2024-11-27 01:53 م

الحرب في غزة تهيمن على الحوارات في الخليج وتثير أسئلة حول جدوى التطبيع

قالت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير لمراسلتها سوزانا جورج أن الحرب في غزة مثلت اختبارا للعلاقات التي تقوت حديثا بين بعض دول الخليج العربية وإسرائيل، مما أثار تساؤلات حول الرؤية المدعومة من الولايات المتحدة للنظام الإقليمي التي تركز على العلاقات الاقتصادية بدلا من الخلافات السياسية والانقسامات التاريخية.

وبحسب الصحيفة فمن غير المرجح أن يؤدي الصراع إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين دول خليجية وإسرائيل، إلا أنه أربك حسابات القوى الخليجية الناشئة التي ترى في إسرائيل شريكا أمنيا محتملا وثقلا موازنا لمنافستها الإقليمية إيران. وأكدت على أنه يتعين الآن على الزعماء أن يتعاملوا مع موجة من الغضب الشعبي بشأن الحرب التي أودت بحياة أكثر من 13300 شخص وتركت معظم أنحاء غزة في حالة خراب.

وأشار التقرير إلى أن زعماء الخليج أدانوا في خطاباتهم وبياناتهم ومنشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، الموت والدمار في غزة، لكنهم حرصوا أيضا على التأكيد على “أهمية الاستقرار الإقليمي وخطوط الاتصال”.

ولفت إلى أنه طالما دافعت الولايات المتحدة عن التطبيع العربي مع إسرائيل عبر إدارتين. وأقامت الإمارات والبحرين علاقات رسمية مع إسرائيل في عام 2020 بموجب اتفاقيات إبراهام التي توسطت فيها الولايات المتحدة، وتلاها المغرب والسودان. وكانت واشنطن تأمل أن تكون السعودية – القوة المهيمنة في الخليج – هي التالية. لكن الآن، هذه الخطط معلقة.

وقال الرئيس بايدن في وقت سابق من هذا الشهر: “لا أستطيع إثبات ما أنا على وشك قوله. لكنني أعتقد أن أحد الأسباب التي دفعت حماس إلى الهجوم عندما فعلت ذلك هو أنهم كانوا يعلمون أنني كنت أعمل بشكل وثيق للغاية مع السعوديين وغيرهم في المنطقة لإحلال السلام في المنطقة من خلال الاعتراف بإسرائيل وحق إسرائيل في الوجود”.

ودعت السعودية إلى وقف شامل لإطلاق النار في غزة، ووصفت الحرب بأنها “تطور خطير” و”كارثة إنسانية”. وفي الداخل، اتخذت المملكة خطوات لتوجيه التعبير العلني عن التضامن مع الفلسطينيين إلى جهود الإغاثة وجمع التبرعات.

ودافعت الإمارات والبحرين عن علاقاتهما مع إسرائيل، قائلة إنها تسمح لهما بالعمل كقوة معتدلة في الأزمة.

وقال أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، إن بلاده تتمتع بنفوذ على إسرائيل لم يكن ليوجد لولا ذلك. وقال إنهم استخدموا نفوذهم حتى الآن للضغط من أجل الإغاثة الإنسانية، “لكن هذا النفوذ سينمو أيضا في مرحلة ما”.

وخلافا للمواقف السياسية فإن الحرب في غزة هيمنت على الحوارات في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الاحتجاجات وفي محادثات مائدة العشاء، حيث يقول العديد من المواطنين الخليجيين إنهم يريدون من قادتهم أن يفعلوا المزيد.

ونقلت الصحيفة عن صيدلانية تبلغ من العمر 45 عاما حضرت مؤخرا احتجاجا مناهضا للتطبيع مع شقيقتها وابنة أختها الرضيعة في المنامة، عاصمة البحرين: “لم نر أي فائدة. يجب أن نضغط على إسرائيل، هذه هي الطريقة التي تنهي بها الفصل العنصري، بالمقاطعة”.

وقالت: “مع التطبيع، ما تقوله هو أن ما يحدث للشعب الفلسطيني أمر طبيعي”. ولا تعتقد هذه السيدة، وعائلتها فلسطينية، أن العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ساعدت المنطقة. “لو كان لدينا استقرار، لما حدث ما يحدث في غزة. كان عدم الاستقرار موجودا دائما، والآن أصبح الأمر في العراء ليراه الجميع”.

ومع تزايد الغضب الشعبي، قللت الشركات الإسرائيلية في الخليج من حضورها العام. فهي تتغيب عن المعارض التجارية، وتسحب الإعلانات وتقلص من عدد الوفود الرسمية.

وبحسب واحد من رجال الأعمال في الخليج الذي يعمل على نطاق واسع مع الشركات الإسرائيلية: “تحت السطح، الأمور تسير كالمعتاد. نحن نعلن عن العلاقة بشكل أقل”.

وقال: “كانت العلاقة التجارية موجودة قبل [اتفاقيات إبراهام] وستكون موجودة بعد انتهاء هذه الأزمة”.

لكن المستهلكين يتحدثون بمحافظهم. وقد اكتسبت حركة المقاطعة الشعبية ضد العلامات التجارية الغربية، بما في ذلك ستاربكس وماكدونالدز، الدعم في الخليج وفي جميع أنحاء العالم العربي.

ووصفت مستشارة كويتية في وسائل التواصل الاجتماعي، تبلغ من العمر 30 عاما أمضت حياتها كلها في دبي، العلاقة مع الشركات الإسرائيلية في الإمارات العربية المتحدة بأنها “غير مريحة”. وقالت إنها كانت تجتمع بانتظام مع ممثلين عن العلامات التجارية الإسرائيلية، لكنها تراجعت خطوة إلى الوراء منذ بدء الحرب. وهي تشك في أن الأمور ستعود على الإطلاق إلى ما كانت عليه قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر.

وفي حين تبدو الحياة في الإمارات، ظاهريا، وكأنها طبيعية، إلا أن السيدة قالت إن الحرب كانت تستهلك كل شيء. وتهيمن على المحادثات مع الأصدقاء والعائلة. قالت: “الجميع يشعرون بالخدر”. ومثل الآلاف غيرها، انضمت إلى حملة المساعدات التي نظمتها الحكومة في دبي.

وقالت: “أردت أن يكون لدي متنفس لأشعر بأنني أصنع فرقا، حتى لو كان تافها. هذا أفضل ما يمكنني فعله. يداك مقيدتان لذا ستفعل كل ما يمكنك فعله في حدود مواردك”.

ومهما كانت مشاعر العجز والإحباط واسعة النطاق هنا، إلا أنها قالت إنها لم تترجم إلى مشاعر مناهضة للحكومة.

وفي البحرين، يبدو الغضب أكثر حدة، وربما أكثر إثارة للقلق بالنسبة للسلطات.

وعلى بعد أميال قليلة من فندق الخمس نجوم الذي يستضيف القمة الأمنية في المنامة، تظاهر مئات الأشخاص ضد التطبيع، وهم يهتفون “من رام الله إلى البحرين شعب واحد لا شعبين” و”لا للتهجير لا للتطبيع، تحيا فلسطين”.

وحصلت المسيرة على تصريح احتجاج من قبل حكومة البحرين – وهو اعتراف، كما قال الحاضرون، بأن السخط العام أصبح الآن قوة سياسية لا يمكن إنكارها. واعترف رجل بحريني يبلغ من العمر 33 عاما، يعمل أمين معرض فني ويصف نفسه بأنه مؤيد للحكومة، بأنه لم يكن مرتاحا أبدا لقرار بلاده تطبيع العلاقات. والآن، بعد أن رأى وحشية الحرب في غزة، يأمل أن تعكس السلطات مسارها.

وقال: “لا أعتقد أن قيادة أي مجتمع تعكس قيم ذلك المجتمع بشكل مثالي، ولكن في هذا الصدد آمل أن يتغير الأمر، وآمل أن يقطعوا العلاقات”.