2024-11-25 01:17 م

صحيفة المانية: (انقلاب) تونس تم تحت إشراف جنرالات مصريين

2021-09-30
كشفت صحيفة “فرانكفورتر” الألمانية في تقرير صادم لها أن الانقلاب الذي قام به الرئيس قيس سعيد في تونس، تم تحت إشراف جنرالات مصريين وجهوا المشورة له.

وفي مقال له بالصحيفة قال الخبير السياسي راينر هيرمان، إن تونس ظلّت مختبرا للديمقراطية في العالم العربي لمدة 10 سنوات، وكانت بالفعل في طريقها إلى ديمقراطية كاملة، وهو ما يعني “شوكة في خاصرة حكام مصر والخليج”.

وتابع أنه منذ بداية انتخاب سعيّد رئيسا للبلاد في أكتوبر 2019، بدأ العمل في مصر تحديدا من قبل جنرالات على آلية لقلب الدستور، وإنهاء العملية السياسية.

“راينر هيرمان” أضاف أن جنرالات مصريين قدموا لسعيد خدمات استشارية بشكل مباشر قبل شهرين من إقالته رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتجميده عمل البرلمان.

كما لفت الكاتب إلى أن سعيّد لا يزال بحاجة إلى جهات فاعلة تضفي صفة شرعية لانقلابه على الدستور كي تتاح له فرصة التفرد بالحكم بشكل مطلق.

ومن غير الواضح كيف سيكون ميول الجيش لهذه الفكرة، بحسب الصحيفة الألمانية.

ويشار إلى أنه في نهاية يوليو الماضي، أي بعد أيام فقط من الانقلاب، قالت مصادر خاصة، إن السفير الأمريكي في تونس دونالد بلوم، طلب من الرئيس قيس سعيّد مغادرة ضباط المخابرات المصريين والإماراتيين المتواجدين في تونس، قائلا إن الأخيرين رافقوا عملية الانقلاب.

وأوضحت المصادر أن الضباط كانوا قدموا إلى تونس بذريعة تقديم مساعدات لمقاومة جائحة كورونا قبل أسبوعين تقريبا، ولم يغادروها حتى اللحظة.

ويبدو أن تونس مهددة اليوم بالغرق في المجهول نتيجة خطر مزدوج من الاستبداد والإفلاس المالي، بعد أن تسبب رئيسها الحالي في زعزعة التوازن الدستوري من خلال تركيز معظم السلطة في يديه باسم “ثورة الشعب” التي يريد إحياءها.

هذا ما لخص به مراسل “لوموند” الفرنسية فريدريك روبين، قبل يومين افتتاحية مطولة كتبها للصحيفة عن الإجراءات الأخيرة للرئيس قيس سعيد، ذلك “الرجل اللغز” كما يصفه البعض، الذي أدخل تونس منذ “انقلابه” قبل شهرين في مسارات سلطة الفرد المحفوفة بالمخاطر، ضاربا بقواعد العمل السياسي عرض الحائط ومفلتا بذلك من الأنماط والنظم المتفق عليها، وفقا للكاتب.

المقال أوضح أن سعيد -الذي وضع كل السلطات التنفيذية والتشريعية في يده منذ 25 يوليو لإنقاذ الأمة من “خطر وشيك”- وقّع في 22 سبتمبر/أيلول الجاري مرسوماً رئاسياً يجعل معظم السلطات الدستورية تتركز في يده بانتظار “الإصلاح السياسي” الذي وعد بإخضاعه لاستفتاء عام.

وبرر الكاتب سبب الاهتمام الذي تحظى به “ظاهرة سعيد” بكون الرهان هو في الواقع على مستقبل التحول الديمقراطي التونسي، وهو نموذج يواجه خطرا بعد الاحتفاء به باعتباره نجاحا في العالم العربي.

وأضاف أن الليبراليين التونسيين لم يعودوا يخفون قلقهم أمام الانجراف الاستبدادي لسعيد باسم “الشعب” والذي يزداد وضوحا كل يوم، لينقل في هذا الصدد عن العميد السابق لكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية المحامي عياض بن عاشور قوله بمرارة “قيس سعيد يعيد تثبيت الدكتاتورية”.
 
وأردف الكاتب بتعداد مبررات كثيرة لوصف سعيد بأنه “لغز” قائلا إن كل تصرفاته تؤكد انطباق هذا الوصف عليه. أليس هو، مثلا، ذلك الديمقراطي الذي يكره الأحزاب السياسية، أليس هو ذلك الخبير الدستوري الذي أرسل دبابة لإغلاق باب مبنى البرلمان بعد أن علق أعماله، ثم أليس هو وريث “الربيع التونسي” الذي يغازل مصر والسعودية عرابي الثورة العربية المضادة؟
 
وتعليقا على ذلك، يقول الكاتب إن هناك الكثير من “الألغاز” والمفارقات الظاهرية التي تفرض نفسها في هذا السياق، مما يجعل المرء يحار في العثور على صفة مناسبة لإضفائها على نهج سعيد، فهل ما تشهده تونس عصر جديد من الديمقراطية في الجنوب؟ أم ثورة شعبوية؟ أم عودة لشخصنة الحكم والسلطة؟ أم بداية لظهور مخلص سياسي؟ أم هو ضغط من أجل سيادة غير ليبرالية؟ أم هو مزيج من كل هذا؟

وفي محاولة لتحديد ملهم هذا الرئيس في قراراته الأخيرة، أشار المقال إلى زيارة سعيد من 9 إلى 11 أبريل الماضي إلى مصر والتي استقبله فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي بحفاوة.

وتساءل: هل قدم له السيسي، الذي أطاح بالرئيس الراحل محمد مرسي في انقلاب يوليو 2013، النصح والمشورة؟ ليشير بعد ذلك إلى أن المهم أن سعيد عاد من القاهرة مسلحا بثقة جديدة، وهو ما جعل أحد الوزراء السابقين يعلق على تلك الزيارة بوصفها محطة فارقة قائلا “زيارة سعيد للقاهرة لها ما قبلها ولها ما بعدها”.
 
وعن موقف المجتمع الدولي مما يجري في تونس، أشار الكاتب إلى القلق الذي عبرت عنه الدول الغربية، وخاصة الأميركيين، الذين عبروا عن امتعاضهم من هذا الانحراف الدستوري عن الطريق، الذي يضعف “النموذج الديمقراطي” التونسي.

أما المحور الإقليمي الذي شكلته مصر والإمارات والسعودية، والمعادي لنفوذ الإخوان المسلمين، فلا يخفي ارتياحه للإطاحة بالنهضة، في حين التزمت تركيا الصمت، ورفعت الجزائر مستوى يقظتها خوفا من أن تصبح جارتها مرتعا “للتدخل الأجنبي” في الوقت الذي تراقب فيه إيران وروسيا والصين عن كثب ما يجري في هذا البلد.

ومن أسباب القلق الداخلي والدولي مما يجري، وفقا للكاتب، رفض سعيد أي نقاش مع الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، واستمراره في تعزيز سلطاته الشخصية.

أما رد الرئيس على منتقديه، فإن الكاتب لخصه في تسببه في المزيد من الاستقطاب من خلال شيطنة عدو في الداخل، إذ واصل الأسابيع الأخيرة نشر تصريحاته الهجومية ضد ما أسماه “مؤامرات الخونة واللصوص، وتجويع الناس”.