2024-11-27 09:35 م

تجزئة المقاومة في غزة بادره خطيره ترقى للمؤامرة

2022-08-07

بقلم: فؤاد البطاينة
لقد كانت سياسة الكيان الصهيوني في مواجهته للدول العربية هي التعامل معها على انفراد. وهي سياسة أصرَّ عليها حتى تمكن من هذه الدول، ومن إقامة معاهدات تعاون وصلح معها من ناحية، وعزلها أو تحييدها عن فلسطين وقضيتها ثانياً. وكان من المفترض بعد ذلك أن تنتبه الحركة الوطنية الفلسطينية لنفسها من غزو هذه السياسة لها. نقفز في هذا عن أوسلو كوسيلة لشق الصف الوطني بين معسكرين، معسكر أوسلو الإستسلامي ومعسكر المقاومة.
لقد تبلور لدينا في غزة حركتي مقاومة رئيستين  بقيادتين سياسيتين ومثلهما عسكريتين. وفي مساحة كمساحة قطاع غزة، لا مبرر لهذا أن يبقى طوال سنين، وإلّا فسيقود في المحصلة الى تنافس استقطابي بوجه سياسي يتحول بطبيعة الحال إلى سلوكيات شعبوية مهما تستخدم فيها عمليات ضد الإحتلال فلن تكون صحية في المحصلة . هاتان الحركتان المقاومتان إلإسلاميتان مدعومتان بالسلاح من جهة واحدة هي أيران لا غير، إحداهما وهي الجهاد الإسلامي أكثر التزاما سياسيا مع الدولة الداعمة بينما الأخرى والأوسع حركة حماس تتحمل المسؤولية الإدارية والسياسية في غزة كما تتحمله أي حكومة لدولة، وقرار الحرب أو السلام بيدها حتى لو كان بالتشاو مع الجهاد.
هذه المسؤولية الإدارية لحماس بكل التزاماتها الحياتية على السكان في منطقة محاصرة لمدة خمسة عشر عاماً تتحكم الى حد كبير في قراريها السياسي والعسكري وتجعلها أمام التزام فتح الأذان جيدا لمصر التي بيدها المعبر الرئيسي على العالم، وكذلك الإلتزام بأخذ بالإعتبار لمستوى الخط الذي لا تتجاوزه في علاقاتها مع إيران. فحماس تحت ضغوطات هي من وضعت نفسها في أتونها عندما تحولت الى دولة بكل مسؤوليات الدولة على حساب أجندتها الأساسية وهي أجندة المقاومة. وكان بإمكانها أن تلتزم بهذه الأجندة ضمن فلسطين واحدة وتتفرغ لتعزيز قوتها ومواجهة نهج أوسلو وليس مهادنته والتعامل معه . وأن يكون لها في حزب الله إسوة.
التطور التراجعي الرهيب في المقاومة الغزية ترجم نفسه في الحرب القائمة على غزة، حيث استطاعت الظروف التنظيمية الشاذة المار ذكرها بين الحركتين لجانب الضغوطات الخارجية والمصرية بالذات على حماس، أن تفرض الإستراتيجية السياسية الصهيونية التي أخضعت بها الدول العربية على المقاومة الغزية. وهي التعامل مع فصيلي المقاومة كل على انفراد. والله حتى لو انتصرت الجهاد الإسلامي في معركتها هذه مع الإحتلال، فستبقى بنفس الوقت نصراً عميقا للكيان طالما قد تحقق له ولأول مرة سابقة فك رباط وحدة المقاومة الغزية في المواجهة. لقد كان قرار عدم مشاركة حماس بثقلها لحركة الجهاد ومن غرفة عمليات سياسية وعسكرية واحدة أخطر حدث على مستقبل المقاومة ومستقبل العلاقة بين الفصيلين لما يشكله من سابقة تحتذى ولها تبعات منطقية. ولا أدري من كان وراء النصيحة بعدم مشاركة حماس بصرف النظر عن أية حيثيات أهي مصر أم إيران إم اجتهاد من أحد الفصيلين.
المواجهة الحالية مع العدو هي بحكم ” المؤامرة ” على المقاومة الغزية، وما كان للكيان أن يبدأ العدوان على حركة الجهاد ومتعلقاتها بغتة قبل أن يكون هناك اتفاق وتفاهم عبر الوسيط المصري مع حماس بحيادية حماس. وإن مقومات القرار الذي اتخذ بمداولة طرفي المقاومة بتولي حركة الجهاد وحدها المهمة لعبة ما كان لها أن تكون. هناك دائما خطوط حمر وتجاوزها سقوط. وما كانت الضغوطات أو الوعود يوما مبررا لتجاوزها عند صاحب قضية وطن. هناك اتفاقيات مبدئية في أي تحالف استراتيجي بين دولتين غريبتين عن بعضهما يقضي بأن الإعتداء على أحداها يُعتبر اعتداء مباشرا على الأخرى. فكيف نفسر ما حدث في غزة ؟ قد نقول ليس هناك تحالف استراتيجي بين الفصيلين اللذين على نفس الأرض، فهل غزة بأرضها وشعبها ومقدراتها وكوطن عندما تهاجَم تُفقِد الفصيل الأخر مسؤوليته اتجاه كل هذا؟ فهذا ليس حركة الجهاد بل غزة وشعبها. ولكن هذا ما حدث عمليا، فكيف يكون الجواب ؟ مهما كان تبريره لن يكون كافياً. هذا ما يجب بحثه بعمق. لعلها المؤامرة يتبعها الإستسلام القائم على وعود. ولا أتهم هنا حماس ولكن أتهم من يتأمر عليها ونأمل أن لا نرى مستقبلا مؤلماً على سلامة المقاومة الغزية.
باحث وكاتب عربي