكون لها تداعياتها على كيان الاحتلال …لا نريد استباق الاحداث و ندرك جيدا ان جلسة الخميس القادم التي يفترض ان تعقدها العدل الدولية ستكون ان حدثت خطوة اولى في مسار طويل و معقد يحتاج للصبر و الثبات و العمل الدؤوب لملاحقة مجرمي الحرب …و قد اصرت الادارة الامريكية  على استباق هذه الخطوة الجلسة الاولى لمحكمة العدل الدولية المقررة الخميس  القادمة بتقديم صك البراءة لكيان الاحتلال و تبرئته من جرائم الحرب و نفي اقترافه ما يتعارض مع القانون الدولي كل ذلك قبل حتى ان يتم عرض وثائق الادانة  و القرائن التي يمكن ان تدين حكومة ناتنياهو الصهيونية  ..و هي خطوة وجب الانتباه لها بالنظر لقدرة واشنطن  و اللبوبيات اليهودية المتنفذة على التاثير على توجهات المحكمة و ربما حتى الدفع الى تاجيل الجلسة واجهاضها قبل حتى انعقادها …
والامر يدفعنا الى استحضار الموقف الاسرائيلي ازاء هذه الخطوة و اعلانه القبول بهذه المحاكمة لتحويلها الى محاكمة لحماس على عملية طوفان الاقصى على ان هذا الموقف الاسرائيلي يتنزل في اطار سياسة افضل وسيلة للدفاع هي الهجوم بما يعني ان كيان الاحتلال سيسعى الى تنزيل كل جرئم الابادة الجماعية و جرائم الحرب التي يرتكبها منذ السابع من اكتوبر الماضي و حتى قبل ذلك على انها في اطار الدفاع عن النفس بعد عملية طوفان الاقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية و ذلك بهدف اسقاط كل ما سبق على مدى اكثر من سبعة عقود من الاحتلال الاسرائيلي  وانكارأن ما حدث انما كان و لا يزال بسبب الاحتلال الاسرائيلي و ما يرتكبه من جرائم يومية في حق الشعب الفلسطيني  و انكار لحقه في الحرية و السيادة على ارضه في الضفة و القطاع و القدس و من اغتيالات و استيطان و تهويد للمقدسات و من تشريد و طرد للاهالي و من حصار ومطارة للاطفال و النساء و اسر جماعي … و لاشك ان كيان الاحتلال سيجد  كل الدعم من الجانب الامريكي لتقديم كل الضمانات و منحه الحصانة من الملاحقة و المحاسبة …و هي مسألة لا يمكن ان تستمر الى ما لا نهاية لان حجم ما ارتكبته جيش الاحتلال الاسرائيلي في عدوانه المفتوح على غزة منذ تسعين يوما تجاوز كل الخطوط الحمراء و امتد الى الاغتيالات في العاصمة اللبنانية ..
ولعلنا لا نبالغ في اعتباران الموقف الامريكي الرافض لهذه المحاكمة انما يرتبط ايضا برفض واشنطن بمختلف الادارات المتعاقبة ان تقبل بمحاكمة ما ارتكبته قواتها في تدخلاتها و حروبها من افغانستان الى العراق و ليبيا و سوريا …و قناعة واشنطن ان السماح بمقلضاة اسرائيل امام العدل الدولية و لاحقا الجنائية الدولية سيكون بداية لملاحقتها ايضا و الاستجابة لمطالب كثيرة بمحاكمة الامريكيين و البريطانيين على جرائم ابو غريب في العرق و على مقتل نحو مليون عراقي خلال الاجتياح الامريكي لهذا البلد و ربما تطالب اصوات اخرى بتحقيق الهدف ذاته في تدخلات   عسكرية اخرى ..
لا شك ان الانظار ستتطلع الى ما ستفرزه جلسة الخميس القادم و التي ستكون بمثابة الاختبار الحاسم لاحد وجوه العدالة الدولية التي تتحرك عندما يتعلق الامر بما يحدث في افريقيا و لكنها تصاب بالصمم عندما يتعلق الامر بالشعب الفلسطيني و معاناته مع جرائم الاحتلال … قد تحمل المحكمة قرارا مهما بوقف العدوان على قطاع غزة بعد فشل مجلس الامن والهيئات الدولية الاخرى في ذلك عن وستكون  اذا حدث ذلك تحذيرا للمجتمع الدولي  بان بوتين ليس وحده من يستخف بالقانون الدولي و ان ناتنياهو عصابة وزراءه المتطرفين اقترفوا ما لم يقترفه بوتين او ملاديتش او حتى كارادجيتش في يوغسلافيا السابقة ..
الاكيد و بعيدا عن استباق الاحداث ان احفاد الزعيم مانديلا  االذين عرفوا الاضطهاد و العنصرية البغيضة يقولون للعالم ان غزة ليست وحدها و لن تكون وحدهاو انه سيتعين على بايدن الذي خرج معلنا ان اسرائيل ليست وحدها الانصات الى صوت جنوب افريقيا و الراي العام الدولي الذي يطالب بوقف الحرب  و انهاء المعاناة و الظلم على فلسطين و اهلها ..
كاتبة تونسية
المصدر: رأي اليوم