بقلم: محمد عايش
رد الفعل العربي على إعلان رئيسة الحكومة البريطانية الجديدة عزمها نقل سفارة لندن من تل أبيب إلى القدس يكاد يكون معدوماً، إذ لم نسمع أي تعليق عربي ولا أي صوت بشأن ما تم الإعلان عنه قبل أسابيع، لا بل ربما يكون الصمت العربي المريب والغريب هو الذي أغرى رئيسة الحكومة بأن تتحمس وتقول بأنها "صهيونية وداعمة لإسرائيل".
رغم مرور أسابيع على الإعلان بأن بريطانيا قد تنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس إلا أن ردود الأفعال العربية تكاد تكون معدومة، اللهم إلا من رسالة يتيمة بعث بها سفراء عرب إلى رئيسة الوزراء ليز تراس وأبلغوها فيها رفضهم لهذا التحرك، وهي الرسالة التي أوردتها جريدة "الغارديان" البريطانية دون أن تكشف بالضبط من هي الدول العربية التي بعثت بهذه الرسالة ولا من هم السفراء العرب الذين وقعوا عليها.
من المعروف أن نقل السفارة إلى القدس يعني عملياً الاعتراف بأن المدينة المقدسة المحتلة هي عاصمة الدولة العبرية، وهذا ما يُشكل أولاً انتهاكاً للقانون الدولي، وانتهاكاً لقرارات الشرعية الدولية التي يعترف بها العالم ومن ضمنه بريطانيا، وفي مقدمة هذه القرارات القرار 224 والقرار 338 وكلاهما صادر عن مجلس الأمن ويطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها في العام 1967، وهذه القرارات من المفترض أنها ملزمة لكن إسرائيل لا تكترث بها، كما أن نقل الولايات المتحدة لسفارتها لا يعني أن هذه القرارات أصبحت بلا قيمة بل يعني أن الأمريكيين أصبحوا ينتهكون القانون الدولي.
نقل الولايات المتحدة لسفارتها إلى القدس في العام 2020، ومن ثم التوجه البريطاني لنقل السفارة، إنما يُشكل إدانة جديدة للدبلوماسية العربية التي تكاد تكون غائبة تماماً في عواصم صنع القرار بالعالم الغربي، لا بل إن المرعب هو أن بعض السفارات العربية قدمت وربما لا زالت تقدم الدعم لشركات علاقات عامة ولوبيات من أجل مهاجمة بعضها البعض والضغط على دول أخرى شقيقة، بينما تختفي هذه السفارات ولا يصبح لها أي أثر في القضايا العربية الكبرى.
ما هو الموقف الأردني من نقل السفارة البريطانية إلى القدس؟ والجميع يعلم بأن الأردن يقيم علاقات صداقة دافئة مع لندن، فضلاً عن أن الأردن هو صاحب الوصاية والولاية على المدينة المقدسة، وحصل على اعتراف إسرائيلي بذلك في معاهدة وادي عربة التي أبرمها مع الإسرائيليين في العام 1994.. فأين هو الموقف الأردني؟ ولماذا لم نسمع عن أي تحرك لثني الحكومة البريطانية عن ذلك؟!وماذا عن الموقف الخليجي؟ فدول الخليج التي قيل إنها لا تستطيع أن تضغط على الولايات المتحدة ولا أن توقف قرار ترامب بنقل السفارة إلى القدس لا بد أنها تحظى بمكانة مختلفة في لندن ويعرف الجميع ذلك.
ثمة سؤال كبير ومهم في هذا السياق، وهو ماذا تفعل السفارات العربية في عواصم العالم إذا لم يُسمع لها أي صوت في مثل هذه القضايا العربية الكبرى؟ وإذا لم تتحرك لخدمة المصلحة العليا لأمتنا فمتى يمكن أن تتحرك؟ وأين الجامعة العربية ووزراء الخارجية العرب وغيرهم من رموز الدبلوماسية العربية؟.. هل أصبحوا غائبين إلى هذه الدرجة؟!
المصدر: عرب ٢١