2024-11-27 04:45 ص

تفاصيل مثيرة تكشف لأول مرة عن خداع حماس للاستخبارات الاسرائيلية في "طوفان الأقصى"

قالت صحيفة الغارديان، إن أمر تنفيذ عملية طوفان الأقصى، صدر قبل الساعة الرابعة فجرا، يوم السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.

وأشارت في تقرير ترجمته "عربي21" إلى أن الأوامر صدرت بحضور كل من شاركوا في الدورات التدريبية، وقت صلاة الفجر، وجرى تمرير الأوامر بطريقة شفهية، بإحضار السلاح الشخصي، والذخيرة الموجودة لدى الأفراد، ووضعها في أماكن محددة.

وقالت، إنه خلال ساعة، كانت السماء تضيء، وكافة المجموعات التي استدعيت، تتفرق للتحرك، دون أن تعلم لحظة الاستدعاء، ما هي الوجهة، بسبب السرية الشديدة للعملية.
وأوضحت الصحيفة أنه تمت صياغة الخطة، من قبل عدد قليل من قادة حماس المخضرمين، وكانت أجهزة الاستخبارات العسكرية والمخابرات الإسرائيلية التي تتبجح بقوتها في المنطقة، غائبة عن الوضع.

وكان القرار بتمرير المعلومات بصورة شفهية، إلى الآلاف من مقاتلي حماس، المنتشرين في قطاع غزة، ضمن سلسلة إجراءات مصممة لخداع أحد أقوى أنظمة المراقبة في العالم، والحفاظ على أي كلمة قد تتسرب إلى شبكة جواسيس الاحتلال في غزة.
وقالت الصحيفة، إن تعليمات العملية وصلت إلى قادة الكتائب، الذين يبلغ عددهم 100 أو أكثر، ثم لقادة الفصائل المكونة من 20-30، ثم إلى الفرق ووصلت الرسائل إلى كافة الأفراد الذين شاركوا في التدريبات المكثفة خلال الفترة الماضية في مواقع القسام المختلفة.

وأشارت إلى أن لحظة تجمع المقاتلين، تم توزيع الذخيرة الإضافية، وأسلحة أكثر قوة، وكانوا تدربوا على مثلها خلال الأشهر الماضية، وأعادوها إلى مخازن الذخيرة بعد كل تدريب، وحملوا قنابل يدوية، وقذائف صاروخية ورشاشات ثقيلة وبنادق قنص قبل الانطلاق.

وعند الساعة السادسة صباحا، مع شروق الشمس، صدر الأمر النهائي، واندفع المقاتلون عبر الفجوات التي تم خرقها في السياج المحيط بغزة، والذي كلف مليار دولار، لمهاجمة الجنود على الجانب الآخر.
وقالت الصحيفة، إن هذه الرواية، مستمدة من لقاءات مع مخابرات الاحتلال، وخبراء، ومحققين مع الأسرى الفلسطينيين من عناصر القسام خلال العملية، ومواد نشرتها الحركة.

وأشارت إلى أنه على الرغم من صعوبة التحقق من العديد من المزاعم فيها، إلا أن خبراء موثوقين ومستقلين في حماس، وصفوا الرواية بالمعقولة.

وشددت على أن المعلومات تسلط الضوء على الإخفاقات المتعددة لأجهزة الأمن الإسرائيلية التي أدت إلى مقتل 1100 مستوطن وأكثر من 300 جندي.

وقالت الصحيفة إن أحد عوامل النجاح كان العدد الهائل للمقاتلين الذين اندفعوا عبر السياج، والذي يصل إلى 3 آلاف شخص، بمن فيهم عناصر الجهاد الإسلامي، والذي لم يبلغ مسبقا بالعملية لكنه انضم فور اختراق السياج.

وأضافت أنه لاحقا، تدفق المدنيون خارج غزة وسط الفوضى العامة، شجعتهم الاستجابة البطيئة لقوات الاحتلال.

وأشارت الصحيفة، إلى أنه وفقا للأوامر المكتوبة، لوحدات القسام، فإن الخطة الدقيقة، وضعها رجلان، هما يحيى السنوار ومحمد الضيف القائد العام لكتائب القسام.

وأعطيت كل وحدة هدفا منفصلا، من قواعد عسكرية، مستوطنات، طرق، وفي كثير من الأحيان، كان معهم خرائط توضح تفاصيل الدفاعات والمواقع الرئيسية داخل الأهداف، إضافة إلى أن الحفلة التي قتل فيها العشرات لم تكن من بين الأهداف.
وقالت الصحيفة: أعطيت 3 مهام لوحدات مختلفة، لمهاجمة القواعد العسكرية، والتي تعاني من نقص الأفراد، أو مستوطنين.

وأشارت إلى أن حماس حملت المسؤولية في الكثير من الأخطاء التي ارتكبت بحق المستوطنين، لأشخاص مدنيين دخلوا بعد اقتحام السياج.
وصدرت أوامر لوحدات أخرى بالدفاع عن مواقعها ضد القوات العسكرية الإسرائيلية عندما تأتي، وغالبا ما يتم ذلك بنصب كمائن على الطرق الرئيسية، وقالت المصادر إن هذه لم تكن مهمة انتحارية، لأن مقتل المهاجمين لم يكن جزءا من العملية، وهي نقطة من الشريعة الإسلامية أخذها مخططو العملية بعين الاعتبار.

وقالت إنه جرى تكليف مجموعة ثالثة من الوحدات باحتجاز أكبر عدد ممكن من الرهائن وإحضارهم إلى الفجوات الموجودة في السياج حيث كانت فرق مخصصة تنتظر أخذ الرهائن إلى مجمع الأنفاق الواسع تحت غزة، ويعتقد أن هذا هو المكان الذي يحتجز فيه أكثر من 240 شخصا، بالإضافة إلى أفراد عسكريين، وحتى الآن تم إطلاق سراح أربعة فقط وتم إنقاذ واحد بزعم إسرائيلي.
ويعتقد مسؤولو الأمن الإسرائيليون أن القيادة السياسية لحماس في الخارج لم يتم إخبارها بتفاصيل العملية، ولا حلفاء حماس في إيران، على الرغم من أن كليهما ربما كان على علم بوجود شيء ما يجري التخطيط له، وقال مصدر مقرب من حماس لرويترز الشهر الماضي: "لقد كانت دائرة ضيقة للغاية".

وقال مسؤولون في حماس إن التخطيط للهجوم بدأ قبل عامين، بعد اقتحامات الاحتلال للمسجد الأقصى في القدس، ثالث أقدس المواقع الإسلامية. وقالت مصادر إسرائيلية، إن الجدول الزمني كان أقصر ربما سنة أو 18 شهرا وأنه خلال هذه الفترة بذلت جهود لتعزيز الاعتقاد الإسرائيلي بأن حماس حولت تركيزها من الهجمات ضد إسرائيل إلى التنمية الاقتصادية في غزة.
ولم يتم بعد تحديد الدور الدقيق لقادة حماس المختلفين في الهجوم، ولكن من الواضح أن السنوار والضيف كانا محوريين في التخطيط له.

والضيف هو القائد العام لكتائب القسام، ويبلغ من العمر 58 عاما، وانضم إلى حماس، منذ العشرينيات من عمره، وتعرض للكثير من محاولات الاغتيال، واستشهدت زوجته وابنه الصغير، في قصف للاحتلال عام 2014.

ويحيى السنوار (61 عاما)، هو أيضا أحد الأعضاء المؤسسين لحركة حماس قضى 23 عاما في السجون الإسرائيلية لقتله جنودا إسرائيليين وقبل إطلاق سراحه من بين أكثر من ألف أسير تم تبادلهم في عام 2011 مقابل جلعاد شاليط، وهو جندي إسرائيلي تم أسره على يد حماس قبل خمس سنوات.

وعند إطلاق سراحه، قال السنوار إن تجربته علمته أن أسر جنود إسرائيليين هو السبيل الوحيد لتحرير السجناء. وقال صحفي التقى السنوار قبل عقد من الزمن لصحيفة الغارديان إن زعيم حماس كان يركز بشدة على هذا الهدف لدرجة أن الأمر بدا كما لو أن "العالم لم يكن موجودًا خارج نطاق مقل عينيه".
ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم، إن الأهداف الأخرى لعملية طوفان الأقصى "تشمل على الأرجح وقف الجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، وزيادة تقويض السلطة الفلسطينية، وصرف الانتباه عن فشل حماس في تقديم الخدمات أو كسر الحصار المفروض على غزة، وإثارة رد فعل عنيف. من إسرائيل والتي ستحشد مؤيديها في غزة والضفة الغربية وأماكن أخرى" بحسب الصحيفة.

وبعد خمسة أيام من الهجوم، ادعى أحد قادة حماس أن الهجوم كان بمثابة ضربة استباقية تم شنها بعد أن علمت المنظمة أن القوات الإسرائيلية كانت تستعد لهجوم كبير على غزة بعد عطلة عيد العرش اليهودي.

ونقلت عن "العديد من الخبراء ومصادر أمنية إسرائيلية أن حماس فوجئت بنجاحها. وقال مسؤولون إسرائيليون إن الاستجابة البطيئة للقوات الإسرائيلية مكّنت بعض الوحدات من القيام برحلات متعددة إلى إسرائيل من غزة لإعادة المزيد من الرهائن. كما قام بعض المدنيين الذين عبروا الحدود إلى إسرائيل باحتجاز أسرى، مما يعقد جهود الإنقاذ والمفاوضات الحالية، وفقًا لمصادر إسرائيلية وحماس".
وقامت حماس بتزويد المهاجمين بكاميرات GoPro لالتقاط صور للهجوم. ولا يوجد دليل على أن حماس كانت تأمل في السيطرة على الأراضي أو إثارة هجوم أوسع، على الرغم من أنه قيل لبعضها أن يقاتل حتى النهاية. وعلى الرغم من ذلك، فقد استسلم عدد منهم. ولن يذكر المسؤولون الإسرائيليون عددهم، بل سيذكرون فقط أن هؤلاء الأسرى كانوا مصدرا مفيدا للمعلومات.
وقالت الصحيفة، إن حماس، أمرت بعض المهاجمين بالتراجع، مع بدء تحرك القوات الإسرائيلية للاحتشاد، وعاد العديد من كبار القادة إلى غزة، وهذا يعني أنه رغم استشهاد عدد من المقاتلين ووحدات النخبة، إلا أن معظم القادة بقوا على قيد الحياة، ومنذ ذلك الحين، استشهد أكثر من 10 آلاف فلسطيني جراء القصف العنيف على غزة، ومن بينهم أكثر من 4 آلاف طفل.