2024-11-30 06:46 م

انعدام أسس تزاوج اليهودية مع الإسلام.. وفخ الديانة الابراهيمية

2022-07-20

بقلم: فؤاد البطاينة
مشروع الديانة الإبراهيمية هو وليدَ فشل كل الأساليب العنفية والناعمة والمبرمجة لتطبيع الشعب العربي أو لمد تطبيع الحكام والأنظمة لشعوبها. فرفض الشعوب العربية للوجود الإسرائيلي الإحتلالي وعدم تقبل هذا الجسم الغريب يجعل من كل المعاهدات والانجازات الصهيونية مع أنظمة هؤلاء الحكام حبر نجس على ورق أنجس. وهذا الموقف لشعوبنا نابع من الثوابت في ثقافة متأصلة عندها. وحيث أن الدين هو المكون الأساسي للثقافة وفشلوا في النيل منه، اتجهوا لاستيعابه بالتذويب ونسفه بهذا المشروع الذي يعني ببساطه، اعترافنا بالسردية التوراتية التاريخية. وهذا الإعتراف من قبلنا كشعوب يعني التسليم بأن فلسطين والوطن العربي من الفرات الى النيل ليس لنا، وبأن تاريخنا وعقيدتنا منسوخان.
 هذا النموذج العقديُّ الوجه والذريعة، نجحت به الصهيونية اليهودية عندما وضعت المسيحية تحت جناح اليهودية من خلال المصطلح  Judeo-Christian، وحُشِد بموجبه الغرب كله لخدمة الصهيونية ومشروعها. رغم أن اليهودية تنكر مسيحية المسيح، وتنسف المسيحية التي تتضمن ثورة عقدية على اليهود. وتتجه الصهيونية اليوم لتطبيقه على العرب والمسلمين بنسخة أخرى ولغابة أعمق وأخطر. وسأتجاوز هنا عن حقيقة أن المعتقد اليهودي كما هو أمامنا بأسفاره أل 39 التي كتبت بعد ابراهيم بألف وخمسمئة عام وبعد وفاة موسى بثمان مئة عام، تخلو من أي رابط بسيرة ابراهيم العقدية، بينما هي موجودة في المسيحية والإسلام.. لأتلمس تالياً أية علاقة عقدية بين اليهودية كما هي أمامنا بالأسفار وبين الإسلام وعقيدة ابراهيم، موضحاً هنا بأن التقييم الشخصي للعقائد يقع ضمن الحرية المباحة للإنسان وخياراته ما دام لا يتلفظ بالإساءة أليها أو لأصحابها، وأقول.
إن مشروع المزاوجة بين عقيدتنا الإسلامية والعقيدة اليهودية التي أمامنا معدومة الأسس. وكباحث في الأديان وتاريخها لسنين، أضع أمام المواطن العربي مسلماً كان أو مسيحياً طبيعة أسفار العهد القديم ال 39 وما تُسبغه على نفسها من خصائص تتناقض جذرياً مع خصائص العقيدة الاسلامية. وهذا ليس رأياً لي ولا تحليلاً مني، وإنما هو من واقع نصوص تلك الأسفار المتاحة قراءتها للجميع.
الخاصية الأولى: أن هذه العقيدة بنصوصها تخص قبيلة بعينها وتتحدث عنها، وهي بني إسرائيل، وليست للبشرية. وتتحدث عن آلهة تخصها وحدها باسم (يهوة، رب الجنود). وهذه الخاصية لا يخلو منها سفر، ولا أعتقد بإمكانية إنكارها. ومن الأمثلة أقتبس الفقرة 2 من الاصحاح 14 سفر التثنية ونصها (لأنك شعب مقدس للرب الهك وقد اختارك لكي تكون له شعباً خاصاً فوق جميع الشعوب الذين على وجه الأرض ) وفي الفقرتين 18، 19 من الاصحاح 26 من نفس السفر ونصها. (وواعدك الرب اليوم أن تكون له شعبا خاصا كما قال لك وتحفظ جميع وصاياه وأن يجعلك مستعليا على جميع القبائل ) وفي سفر عزرا الفقرة 11 من الاصحاح 10 ونصها (فاعترفوا الان للرب إله أبائكم واعملوا مرضاته وانفصلوا عن شعوب الأرض وعن النساء الغريبة ).
الخاصية الثانية: أن من من يقرأ الأسفار ال 39 من الجلدة للجلدة لا يجد كلمة أو جملة تشير أو تدل على وجود للبعث والحياة الأخرى أو القيامة ولا الحساب، والجنة والنار. وكلها مفاهيم أساسية في معتقدنا ً. وكذلك الوحدانية هي وحدانية يهوه كخبار من بين آلهات أخرى. فالفقرة الأولى من المزمور 82 تقول (الله قائم في وسط الألهات يقضي )..وهذه المفاهيم العقدية جاءت بداية في المسيحية ثم توسع الإسلام بها وأنكرها اليهود. وعلى سبيل المثال فإن إنجيل متي الاصحاح 22 الفقرة 23 تنص (( في ذلك اليوم جاء اليه — اي للمسيح — صديقيون الذين يقولون ليس هناك قيامة) وكان رد السيد المسيح في الفقرتين 31، 32 ما نصه ( وأما من جهة قيامة الأموات، أفما قرأتم ما قيل لكم من قبل الله القائل، أنا إله ابراهيم واسحق ويعقوب، ليس الله إله أموات بل إله أحياء ) بمعنى هل إلاله أو إله أبائكم إله أموات. أرجو التأمل بعمق ومنطقية وبلاغة الجواب.
الثالثة: غياب القدسية في النصوص عن الأنبياء والرسل حيث ورطتهم بقصص في غاية الفحش مما يقضم الحس الإنساني بجدية الأديان السماوية. فنفرأ عن داود قاتلا ومغتصبا، وعن سليمان ابن زنا، ويمكن بهذا مراجعة الإصحاح 11 من سفر صموئيل الأول بكامل فقراته ال 26. كما جعلت النصوص من ابن داود مغتصبا لشقيقته (اصحاح 13 من سفر صموئيل الثاني ). وابن يعقوب يزني بامرأة ابيه. وابراهيم يفرط بامرأته لأخر، ولوط بابنتيه.وبخيانة موسى للرب.
الخاصية الرابعة: فهي ما تبدو للقارئ مما تحمله الأمثلة المقتبسة بأدناه من عنصرية وتمييز وانعزالية ومنافاة لخطاب العصر وتحريض على الإرهاب ومعاداة الأخر وإلإيمان بالعنف. وهناك من الباحثين من يُرجع هذا الى طبيعة نشأة تلك الجماعة من أفراد قبائل مختلفة جلها أرامية تجوب الصحارى وجدت نفسها بلا وطن مشترك كان يطلق عليها تاريخياً إسم Apiro و Hapiro أبيرو أو عبيرو يسترزقون بالغزو على اطراف المدن وببيع أنفسهم عبيداً والتجنيد مرتزقة في الجيوش المختلفة، ووجدت نفسها في المحصلة في غربة وغير مقبولة. مما ولد لديهم روح التكتل والحقد على الأخر. وهذه الأمثلة المقتبسة تالياً أثبت التاريخ المكتشف أنها كانت من فراغ ومجرد كلام بلا أصول.
— سفر حزقيال الاصحاح/9 الفقرتان 5,6 ونصهما :(وقال الرب لأولئك في سمعي اعبروا في المدينة وراءه واضربوا لا تشفق اعينكم ولا تعفو، الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء اقتلوا للهلاك،… نجسوا البيت واملاوا الدور قتلى(
–سفر أشعيا الاصحاح 60 ف10-12 ( وبنو الغريب يبنون أسوارك وملوكهم يخدمونك…وتفتح أبوابك ليؤتى اليك بغنى الأمم وتقاد ملوكهم لأن الأمة والمملكة التي لا تخدمك تباد وخرابا تخرب الأمم )
— سفر التثنية الاصحاح 20 ف10/، 12، 16 (حين تقرب من مدينه لتحاربها استدعها الى الصلح فان اجابتك وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك….واذا دفعها الرب الهك الى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف واما النساء والاطفال والبهائم وكل ما في المدينة فتغتنمها لنفسك….. واما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب نصيبا فلا تستبق منها نسمة.
— سفر اللاويين اصحاح 25 ف 24- 46 ( وأما عبيدك وإماؤك الذين يكونون لك فمن الشعوب الذين حولكم منهم تقتنون عبيداً وإماء –
— سفر التثنية الاصحاح 12/ ف، 1—3 / هذه هي الفرائض والاحكام التي تحفظون لتعلموها في الارض تخربون الاماكن حيث عبدت الامم التي ترثونها وتهدمون مذابحهم وتكسرون انصابهم وتحرقون سواريهم بالنار.
–سفر الملوك الثاني الاصحاح 3 فقره 19 ونصهما. ( فتضربون كل مدينة محصنة وكل مدينة مختاره وتقطعون كل شجرة طيبة وتطمون جميع عيون الماء وتفسدون كل حقلة جيدة بالحجارة.
–سفر يوشع اصاح 1 الفقره 2—5 ( فالان قم اعبر هذا الأردن…….. كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته من البرية ولبنان الى النهر الكبير نهر الفرات. )
كاتب وباحث عربي

المصدر: رأي اليوم