2024-11-27 12:33 م

 يوم القيامة الفلسطينية.. فلسطين يا أرض الجدود!

بقلم: خالد شــحام

كما تلاحظون هنا ولا يلزمكم محللين ولا صحافيين ولا حكماء فالمقاومة الفلسطينية  تنجح في ثلاثية المستحيلات وتضع في عيوننا جميع الحقائق الصحيحة والجديدة التي لم يكن أحد ليحلم بإحداثها : الحقيقة الأولى هي  جمع العرب من شرق الأرض الى مغربها وتوحدهم ضد عدوهم الأول والأخير، الحقيقة الثانية البسيطة بأن اسرائيل اوهن من بيت العنبكوت هي عبارة صحيحة تماما وكمالا ، الحقيقة الثالثة هي الحقيقة العربية بتاريخها و بجيوشها وسياساتها ومرجعيتها التي تصب كلها في التبعية الأمريكية العمياء وسقوط كل الخدع  والتاريخ المفبرك واستراتيجيات التزييف والضحك على الشعوب  ، معركة الصور تتفجر مثل الينابيع لتروي العطشى ، الشباب العربي الفلسطيني يكبر بإسم الله ويضرب من كل صوب وحدب ، لا داعي لكثرة الكلمات وخطب الإنشاء فالنار العربية التي صبرت طويلا واحتملت طويلا تتجلى اليوم مثل المارد يخرج من قمقمه ، هنا فلسطين ، هنا القاهرة ، هنا بغداد ، هنا نواكشوط ، هنا صنعاء ، هنا دمشق كلها تلتقي على الهواء مباشرة شعوبا لا أنظمة رغما عن أنوف المفرقين والمهدئين والباحثين في حفر الديدان عن ظاهرة السلام المفقود .
بالأمس وطيلة الليلة الماضية وخلال تجوالي بين قنوات العرب لسماع تفاصيل الحدث كانت هنالك قنوات وعبارات وتحليلات  يمكنكم رصدها بسهولة تكاد تنطق ( لولا شعرة الحياء ) بالعبارات الاتية مع بعض المواربة : مائتان وخمسون شهيدا اسرائيليا ، ارهابيون فلسطينيون مسلحون يقتحمون الاراضي الاسرائيلية – الرئيس يطالب بإبادة الارهاب الفلسطيني والمعتدين على السلام والمسالمين – الارهابيون من الأخوان المسلمين يعتدون على المستوطنات المسالمة – تخريب وعبث في الأراضي الاسرائيلية !
قبل أي كلام نقوله تعليقا  فالمقاومة الفلسطينية قالت كل شيء ولم يتبق من الكلام  إلا الفتات وأرسلت رسالتها في كل اتجاهات التحرير لشعوب العرب من اسرائيل ووكلاء اسرائيل والمؤمنين بعقيدة بايدن واسرائيل ، العرب أولا  ليسوا ظاهرة صوتية  لكل أولئك المدمنين على الهزيمة  ، والمقاومة الفلسطينية الشريفة ثانيا  لن يلوثها شيء ولم تستسلم أو تعلن الرضى مقابل المعابر وبعض الفتات والدهلزة عليها من الأعراب ببعض المساعدات ، فلسطين ليست للبيع ولا للتجزأة و للتبعية والاستعباد وكل من يراهن على هزيمة العرب او فقد الثقة بعروبته وعقيدته  فهو منهم.
إن دموعي لم تنزل فقط لأن المقامة الفلسطينية كسرت أكبر جدار للخوف منذ عشرات السنوات ولبت نداء أرواحنا المتعبة ، بل عندما قرأت وشاهدت وسمعت أصوات العرب من الجزائر والمغرب ومصر والسعودية واليمن وعُمان وكل مكان وهي تلتهب وتبكي  وتجهش بالبكاء دعاءا ونصرة لفلسطين وتحرر كلماتها وكأنها حبيسة مقيدة منذ سنوات طويلة  ، هذه هي حقيقة الروح العربية التي يريدون قتلها ومنعها ، وتوثيقا لكل ما سبق لا بد من التأكيد على الحقائق الآتية :
ان روح معركة سيف القدس تكتمل في طوفان الاقصى ولا خلاف ولا تنافر بين النهجين وكلا المعركتين هي الرسالة الأكبر ليس للصهاينة فحسب بل لكل الأنظمة التي تراهن في حماية عروشها عبر الركوع للأمريكان والصهاينة ، الشعوب سوف تنتصر ولن يوقف مسيرها شيء .
ان المقاومة الفلسطينية وبخلاف ما يزرع من شكوك وريبة حولها بسبب نهجها الاسلامي ثبتت على المصلحة الوطنية العربية وهي بذلك خدمت كل الالوان والتنوعات الفكرية مهما كانت ما دامت بوصلتها فلسطين وتحرير الشعب الفلسطيني ، إن الاعيب الطعن في حماس والجهاد الاسلامي وتدوير خضوعهما القيادي نحو الأخوان وايران هو مجرد التفاف وتحريف خطير ، حماس ليست هي من يقف في أرض المعركة ومخطىء جدا كل من يطلق هذه التسميات الفئوية التي يحصرها العدو في حماس والجهاد ، من يقاتل اليوم هم ابناء فلسطين والمقاومة الفلسطينية وليس غير ولا تهمنا كل الانتماءات التنظيمية لأننا لا نعبد أحدا ولا نموت لأجل الاسماء .
إن هذه الاحداث لها القدرة فورا على إحداث أثرين خطيرين على أنظمة سايكس- بيكو  ، الخطر الأول هو الفرز والتصنيف وكشف اعداء الأمة المتنكرين بالحكمة والنصح وتمييز من يقف مع الحق من الباطل ، اعداء الأمة واضحون و لم يناموا ليلهم الطويل بالامس ، الخطر الثاني هو قدرة هذه الروح على اشعال ثورات الشعوب والهام روح التحرر التي تنتظرها شعوب العرب لذلك لا بد من قتل أية بادرة أو مواقف أو تحركات.
إن أخطر نقطة تلعب عليها السياسة الصهيونية تتمثل في العبث العقلي للجماهير ومخاطبة الأنظمة الدولية وتسويق معركتها ضمن إطارين ، الأول هو حصر المعركة بين حماس و (اسرائيل ) وبالتالي فالشعب الفلسطيني في عزلة عن هذه المعركة وهذا الصدام ويبدو كأنه ضحية (لمغامرات ) حماس ، والثانية هي أن العدو الكبير الخفي في المعركة هو ايران التي تثير المتاعب في الآقليم وتتسبب في إراقة الدماء وهدر فرص السلام وليست المسألة أن هنالك أرضا محتلة وشعبا يريد حريته.
ان وعد الاخرة ليس اسطورة ولا خرافة دينية من المهلوسات التي يسخر منها المنكرون ، خطاب بايدن بالأمس ومنحه الاذن  بالقتل والإبادة عزز هذه الحقيقة كي يزداد المؤمنون ايمانا  ، لقد كشف العدو الكبير للعرب مباشرة ومنح الصلاحية لانتشار النار إلى أبعد الحدود وهذا يعني أن الصراع والوعد الاخرة هو حقيقة فيزيائية ونتيجة حتمية لنهاية مسار طويل من الدم والنزف والقتل المستمر بحق الشعوب العربية ، والنتيجة أننا أمام احتمالية لحرب اقليمية تتشابك فيها كل الخطوط من حيث لا أحد يحتسب .
أن المقاومة الفلسطينية وقبل أن تذهب بقدميها لهذه المعركة تدرك وتعلم العواقب ولن يخيفها شيء ولن يثنيها شيء ، وهذه هي القلوب التي ستقود المعركة الكبرى لخلاص المنطقة الكامل ، شعوب العرب الان امام منعطف كبير وكوني للوقوف في مكانهم وموضعهم الصحيح من الحدث والتفاعل معه بالقلب والعمل لأن التاريخ لا يمنح الفرصة مرتين .
عاشت الصواريخ الناطقة بالعربية والتي تخاطبك يا بايدن أنت ومملكتي الشر القديمتين فرنسا وبريطانيا ، عاشت اليد العربية الحرة التي لطخت وجه الاستعمار بالذل والعار والهزيمة ،  عاشت الروح الحرة التي لا تخاف الاساطيل البحرية الأمريكية ولا الجيوش الورقية ، عاشت فلسطين حرة أبية ، عاشت الروح المأسورة والتي تتحدى العالم وطغاة الزمان في معجزة الفئة القليلة التي هزمت فئة كثيرة بإذن الله.
كاتب عربي فلسطيني