2024-11-28 01:45 ص

من “شيكاغو فلسطين” الى شعفاط الاشارة والبشارة..

2022-10-22

 بقلم : حمدي فراج
عزى مراسل القناة 13 العبرية “يوسي ايلي” عدم تمكن الجيش الاسرائيلي من اعتقال او اغتيال منفذ عملية حاجز شعفاط العسكري والذي اودى بحياة المجندة واصابة جنديين آخرين ، عزى ذلك الى ان شبان المخيم ذهبوا الى حلاقة شعرهم و قصه “على الصفر” ، كما يقال ، تشبها بمنفذ العملية الذي ظهر في كاميرات المراقبة كذلك ليلة تنفيذه العملية ، في محاولة ابتدائية منهم لحمايته . بين العملية و بين الحلاقة ستة أيام ، بمعنى ان فشل الجيش والشرطة والمخابرات والمعاونين والكاميرات و الهواتف الذكية والغبية ، مر وقت طويل نسبيا ، فيأتي الاعلام الاسرائلي لحصر سبب الفشل في حلاقة عدد من الشبان شعرهم .

ستة ايام بلياليها ، أخضعت فيها اسرائيل المخيم و عدد من القرى المتاخمة الى حصار واغلاق و منع تجول غير معلن لما يزيد على مئة و ثلاثين ألف فلسطيني من حملة هوية القدس “اورشليم العاصمة الموحدة الابدية” ، يتم إخضاعهم لعقوبات جماعية ليس لهم بالعملية البطولية اي شأن ما عدا ان المنفذ ينحدر من احدى عائلات المخيم ، و بعد اعتقال احد عشر شخصا من مقربيه ، توقفت المواصلات والمدارس والعيادات والدكاكين والأفران والمواد الغذائية . الاعلام الاسرائيلي “الحر والديمقراطي والمتنور” لم ير في حلاقة عدد من الشبان شعورهم ، الا سببا في اخفاق الامن الاسرائيلي العثور على المنفذ ، ما لم يره الاعلام الفلسطيني الرسمي ، من انه ايثارية تضحوية فلسطينية تلقائية تعيدنا لربما الى زمن بعيد ، زمن التضامن والتعاضد والتكاتف .

ما الذي يدفع الى تجاهل هذه الخطوة مثل هذا التجاهل المطبق ، في حين يقوم الاعلام الاسرائيلي بحرفها والتحريض عليها واعتبارها سببا لفشل العثور على المنفذ .

إنها الخطوة المأثرة التي يقدم عليها مخيم شعفاط الذي بذلت اسرائيل عبر سبعين سنة من عمرها و عمره كي تغرقه في الآفات والموبقات و المخدرات و التسريب من المدارس ، حتى اصبح البعض يطلقون عليه شيكاغو فلسطين ، و ها هو يفشلهم و يفشل مخططاتهم و يثبت ان انتماءه لفلسطين و مقاومتها لا يقل عن اي مكان آخر ، بل انه في اقدام شبانه على حلاقة شعرهم وفق السياق المذكور ، يثبتون انهم مقاومون ايثاريون مستعدون لتعريض حياتهم لخطر القنص والقتل و بالتالي تقديم ارواحهم رخيصة في سبيل حماية احد ابناء مخيمهم حين يتشبهون به بالجملة من اجل حمايته .

قبل ايام كنا في واجب تقديم العزاء لشهيد مخيم العروب اسامة عدوي ابن السبعة عشر عاما ، واذا بهتافات عالية تخرج من مسيرة قادمة للعزاء تناهز خمسين ولدا ، و عندما سألتهم من اين انتم ، قالوا من شعفاط . نصيحة لكل سياسي فلسطيني من حقبة وهم السلام ، ان لا يراهن في حساباته على الشعب الفلسطيني إن كان حقا يريد ان يضطلع بتمثيل ما لهذا الشعب ، فمن شعفاط جاءت الاشارة والبشارة .