2024-11-28 04:36 ص

ما يجري في القدس معركة من حرب ممتدة منذ مائة عام

2021-05-10
بقلم: د. ابراهيم ابراش 
مايجري في القدس وفي حي الشيخ جراح من محاولات للاستيلاء على مساكن الفلسطينيين أصحابالأرض الأصليين وطردهم منها ليحل محلهم المستوطنون اليهود المجلوبون من كل بقاعالأرض لا يخرج عن سياق ما يجري في مدينة الخليل وخصوصا في البلدة القديمة وفيالحرم الإبراهيمي وفي مدينة نابلس وحول قبر النبي يوسف وفي منطقة الأغوار والمنطقةج في الضفة التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية وبناء  جدار الفصل، ولا ينفصل عن مشروع كنج 1967 فيالجليل و مشروع أو مخطط برافر في النقب 20113، ومئات مشاريع الاستيطان التي لمتتوقف منذ تأسيس المستوطنة الأولى (مكفا إسرائيل) في لواء القدس عام 1870. كلها حلقاتمن مشروع صهيوني متواصل منذ التأسيس النظري له في المؤتمر الصهيوني الأول 1897ووعد بلفور 1917 بل ما قبل ذلك، إلى بداية التأسيس العملي مع قيام دولة الكيان علىإثر حرب 1948 وهو مشروع لم يكتمل حتى الآن من وجهة نظر الصهاينة .المواجهاتبين سكان الأرض الأصليين في القدس والشيخ جراح والنقب والجليل وحيفا ويافا الخ منجانب، و المستوطنين وجيش الاحتلال من جانب آخر هي حلقات من مسلسل حرب وصراعمتواصلين منذ الصدامات الأولى في القدس مع هبة البراق 1929 مرورا بثورة 1936 ثم نكبة1948 التي شردت 80% من الفلسطينيين سكان البلاد الأصليين وما صاحبها وتبعها منمصادرة أراضي الفلسطينيين داخل الخط الأخضر ومجازر لم تتوقف منذ مجزرة دير ياسين والطنطورةوغزة، بالإضافة إلى الحروب العربية الإسرائيلية 1948 ،1967 ، 1973، والمواجهاتالمسلحة بين الثورة الفلسطينية التي انطلقت في منتصف الستينيات ودولة الكيانالصهيوني، و المواجهات المتواصلة داخل فلسطين مع الاحتلال سواء بالأعمال الفدائية المتعددةالأشكال سواء مسلحة أو بالمسيرات والمظاهرات أو الدهس والطعن ،أو من خلال الانتفاضاتالشاملة 1987 و200 ، أو المواجهات وموجات العدوان على قطاع غزة، هذا بالإضافة إلىالمعارك والمواجهات السياسية والدبلوماسية.صحيح،بعد توقيع مصر 1979 والأردن 1994 لاتفاقات سلام مع إسرائيل ثم موجة التطبيعالأخيرة مع الإمارات والبحرين وعُمان والسودان والمغرب لم يعد الصراع عربياًإسرائيلياَ، على الأقل رسمياً، وصحيح أيضاً أن منظمة التحرير الفلسطينية أبرمتاتفاقية أوسلو كأساس لتسوية سياسية كما كانت تراهن واعترفت بإسرائيل، كما أن حركةحماس وقعت اتفاقية هدنة وأوقفت المقاومة، ولكن هذا لا يعني نهاية الحرب والصراعلأن الطرف الرئيس في الصراع والمستهدَف من المشروع الصهيوني هو الشعب الفلسطينيالذي لم يستسلم أو يتنازل عن حقوقه الوطنية المشروعة، كما ان الكيان الصهيوني لايكفيه كل ما جرى وهو يعرف حقيقة أنه سيستمر في حالة حرب وصراع ما دام لم يتمالتوصل لتسوية سياسية مرضية للفلسطينيين.المواجهاتفي حي الشيخ جراح و في القدس وبقية الأراضي المحتلة ليست بسبب خلاف قانوني علىملكية بعض البيوت والأراضي كما تروج دولة الكيان الصهيوني بل تندرج في سياق النضالالفلسطيني المتواصل والممتد طوال مائة عام في مواجهة مشروع احتلال استيطاني إجلإئيمتدرج، يبدأ بالاحتلال ثم الاستيطان فإجلاء السكان الأصليين فالضم، والفلسطينيونالذين يواجهون جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين لا يدافعون فقط عن بيوتهم وأراضيهمبل إن نضالهم جزء من النضال الوطني الشامل في مواجهة مشروع صهيوني عدواني لن يتوقفإلا عندما تُطبق دولة الكيان على كامل أرض فلسطين من البحر إلى النهر كما يصرحقادة الاحتلال أو بانتصار الشعب الفلسطيني وتحقيق أهدافه الوطنية.  من المؤسف أن ردة الفعل الدولية على ما يجريفي القدس والشيخ جراح لم تتجاوز الإدانات لإسرائيل كما جرت العادة بالرغم أن الأممالمتحدة ما زالت تعتبر القدس الشرقية جزءاً من الأراضي المحتلة التي لا يجوز لدولةالاحتلال تغيير معالمها أو نقل سكانها أو تهجيرهم، كما أنه من المؤسف والمُعيب أنما يجري في القدس لم يحرك ساكناً عند العرب والمسلمين لا رسمياً ولا شعبياً، ولكنمن المثير للغضب أن التعامل الرسمي والحزبي الفلسطيني لا يرتقي حتى الآن لمستوىخطورة ما يجري بحيث كان الانشغال بالانتخابات وإشكال تأجيلها أكثر من الاهتمام بمايجري في القدس.السلطة الفلسطينية اكتفت بالتوجه للأممالمتحدة ومحكمة الجنايات الدولية لإدانة ما يجري في القدس والشيخ جراح كما هيالعادة مع كل سلوك عدواني صهيوني كالاستيطان وبناء جدار الفصل أو لإدانة العدوانعلى غزة أو ضم القدس، كما أن حركة حماس وفصائل المقاومة الأخرى تكتفي بالتنديد والتهديدوإطلاق صواريخ عبثية بالكاد تتجاوز حدود قطاع غزة، بينما عندما اغتال جيش الاحتلالالقائد القسامي أحمد الجعبري في الرابععشر من نوفمبر 2012 اندلعت حرباً أطلقت عليها المقاومة اسم "معركة حجارةالسجيل " وامتدت لثمانية أيام شاركت فيها كل الفصائل الفلسطينية في قطاع غزةوفيها وصلت صواريخ المقاومة لتل أبيب والقدس ومدن أخرى وسقط في الحرب 191 شهيداًوحوالي 1400 جريحا، وعندما اغتالت إسرائيل في فجر الحادي عشر من نوفمبر 2019  القيادي في الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا ردتحركة الجهاد مباشرة وبقرار منفرد منها وأطلقت عشرات الصواريخ على مواقع ومدن إسرائيليةوردت إسرائيل بقصف عدة مواقع في غزة وسقط عشرات القتلى والجرحى .!!!نقدرونثمن ونعتز ببطولات أهلنا في القدس والشيخ جراح ولكن يجب ألا نُحملهم أكثر منطاقتهم فالبطولة والتضحية شيء وتحقيق الانتصار شيء آخر، وإن استمر الموقف الرسميوالفصائلي على ما هو عليه مكتفيا بالتنديد وإصدار البيانات ومناشدة دول العالمبالتدخل لردع إسرائيل، وإن استمرت عملية تجزئة وتفتيت المشهد السياسي وحرف الصراععن النقطة المركزية وهو الاحتلال الذي بدأ عام 1948 ، وإذا استمرت النخب السياسيةمنشغلة بقضايا جانبية كالتسوية السياسية وأوهام حل الدولتين والانقسام و الانتخاباتوالصراع على السلطة، والصراع بين مشروع إسلامي ومشروع وطني ... فإن إسرائيل لنتكسب معركة حي الشيخ جراح فقط بل ستحقق كامل مشروعها الصهيوني على أرض فلسطين.ليسفي قولنا هذا تقليل من شأن  بطولات أهلنافي القدس وفي كل مواقع الاشتباك مع العدو كما أنها ليست دعوة للتشاؤم والاحباطو لتثبيط همة الشعب، بل التحذير مما يخطط له الاحتلال، فسياسته باتت واضحة وهي تصعيدوهجوم ثم تراجع تكتيكي لامتصاص حالة الغضب المحلي والدولي بعد أن يكون حقق بعضأهدافه، ثم هجوم جديد فتراجع تكتيكي وهلم جرا. وأخيراً،إن لم تكن وظيفة السلطة/ السلطتان في غزة والضفة ووظيفة الفصائل والأحزاب التيتحمل مسميات التحرير والجهاد والمقاومة والنضال الخ تحرير فلسطين ووقف العدوان علىشعبنا فما مبرر وجودها ؟.  
Ibrahemibrach1@gmail.com