2024-11-25 07:56 م

تعطّل الانتخابات الفلسطينية يعزز المخاوف إزاء شغور منصب الرئيس

2021-05-04
ميرفت صادق/الجزيرة اون لاين
منذ حلّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس المجلس التشريعي في نهاية عام 2018، وقع الفلسطينيون في أزمة عنوانها "فراغ منصب الرئيس في حال غيابه"، وبهذا أصبح لا وجود لمن ينوب عنه في حال غيابه.

وكان من المفترض أن يُعالج هذا الخلل فور انتخاب مجلس تشريعي جديد وتنصيب رئاسته في نهاية مايو/أيار الجاري، غير أن تعطل قطار الانتخابات التشريعية بإعلان الرئيس عباس قبل أيام تأجيلها إلى أجل غير مسمى، أعاد الخوف من شغور منصبه إلى الواجهة، وبخاصة مع تقدمه في السن وتجاوزه 85 من عمره، وعدم توفر منصب نائب الرئيس في نظام الحكم الفلسطيني.
وكذلك شمل التأجيل الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في نهاية يوليو/تموز، وانتخابات المجلس الوطني أعلى هيئات منظمة التحرير الفلسطينية، لتغيب احتمالية وصول مرشحين آخرين إلى الرئاسة الفلسطينية.

وتنص المادة (37) من القانون الأساسي الفلسطيني على أن مركز رئيس السلطة يعدّ شاغرًا في حالات "الوفاة أو الاستقالة أو في حالة فقد الأهلية القانونية"، وإذا شغر مركز رئيس السلطة في أي من هذه الحالات، يتولى رئيس المجلس التشريعي مهام رئاسة السلطة مدة لا تزيد على 60 يوما تجرى خلالها انتخابات لاختيار رئيس جديد.

وحدث هذا فعلا عند وفاة الرئيس ياسر عرفات في نوفمبر/تشرين الثاني 2004، حيث تولى رئيس المجلس التشريعي في ذلك الوقت روحي فتوح رئاسة السلطة الفلسطينية 60 يوما، إلى أن انتخب الرئيس محمود عباس مطلع يناير/كانون الثاني 2005. ولم يشهد الفلسطينيون أي انتخابات رئاسية منذ ذلك الحين.
لا وسيلة لانتقال السلطة
ويقول أحمد الخالدي، خبير القانون الدستوري وأحد المشاركين في وضع القانون الأساسي مع بداية نشوء السلطة الفلسطينية، إن الحالة القانونية الفلسطينية تمرّ بفوضى تشريعية لا مثيل لها في كل النظم.
ويجزم الخالدي بأن الوسيلة السلمية لانتقال السلطة في حالة مرض الرئيس أو وفاته أو استقالته غير متوفرة حاليا، وذلك يهدد انتقال السلطة بسلاسة ودون مشاكل، وخصوصا في ظل وقوع الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال ووجود جماعات سياسية مختلفة ومجموعات مسلحة تابعة لها، فضلا عن وجود جماعات متصارعة على المراكز العامة.

ويشدد الخبير الدستوري على أن القانون الأساسي لا يجيز تنصيب الرئيس وفق أطر منظمة التحرير، لكنه استدرك أن "الحياة السياسية في فلسطين لم تعد تتقيد بالقانون الأساسي منذ زمن، وقد أدخلت فعلا تعديلات على القانون باتفاقيات سياسية خارج نطاق الدستور، مثل تعديل قانون الانتخابات واعتماد نظام النسبية الكاملة وإلغاء حق الترشح الفردي مع أن القانون الأساسي يضمنه"، وأضاف "لدينا خروق تجعل كل شيء متوقعا".

ونتيجة لذلك يقول الخالدي إنه خلال 15 عاما من غياب المؤسسة التشريعي وتعطيل القانون جرى تغيير النظام السياسي الفلسطيني من نظام نيابي ديمقراطي تعددي يقوم على الفصل بين السلطات إلى نظام رئاسي أصبحت كل السلطات فيه بيد الرئيس.
الحل الوحيد
وفي محاولة لتلافي الانتقال غير السلس للسلطة، يدعو مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار الدويك إلى التعجيل بتحديد موعد جديد للانتخابات الفلسطينية.
وشدد الدويك على تحديد موعد جديد للانتخابات قبل نهاية العام، ودعا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية بتفويض واسع تكون مهمتها متابعة مسار إجراء الانتخابات بأسرع وقت.

وقال الدويك -للجزيرة نت- إن تأجيل الانتخابات يعزز المخاوف من وقوع الفلسطينيين في أزمة دستورية وسياسية في حال فرغ مركز الرئيس لأي سبب، مشددا على أن أي بدائل أخرى خارج الإطار الدستوري الذي حدده القانون الأساسي لن تعطي شرعية كافية لمنصب الرئيس الجديد، في حين أن الحل الوحيد هو العودة السريعة إلى مسار الانتخابات لضمان انتقال السلطة بصورة سلمية وقانونية.
ويشير الدويك هنا إلى إمكانية تنصيب الرئيس الجديد ضمن أطر منظمة التحرير القيادية "خلافا للقانون الأساسي"، غير أن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف قال -للجزيرة نت- إن منظمة التحرير يمكنها أن تسدّ هذه الثغرة.

فالسلطة الفلسطينية -حسب أبو يوسف- هي "ذراع لمنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، وعندما يتم حل المجلس التشريعي "يصبح لدينا جهات رقابية وسيادية في إطار منظمة التحرير يمكنها أن تواصل عمله والحل محله في هذا الشأن".

ويقول أبو يوسف إن منظمة التحرير هي من أنشأت السلطة، ولها القرار في كل ما يتعلق بها ولديها تدابيرها في حال شغور أي منصب قيادي.

ومن المعروف أن عباس إلى جانب رئاسته السلطة الفلسطينية، فهو أيضا رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أعلى هرم في المنظمة.

ويقول أبو يوسف إن حل شغور منصب الرئيس سيكون موضوعا توافقيا داخل أطر المنظمة وبخاصة في اللجنة التنفيذية للمنظمة ومجلسها المركزي.
لا نائب للرئيس
ولا يوجد في القانون الفلسطيني ما يسمح باستحداث منصب نائب الرئيس، رغم محاولة سابقة أشار إليها الخبير القانوني عصام عابدين، كانت في نهاية عهد المجلس التشريعي الأول (انتخب عام 1996 واستمر حتى مطلع 2006).


وحسب عابدين الذي شغل حينئذ منصب المستشار القانوني للمجلس، فقد سعى مشروع قانون طرحته اللجنة القانونية قبل أيام من الانتخابات التشريعية الجديدة (يناير/كانون الثاني 2006) إلى تعديل القانون الأساسي ليسمح باستحداث منصب نائب رئيس السلطة، مع إعطاء صلاحيات للرئيس بحل المجلس التشريعي وتوسيع صلاحياته المحددة في القانون الأساسي، غير أن المشروع لم يمر لتعذر اكتمال نصاب الجلسات الأخيرة للمجلس التشريعي الأول.

إلا أن عابدين أوضح أيضا أن نظام الحكم في فلسطين نيابي، ويوجد منصب نائب الرئيس عادة في الأنظمة الرئاسية كالنظام الأميركي، حيث يحل نائب الرئيس مكانه في حال غيابه لأي سبب كان.

وفي ظل هذا الوضع، يخشى الفلسطينيون من حالة فوضى إذا غاب الرئيس عباس، قد تسمح لأشخاص أو قوى بالسيطرة على موقع الرئيس أو الاقتتال عليه، أو أن يُفرض بتدخلات خارجية.