2024-11-28 04:35 م

خائف على الكرسي.

2021-04-02
بقلم: سمير الفزاع
تلك الصفة يطلقها بعض اشباه البشر على الرئيس بشار حافظ الأسد، وخصوصاً بمواجهة الغارات الصهيونية، ويتلقفها جمع من العملاء والحاقدين والجهلة والبلهاء والكسالى... الذين لا يريدون بذل ولو جزء يسير من وقتهم وجهدهم لمعرفة الحقائق. وجمع آخر يتلقفها لأنه أسلم أمره لمن جعل منه صنواً لدابة الساقية التي تدور وهي معصوبة العينين تقريباً، في حركة ميكانيكية تخدم من أوثق رسنها، وقزّم بصرها، ورسم لها خط سيرها... وثالثة، ملأ الحقد قلبها، فعطل عقلها، ونخر فطرتها وبديهاتها، وأورث الفصام نفسها ومسطرة قيم أحكامها... وأمّا الرابعة، فتلك التي استعارت من الحرباء جلدها، ومن الأفعى تَلوّيها... فتدّعي مهاجمة "الأسد" حرصاً على سورية وسيادتها ومقدراتها، فتذرف دموع الشامتين في ثوب الحريص الضنين، وتدس السُمّ الزعاف في كؤوس المتعطشين للحقيقة "السهلة" التي تختلف عن الرواية "النمطية" للسلطات السوريّة. على نحو مبسط جداً، لنحاول معاً تفنيد هذه الدعاية المسمومة التي يجب أن نعترف بأن لها "أثر" على "فئة" من شعبنا وجمهورنا في سورية وفي محور المقاومة، وعموم أمتنا... يزيد وينقص حسب مجرى الأحداث، وشراسة الهجمة، وقوة الردّ، والقدرة على توضيح وتوصيف المشهد... . أ-لنطرح السؤال البديهي: مِن مَن :يخشى" الرئيس بشار حافظ الأسد على "كرسيه" من واشنطن ولندن وتل أبيب... أم من موسكو وطهران وصنعاء...أم من "ثورة" الشعب العربي السوري المزعومة؟!. قد يبدو السؤال ساذجاً، لكن صدقوني، هو أساسي حتى العظم... وللتدليل على ذلك، أُفصل بايجاز قدر الممكن: 1-إذا كان الشعب العربي السوري هو مصدر خوفه، لنسأل: ما علاقة الردّ على الغارات الصهيونية بخوفه من شعبه الذي يتعرض بدوره لواحدة من أشرس الهجمات الشاملة التي عرفها التاريخ البشري؟!. من موّل وسلّح وعوّم أدوات الغزو الإرهابي التي قتلت وروعت وهجرت... الشعب العربي السوري، أليسو هُم ذاتهم من ينفذ اليوم الغارات على سورية وجيشها وشعبها ومقدراتها، ومن يهللون لها، ويتغنون بها؟!. أليسوا هم ذاتهم من باتوا جهاراً نهاراً يتسابقون إلى لعق أحذية الصهاينة ومؤخراتهم؟!. يعرف الشعب العربي السوري يقيناً أن فتح جبهة مع الكيان الصهيوني في هذا الوقت، حيث جيش الاحتلال الأمريكي في شمال-شرق سوريّة، يسرق 75% على الأقل من موارده النفطية والغازية والغذائية... وجيش الاحتلال التركي في شمال وشمال-غرب سورية، يهدد حلب عاصمته الثانية، وموانئه على ساحل المتوسط... ويقابل تماماً قاعدة امريكا والناتو في التنف في خط شروع عسكري يشطر سورية لنصفين، وتحالف عربي-صهيوأمريكي بات من حقائق الميدان... ؟مغامرة كبرى، بل فعل يلامس حدود الإنتحار. هذا لا يعني التسليم بواقع الاعتداءات الصهيونية المتكررة، بل يعني بأن هناك أكثر من مسار لوقفها تماماً، أحدها سياسي تقوده موسكو، وآخر عسكري-ميداني تقوده سورية وحلفائها في الإقليم، وثالث عسكري-تقني تقوده سورية مع عدد من الحلفاء... والنتائج المرجوة صار الكثير منها ماثلاً للعيان. 2-إذا كان الرئيس بشار حافظ الأسد خائفاً من "شعبه"، ومرعوباً من نفاذ ذخيرة "جيشه" في وجه ثورة تدعمها واشنطن والنيتو وتوابعهما الصغار، هل سيقصفهم مثلاً، بصواريخ أرض-جو مثل "بانتسير" و"تور-أم" و"بتشورا"...؟!. وأما إذا كان "شعبه" يثور عليه لأنه خادم لواشنطن وتل ابيب كما يقول البعض... فكلنا يعلم أن الردّ على الغارات الصهيونية كفيل برفع أسهمه الى السماء، وقادر على "تغطية" هذه "العمالة" تماماً، وخير مثال على ذلك: مسرحيّة اردوغان في مؤتمر "دافوس" المُعدة مسبقاً مع الصهيوني "شمعون بيريز". 3-وأمّا بخصوص موسكو وطهران وبغداد وبيروت وصنعاء... والقدس، فهم حلفاء سورية في حربها ضد الإرهاب ومشغليه، وكل العالم يشهد على ضراوة اشتباكهم مع واشنطن ولندن وأدواتهما في المنطقة... ولا يُشكل أيّ منهم تحدي مبدئي أو أخلاقي أو وطني أو قومي لدمشق، بل هم معها كما هي، ويدعمونها على هيأتها التي تشاركوا معها مشوارها وبعضهم بدأه منذ عقود طوال. 4-لكن إذا كان المقصود بأن الرئيس بشار حافظ الأسد "خائف" على كرسيه من أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني... وهو ما يذهب اليه –فجوراً وعهراً وتزييفاً- أولائك الخونة، وتلك الأبواق الرخيصة... عندها، أُردد خلف كلّ شرفاء سورية والمحور والأمة: *لنفترض جدلاً بأن الرئيس الأسد "يخاف" على كرسيه من هؤلاء، هل يُحسب ذلك له أم عليه؟!. هل يؤكد ذلك عمالته لهم أم تمرده على مشاريعهم؟!. وهل يجعل ذلك "الثورة" المزعومة تصب في خانة الوطن أم في خانة أعدائه؟!. قُدّم للرئيس الأسد من الإغراءات السياسية والمادية والاقتصادية... ما لم يُقدّم لغيره، وكلنا يعرف بأن خيار الجبان الأول هو سلامته الشخصيّة، لو كان خائفاً هل كان سيرفض مُلك بلاد الشام بأسرها، وعشرات مليارات الدولارات التي نثرت تحت قدميه؟!. *متى كانت الغارات الصهيونية تُشن على حلفاء واشنطن وتل أبيب، خصوصاً عند تكرارها على مدار سنوات؟!. *كيف لواشنطن وتبعها في العالم والاقليم، أن يُضعفوا "عميلهم" إلى هذا الحد: اقتصاديّاً وسياسيّاً واعلاميّاً وعسكريّاً... ثم يطلبوا منه الولاء لهم، ومجاراتهم في مشاريعهم... وهي التي تتطلب "قائد" قوي ومقتدر ويملك القدرة على تمرير هذه المشاريع الخلافية في الحد الأدنى؟!. *كيف لمخطط استراتيجي أو سياسي، أن يدفع "عميله" إلى حضن أعدائه، فيقوى بهم، ويستعيد عبرهم ترجيح كفته في موازين القوى، ويستفيد من شراكتهم ميدانيّاً وسياسيّاً واقتصاديّاً... على مدار عشر سنوات، حتى يصير شريكاً كاملاً في مشاريع وخطط محور أعداء وخصوم هذا المخطط أو السياسي... حتى يوشك اليوم هو وحلفائه الجدد، على سحق حضورهم، ودحر مخططاتهم... ثم ينتظرون منه الولاء لهم، أو الإلتفات لطلباتهم؟!. *ما الذي ينتظره بشار الاسد ليعلن "عمالته" لواشنطن وحلفائها وأدواتها... وقد وقف "الأعراب" في الصف لينالوا رضى واشنطن ولندن وتل ابيب؟! ألم يكن بمقدوره، ومنذ اللحظات الأولى اللحاق بهذا الركب، فيكون الملك المتوج على سورية ولبنان وغيرهما؟!. 9/1/1974، يجتمع كيسنجر مع انور السادات في القناطر الخيريّة بالقاهرة، ويخاطبه قائلاً: نحن نثق بك، أمريكا تثق بك، و"إسرائيل" تثق بك... ولكن في اليوم التالي، بعد رحيلك، كيف ستكون الأمور... فأجاب السادات: جيل ثورة "يوليو" رحل، وسأتكفل بترحيل من تبقى منه، ومن سيقود مصر هو "جيل إكتوبر"، منهم سيكون نائبي في رئاسة الجمهورية، ومنهم سيكون الرئيس القادم... وقام السادات بعرض خمسة أسماء رشحها لتولي رئاسة مصر من بعده، وهم: احمد اسماعيل، عبد الغني الجمسي، محمد فهمي، فؤاد ذكري، حسني مبارك، قائد سلاح الجو والمندوب المصري في مجموعة "السفاري" الموكلة بمهمة محاربة الحركات التحرريّة في أفريقيا بالاشتراك مع فرنسا والمغرب باشراف واشنطن وتل ابيب. وترك لأمريكا والكيان الصهيوني اختيار احدهم، وعندما وقع الاختيار على حسني مبارك نائباً للرئيس، أي الرئيس القادم، أُبلغ السادات بالأمر، فجيء بمبارك نائباً للرئيس ورئيساً مستقبلياً لمصر... ومن اللطائف المُفجعة والمحزنة حول هذا الأمر، أن جيهان السادات انتقدت مرة مبارك بحضور السادات، فقال لها"حاسبي" وانت تتحدثين عن رئيس مصر القادم؟!. هكذا تصنع واشنطن وتل ابيب ولندن رؤساؤهم وملوكهم الجبناء الرعاديد... ولكن "الأسد" حكاية أخرى، هم يعرفون ذلك جيداً، ويجب أن تعرفوا أنتم ذلك جيدا يا شعب سورية وجمهور محور المقاومة، وتفخروا بذلك ما وسعكم الفخر.