2024-11-28 01:41 ص

“وثيقة القدس”.. بعد 74 عاما والمولود لم يفطم بعد

2022-07-19

بقلم: سمير البرغوثي
بغض النظر عن زخم الخطابات والبيانات والمجاملات سعت زيارة بايدن لتحقيق هدفين اساسيين اولهما اعادة التوازن الى سوق الطاقة العالمي بعد الحرب في اوكرانيا وازمة كوفيد وثانيهما تعزيز امن اسرائيل من خلال منظومة امن اقليمي شرق اوسطي.ما هو معلن ان الاهداف لم تحقق ولكننا لا نستطيع ان نجزم ذلك فالنظام الرسمي العربي عودنا بان ما يظهر على شاشات التلفزة ليس بالضرورة ما يدور خلف الكواليس.
الاكثر وضوحا في هذه الزيارة هو وثيقة القدس الموقعة من قبل الجانبين الامريكي والاسرائيلي في اليوم الاول للزيارة وهذه الوثيقة بعد تجريدها من العبارات الدبلوماسية وجمل الانشاء تحتوي عل بندين لا ثالث لهما,تعهد بحماية اسرائيل وضمان امنها وتفوقها العسكري والاخذ بيدها لدمجها في هياكل امنية اقليمية.
بعد 74 عاما على ميلاد دولة اسرائيل والهالة التي نسجت حول جيشها الذي لا يقهر وعظمة اجهزتها الاستخبارية طائلة اليد وتقدمها التكنولوجي ما زالت بحاجة لمن يطمئنها على امنها وياخذ بيدها لدمجها في محيطها.
لا يوجد دولة في العالم باسثناء القليل ومن ضمنها البلدان الغربية التي اوجدت دولة اسرائيل اقامت علاقات سياسية وبعثات تمثيل دبلوماسي معها الا بعد حملة ترهيب وترغيب من واشنطن والحال ذاته في جلسات التصويت على قرارات منددة باسرائيل في المحافل الدولية.ووصل الحد ان تكون العلاقة مع اسرائيل حاضرة في اي نقاش تجريه الادارة الامريكية مع اية دولة ولاية غرض.وموجة الهجرة الكبرى من الاتحاد السوفيتي السابق في اواخر القرن الماضي التي تتفاخر الوكالة اليهودية بانجازها ما كان لها ان تتم لولا خنوع غورباتشوف للضغوط والاغراءات الامريكية.
الجيش الذي لا يقهر استنجد بوزيرة خارجية الولايات المتحدة انذاك كونداليزا رايس للحصول على وقف اطلاق نار بعد أن تازم في جنوب لبنان عام 2006,وبعد 11يوما من معركة سيف القدس العام الماضي سارع بايدن عبر الوساطات العربية والاجنبية للحصول على وقف اطلاق نار مع غزة.جهاز الموساد “الاسطورة” فشل وعلى مدار 5 سنوات في الحصول على معلومة واحدة عن الاسير شاليط في غزة والحال مع الاسرى الحاليين رغم الحصار البري والجوي والبحري المحكم وشبكات المتعاونين.لولا الجسر الجوي التي اقامته الولايات المتحدة وهو اكبر جسر جوي يشهده التاريخ وخذلان قيادة السادات للجيش المصري لانهار الجيش الذي لا يقهر كم شارفت رئيسة الوزراء غولدا مائير على الانهيار في حينه.
قوة الجيش الاسرائيلي واجهزة الاستخبارات هي هالة وفزاعة, شريان الحياة لها في واشنطن,لم تنتصر في حرب حقيقية والمعارك التي انتصرت بها وتفوقت  كانت مع جيوش نظامية تابعة لانظمة اما تفتقد الى ارادة القتال او بيروقراطية ومترهلة وعندما اضطرت لمجابهة الشعوب العربية مباشرة دون ” حاجز” الانظمة العربية هزمت , هكذا الحال في معركة الكرامة وتموز 2006 في جنوب لبنان والحروب المتكررة مع غزة.وحتى مع انتفاضة الشعب الفلسطيني غير المسلحة عام 1988 فشلت ولاربع سنوات في اخمادها.
وثيقة القدس في جوهرها اقرار بان المولود وبعد 74 عاما لم يفطم بعد ولن يفطم علما ان الوالد قد بدأ مرحلة الشيخوخة.فهل ما زال عاقلا يعتقد بان اسرائيل ستوفر له الامن والامان ؟
كاتب فلسطيني
المصدر: رأي اليوم