2024-11-27 09:46 م

انقذوا الشيخ جراح هل يكفي …الهاشتاغ؟

2022-01-22

بقلم: اسيا العتروس
 “#انقذوا_حي_الشيخ_جراح ” جميل هو التضامن  بلغة التواصل الاجتماعي او ما يمكن اعتباره  سلاح المستضعفين في العالم الافتراضي و ليس الواقعي و لكنه تضامن صوري لا يمكن ان يضع حدا لتجاوزات و جرائم الاحتلال الذي يحتاج لاعادة التفكير العميق بوعي لتحديد الاولويات و البدائل وفق ما هو قائم على ارض الواقع الملغم بالتحديات ,,بالامس  تواترت الدعوات لانقاذ حي الشيخ جراح لدعم عائلة الصالحية  الفلسطينية في القدس المحتلة في معركتها على الارض قبل ان تتمكن منها قوات الاحتلال و تقدم على نسف بيتها الذي توارثه جيلا بعد جيل و تحوله الى كوم من التراب فيتحول الى اثر بعد عين …دعوات بدأت متحمسة قبل ان تخفت شيئا فشيئا و تتراجع امام  قوة و همجية الامر الواقع بعد ان حولت قوات الاحتلال البيت الى ركام  و شردت اصحابه في العراء …المعركة اختلفت هذه المرة عن المعركة السابقة في حي الشيخ جراح عندما تحرك المجتمع الدولي و المنظمات الانسانية لمنع ارتكاب  الجريمة في سبتمبر الماضي و تؤجل عملية الهدم …لا خلاف ان للمواقع الاجتماعية تاثيرها و دورها في بعض الاحيان و ليس في كل الاحيان خاصة عندما يتعلق الامر بكيان غير قانوني تعود  منذ نشأته على القفزعلى كل القوانين والاستخفاف بكل قرارات الشرعية الدولية العرجاء التي تتبخركلما تعلق الامر بخروقات و ظلم و بشاعة الاحتلال المسلط على الفلسطينيين …
 عائلة الصالحية التي انضم اليها نشطاء ومتضامنون فلسطينيون وغير فلسطينيين وجدوا انفسهم مع الفجر في مواجهة بلدوزر الاحتلال الذي تسلل اليهم تحت جنح الظلام و تمكن من اخراج المرابطين المتحصنين  من البيت الفلسطيني قبل ان تدميره ..
و قناعتنا ان البلدوزر ما كان ليتوانى عن دهس  و تصفية كل من حاول التصدي له او منع عملية اخلاء البيت ..
و لا تزال صورة راشيل كوري في الاذهان  بل و من شأن الجريمة الفظيعة التي تابع العالم اطوارها في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة بعد اقدام قوات الاحتلال المتسللة الى الحي ان تعيد الى الذاكرة ما حدث للناشطة الامريكية راشيل كوري التي دهستها جرافة الاحتلال في 2003  وهي تتصدى لعملية هدم بيت فلسطيني في غزة , ولم تشفع لها  انذاك هويتها الامريكية ولا وجود امريكا ضمن الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي ولم تجنبها علاقات  الولاء الامريكية الاسرائيلية  تلك النهاية البشعة وهي التي امنت بالقيم  الامريكية الانسانية و المبادئ الكونية للعدالة و الحرية  التي نشأت عليها و اعتبرت انها تنسحب على الفلسطينيين كغيرهم من شعوب العالم  و تمنحهم حق العيش في حرية و كرامة على أرضهم و ربما لم تكن راشال كوري تعرف انذاك حقيقة جيش الاحتلال و لم تكن تتوقع ان يمضي في تصفيتها أمام انظار العالم …
راشال كوري كانت شاهدة على جرائم جيش الاحتلال الاسرائيلي و حاولت التصدي له بما لديها من قدرة على حرية الراي و التعبير و كانت لا تترد في وصف ما يقترفه المستوطنون بانه جريمة حرب …
كانت راشيل كوري الامريكية التي تحول للاقامة في غزة مصدر احراج سرعان ما تطور الى ازعاج غير محتمل لسلطة الاحتلال عندما كانت تخرج في الفضائيات و تشهد بإنّ القوات الإسرائيلية “تمنع عن رفح الماء، تقمع المتظاهرين، تهدم البيوت، وتهاجم كل من يقف في وجهها”، فكان لزاما ان تنتهي راشيل كوري قبل ان تتحول الى ضمير انساني عابر للحدود يدعو لتحقيق العدالة الدولية و اسقاط سياسة المكيالين …الحقيقة ان ما حدث في حي الشيخ جراح ليس بمعزل عما تعرضت له راشال كوري , بل نكاد نجزم أنه لو فشلت قوات الاحتلال في اخراج النشطاء من البيت الذي تم تهديده لما ترددوا في تكرار جريمة راشال كوري و لما توانوا عن دفع من كانوا هناك احياء تحت الركام …تلك هي حقيقة اسرائيل و تلك هي حقيقة الجيش الذي يصف نفسه بانه الاكثر  التزاما و احتراما للاخلاق المهنية  …دفعت راشيل حياتها ثمناً لعدم التغاضي عما يحدث في فلسطين و هي التي كانت تعتبر انه يتعين على العالم ان يخجل مما يحدث على ارض فلسطين …بقيت راشيل كوري، التي رثاها الفلسطينيون عنوانا لمفهوم لا يتكرر للتضامن الانساني في ارقى و اسمى مظاهره و قد استمر والداها بعدها في تحمل نفس الرسالة و نشروا كتابا بعنوان “دعوني أقاوم وحدي”  لا احد يتوقع ان تنتصر المحاكم الاسرائيلية  لراشال كوري و و ستتجه المساعي الى طي قضية هذه الناشطة الامريكية و تصنيفها في اطار موت “تم بطريق الخطأ”…كما في كل الجرائم و الاعتداءات الاسرائيلية …
كاتبة تونسية