2024-11-28 08:51 ص

القدس...الخوف ينتاب النظام العربي الرسمي

2021-05-10
بقلم:الدكتور بهيج سكاكيني 
أحداث القدس وديمومة التظاهرات والاشتباكات مع الشرطة والجيش والمستوطنين الى جانب الامتداد الجغرافي لدعم المقدسيين في مقاومتهم وعنادهم وإصرارهم الوطني والشرعي للاستمرار لكسر شوكة الاحتلال وفرض معادلات جديدة في مقاومته, والذي شمل معظم المدن الفلسطينية في فلسطين التاريخية ودخول المقاومة المسلحة على خط الدفاع عن المقدسيين ليشكل التحاما عضويا بين المقاومة المسلحة والمقاومة الشعبية كان له الاثر الاكبر في بث الرعب في داخل الكيان الصهيوني والنظام العربي الرسمي وحتى ضمن المطبعين الجدد وكذلك السلطة الفلسطينية. فها نحن نشهد تدخل الجميع في محاولة لتهدئة الاوضاع في القدس على وجه التحديد محذرين الى ان الامور قد تتصاعد وتتطور للوصول الى إنتفاضة شعبية شاملة في ارجاء مدن الضفة الغربية مصحوبة بعمليات عسكرية ضد قوات الاحتلال في داخل الضفة الغربية كما شهدنا في الايام القليلة الماضية. الجميع يدعون الى التهدئة ورسائل من العديد من الدول العربية وصلت الى الكيان الصهيوني والى السلطة الفلسطينية تدعوهم الى تهدئة الاوضاع وحتى نتنياهو المعروف بفاشيته ودعمه للمستوطنين قام بإعطاء الاوامر بإخلاء مكاتب أحفاد كاهانا العنصريين بعد ان لقنهم المقدسيين درسا في المواجهة وعلى اثرها لاذو بالفرار. أحداث القدس وهذه الهبة الشعبية المستمرة والمرشحة الى مزيد من التصعيد تاتي لتؤكد مرة اخرى أن الشعب الفلسطيني لديه القدرة والامكانيات ان يعيد الصراع العربي-الاسرائيلي الى الواجهة والى سلم أولويات الصراع في المنطقة وتصويب البوصلة التي حسب انصاف الرجال من الانظمة الخليجية وعلى رأسها دولة الامارات ومحمد بن زايد الذي يدير الدفة السياسية للتطبيع ان باستطاعتهم حرف البوصلة وفرضها على المنطقة وعلى الساحة الفلسطينية على وجه التحديد وعلى ان المال السياسي الذي يغدقه هنا وهناك لشراء الذمم والتدخل في الساحة الفلسطينية بالنيابة عن أسياده في البيت الابيض أو في الكيان الصهيوني لن يجديه نفعا. نقول الصراع العربي-الاسرائيلي ليس إعتباطيا أو تغابيا أو خطأ أو سهوا لان الصراع ما زال عربيا إسرائيليا وليس كما يحلو للبعض ان يقول الصراع الفلسطيني -الاسرائيلي. إن قيام النظام العربي الرسمي وبما فيه أنظمة الخليج بتوقيع الاتفاقيات ومعاهدات "السلام" مع هذا الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين لا يجب ان يعنى وهو لا يعني ان الشعوب العربية قد طبعت علاقاتها مع هذه الكيان المغتصب ولنا في مصر اكبر مثال والتي وقعت على معاهدة كامب ديفيد منذ عقود والتي صاحبها التطبيع مع العدو الصهيوني ما زال هذه الكيان يشكو من ان الشعب المصري غير مطبع لا من بعيد او قريب مع هذا الكيان الغاصب. أنظروا الى التجمعات والمظاهرات الحاشدة في اليمن أو الاردن أو في تونس وغيرها من الدول العربية ووقفة العديد من النقابات المهنية في العديد من الدول العربية. الخوف الاكبر ربما تشعر به السلطة الفلسطينية التي تشعر انها محاصرة وأن موقعها ومركزها في الاوساط الشعبية الفلسطينية داخل الوطن المحتل وخارجه بدأت تتآكل وبوتيرة متسارعة وأن النظام السياسي الفلسطيني التي اوجدته القيادة المتنفذة الفلسطينية ونجحت الى حد كبير في الحفاظ عليه لعقود من الزمن بدأ بالتخلخل وآيل للسقوط كما بينت الاحداث الاخيرة وخاصة تلك المرتبطة بالانتخابات التي عكست الغضب الشعبي على هذه القيادة والتفسخ الذي حصل في بيتها التقليدي. وهذا وبتقدي العديد من المحللين كان السبب الحقيقي والجوهري في إتخاذ القرار المنفرد بإلغاء الانتخابات أو تاجيلها الى إشعار آخر متخذة من عدم موافقة الاحتلال لاجراء الانتخابات في القدس ذريعة. ولو فعلا كانت هذه السلطة حريصة على القدس وأهالي القدس كانت على الاقل ومن باب رفع العتب أن تقوم بدعوة إحتفال جماهيري في عاصمتها السياسية مدينة رام الله بمناسبة يوم القدس العالمي, أو بالطواف بسياراتها الفارهة وسيارات غيرها في شوارع رام الله إذا ما كانت متخوفة من انتشار الكورونا والتزاما بالتباعد الاجتماعي أو على الاقل القاء كلمة متلفزة بهذه المناسبة. ولكن الذي يبدو ان رأس هرم السلطة يعتبر هذا مخالفا لما جاء في اتفاقيات اوسلو ويمكن تفسيره انه "دعما للارهاب". وإذا لم يكن كذلك فلنرى ماذا في جعبة جهابذة السلطة وكتبتها اللذين لا يفوتون اية فرصة للتأكيد على مناصرتهم وتأييدهم المطلق لهذه السلطة الفاسدة وهرمها لضمان وظائفهم والمستحقات الشهرية ومعاشات التقاعد الخيالية والترقية الى مناصب أعلى قبل أيام معدودة من التقاعد والامتيازات لهم ولعائلاتهم. 
* كاتب وباحث أكاديمي فلسطيني