تونس - روعة قاسم
أثار قرار منح دولة الاحتلال الإسرائيلي صفة "المراقب" في الاتحاد الافريقي صدمة في الأوساط العربية والافريقية، ووصفته دول عديدة من بينها الجزائر وجنوب افريقيا "بأنه غير مبرر ولا يمكن تفسيره". ويزيد هذا القرار المفاجئ من خطورة التغلغل الإسرائيلي والصهيوني في المنطقة. فهذا الاختراق ليس وليد اليوم بل يعود الى سنوات خلت، وهو مشروع متواصل هدفه السيطرة على مقدّرات القارة السمراء وثرواتها، في محاولة للحصول على موطئ قدم من خلال الاختراق الاقتصادي والعسكري والاستخباراتي وغيره.
مخطط متواصل
لقد شهدت السنوات الأخيرة زيارات للعديد من المسؤولين الصهاينة وفي مقدمتهم بنيامين نتنياهو الذي زار القارة أربع مرات منذ يوليو/تموز 2016. واستطاع كيان الاحتلال نسج علاقات دبلوماسية مع 40 دولة افريقية، وفتح سفارات في العديد من الدول على غرار ساحل العاج، والسنغال، وأنغولا، وإثيوبيا، وأريتريا، وغانا، وكينيا، ونيجيريا، والكاميرون.
ومنذ عام 2002 بدأت "إسرائيل" مساعيَ حثيثة للحصول على مكانة "دولة مراقب" في الاتحاد الأفريقي، للمشاركة بقممه الدورية. وقد ظل موقف جنوب افريقيا عائقًا أمام هذا الاختراق وهي كانت في مقدمة المعارضين لانضمام دولة الابارتايد الصهيوني خاصة أن جنوب افريقيا لطالما عرفت بمواقفها المناصرة للقضية الفلسطينية.
دور تخريبي
يؤكد رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع أحمد ويحمان لـ"العهد" إن انضمام "إسرائيل" كعضو مراقب في الاتحاد الافريقي فضيحة بكل المقاييس وعلامة أخرى على علامات ساعة السقوط الرسمي العربي وانفضاحه، ويضيف "بقراءة التاريخ ندرك أن هذه المحاولات للتسلل الصهيوني في افريقيا ليست جديدة وهي تنمّ عن علاقة هذا الكيان بالقوى الاستعمارية وكأداة من أدواتها وفعلت فعلها وما تزال في الوطن العربي والأمة الإسلامية لتشتيت الأمة ونهب ثرواتها". ويتابع "الآن القوى الاستعمارية تتهافت وتتسابق على افريقيا كمنطقة بكر لنهب ثروتها ومعادنها وأراضيها الخصبة. وهذا هو معنى التغلغل والتسلل الصهيوني الى قلب افريقيا مستغلة هذا الضعف العربي العام".
ويحذّر محدثنا من أن الدور التخريبي نفسه الذي قام به كيان الاحتلال الإسرائيلي في الأمة العربية، سيقوم به هو نفسه على المستوى الافريقي. من هنا، يرى ويحمان أن دور الكيان الصهيوني يتجسد في تعطيش كل من مصر والسودان من خلال الدور التخريبي في سدّ النهضة بإثيوبيا، والدور التخريبي في السودان وتقسيمه، وفي المغرب العربي بتقسيمه الى عدة كيانات والى آخره من الأدوار التي يقوم بها هذا الكيان في افريقيا الوسطى وشرقها وفي اوغندا وليبيريا وتنزانيا وكذلك منذ عقود في غانا وافريقيا الوسطى وجنوب افريقيا سابقا مع كيان الابارتايد العنصري". ويضيف "ّالدور التخريبي والتقسيمي واشعال الفتن العرقية والمناطقية هدفه الأساسي اضعاف هذه الشعوب ولتسهيل مأمورية القوى الاستعمارية للتدخل في الشعوب".
ضرورة المواجهة
ويشير أحمد ويحمان الى أن المطلوب اليوم في المرحلة القادمة هو مواجهة الدور التخريبي للصهاينة في افريقيا، ودعا الى رصّ الصفوف بين كل أصحاب المصلحة في التغيير وتقرير مصائر الشعوب. وهنا يلعب المجتمع المدني - بحسب محدثنا - دورا كبيرا في مواجهة هذا التغلغل وقال "إن المستقبل هو للشعوب ولحركات التحرر وليتحرك كلٌّ من مكانه لأداء هذا الواجب الأخلاقي والقانوني لمواجهة الاستعمار ومشاريعه ولمواجهة الصهيونية الاستعمارية التوسعية".
واليوم هناك دعوات للاتحاد الافريقي لمراجعة هذا القرار الخطير الذي لا ينسجم مع مبادئ هذه المنظمة القارّية العريقة والتي كانت دائما صاحبة مواقف ثابتة تجاه القضية الفلسطينية العادلة وحقوق الشعب الفلسطيني المغتصبة.
(العهد)