2024-11-24 09:22 م

التقديرات الخاطئة التي استند عليها الرئيس عباس في اصدار المراسيم الانتخابية

2021-05-05
القدس/المنـار/ تنقل (المنـار) في هذا التقرير ملخصا لتقارير اعلامية واستخبارية تناولت الوضع في الساحة الفلسطينية، وبشكل خاص مسألة الانتخابات وتعيين موعد اجرائها ثم تأجيلها، وكذلك التداعايات والاتصالات والسيناريوهات، هذه التقارير تعرض تفاصيل تتعلق بهذه المسائل، المواقف والتقديرات والتصورات، ومستقبل النظام السياسي.
جاء في هذه التقارير أن الرسائل التي كانت تأتي من واشنطن للقيادة الفلسطينية حول نتائج الانتخابات الرئاسية الامريكية كانت متضاربة ومتباينة في البداية، وعندما اتضحت الصورة نهائيا بأن الرئيس دونالد ترامب أصبح من الماضي، وأن ادارة امريكية جديدة في طريقها الى البيت الابيض، بعد تلاشي مسار الادارة الجمهورية لصالح مسار الادارة الامريكية الجديدة. في هذه الاثناء بدأت ترسم سيناريوهات لـ"قصة الغرام" مع بايدن، وبأن الرئيس الامريكي الجديد يحمل بيد منجل انهاء الفساد ولواء التغيير باتجاه الديمقراطية. احدى هذه الرسائل التي وصلت شفويا للقيادة الفلسطينية من أشخاص وصفوا أنفسهم بأنهم مقربون من ادارة بايدن، نصحوا الرئيس الفلسطيني بارتداء "ملابس الديمقراطية" ورفع راية الانتخابات واطلاق الحريات ووضعوا أمامه مجموعة من النقاط ودعوه الى اعتمادها والاسراع في تنفيذها، اذا ما كان يبحث عن مكان مرموق في فلك الادارة الامريكية الجديدة وعليه ان بثبت بأنه ديمقراطي.
هذه الرسائل جميعها، كانت ساذجة، فليس هكذا تبنى العلاقات مع ادارة امريكية جديدة، ولا يمكن الارتكاز الى "همسات" و "وشوشات" البعض في بناء العلاقات مع الديمقراطية الاولى في العالم، وكان الاجدر بالرئيس الفلسطيني عدم تقديم بوادر حسن نية مجانية قبل أن يضمن الحصول على جزء ولو يسير من اثمانها أو مقابلها، فالرئيس عباس الذي اعتقد بأنه سيتلقى اتصالا من بايدن في الاسابيع الاولى لتولي الاخير مهامه في البيت الابيض تلاشى هذا الاعتقاد وهذه الامال تدريجيا، وانخفض سقف توقعاته، وبدأ يدرك بأنه اتخذ قرارا متسرعا باعلانه موعد اجراء الانتخابات معتمدا على تقديرات غير متزنة، مما جعل مهمته صعبة، وتصاعدت قوة خصومه في الساحة الداخلية الذين استغلوا هذه الثغرة التي فتحها بيده، كما تفاجأ ليس بعدم واقعية التقارير القادمة من وراء المحيط، وانما أيضا تلك القادمة من عنده، فالتقارير التي قدمت له من المقربين منه بأن الانضباط والالتفاف حوله داخل حركة فتح في أعلى درجاته اتضح سريعا أنها تقارير الغاية منها اسعاده في لحظتها ومرحليا، ولم تكن تعكس ما يدور حقا على أرض الواقع، فالرئيس عباس كان يعتقد بأن له خصم واحد يتجرأ بالوقوف امامه في معسكر فتح وهو محمد دحلان، تبين أن هناك عددا من الخصوم ولم تعد فتح قائمة واحدة بل عدد من القوائم، عندها تحول موضوع الانتخابات الى وجع رأس حقيقي لعباس، وبدلا من أن يكون ورقة في جعبته يكسب من خلالها ود الادارة الامريكية الجديدة، أصبح سلاحا ضده ولم يعد الفوز في الانتخابات مضمونا، وعاش كوابيس ماذا لو خسر الانتخابات..
وقبل ثلاثة أسابيع من اعلان تأجيل الانتخابات أبلغ الرئيس عباس العديد من الأطراف بأنه سيعمل على تأجيل الانتخابات، وأولى الرسائل وصلت الى جهات عربية كانت قد نصحته بعدم اجراء الانتخابات وهي الاردن ومصر، علما أن عباس لم يحصل على الاحتضان الامريكي الكافي ليكون نقطة انطلاقة لمواجهة خصومه الداخليين.
وترى التقارير الاسرائيلية أن محمود عباس من خلال تأجيل الانتخابات وهي أقرب الى الغائها قرر أن يختار مواجهة طويلة النفس على هزيمة حتمية، ستكون اليوم مع عدة أطراف، خصومه في الداخل وعلى رأسهم حماس التي لن توافق بعد التأجيل على الالتقاء معه في منتصف الطريق حول أي قضية، كذلك هو أحيا بقوة الاصوات التي تتحدث عن خلافته، أما على الساحة الخارجية وان تأخرى ردود الفعل فانها ستأتي في الايام والاسابيع القادمة على وقع الاحتجاجات في الشارع وهي لن تتأخر كثيرا، ردود الفعل ستأتي من اوروبا وامريكا، فهي مرتبطة بمدى رد فعل الشارع الفلسطيني. ان مخاوف الرئيس عباس ليس من الانتخابات التشريعية فهو عندما قام بتأجيلها في الحقيقة هو الغى الانتخابات الرئاسية.
وتفيد التقارير الاسرائيلية أن الموقف الاسرائيلي كان داعما لعباس في مسألة التأجيل محذرا من مجلس تشريعي تسيطر عليه حماس، وحضور ضعيف للقيادة الحالية، غير أن التأجيل أو الالغاء لن يلغي او يوقف ويمنع انطلاق سباق الوراثة داخل فتح.
تقول التقارير أن الرئيس عباس ارتكب خطأ استراتيجيا باصدار مراسيم الانتخابات، فقد يدفع ثمنها كرسي الحكم حتى مع تأجيلها وبدونها، ولن يستطيع مرة اخرى أن يرتدي رداء سابقا ويعود للحديث عن موضوع المصالحة وبأنها الطريق للانتخابات، فبتأجيله لها يكون قد اخذ متأخرا بنصائح وجهت له من عدة اطراف، وكانت القدس سلم عباس المفضل للنزول عن الشجرة.
وتختتم التقارير الاسرائيلية، أن ما يقلق اسرائيل من خطورة تأجيل الانتخابات أن حركة حماس ستعمل على اطلاق ايدي خلاياها في الضفة مع الابقاء على حالة الانضباط في غزة، وهي ستعمل كل جهدها على زعزعة الاستقرار الأمني في الضفة سواء من خلال احتجاجات شعبية وتصادم مع قوى الأمن الفلسطينية، أو تحضير الفلسطينيين لتنفيذ عمليات فردية ضد اسرائيل.