بدأ يدور سجال “أميركي-إيراني” جديد حول “الاتفاق النووي”، سمته التضارب في التوجه المفترض أتباعه من قبل “واشنطن” تجاه “طهران”، حيث ترى “واشنطن” أن “طهران” عليها أن تبدأ أولاً، وتؤكد أنها لن تعرض عليها حوافز أحادية الجانب لإقناعها بحضور محادثات حول استئناف الجانبين الإمتثال للاتفاق، الذي تم عام 2015.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، “نيد برايس”، للصحافيين: “لن نقدم أي مبادرات أو حوافز أحادية الجانب لحث الإيرانيين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات”، حسبما نقلت وكالة (رويترز). وتابع أنه إذا كان لدى الإيرانيين إنطباع بأنه في غياب أي تحرك من جانبهم لاستئناف الإمتثال الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة، فإن “أميركا” ستقدم مزايا أو إيماءات من جانب واحد، فإن هذا الإنطباع خاطيء.
اعتماد الدبلوماسية الصارمة..
كما قال وزير الخارجية الأميركي، “آنتوني بلينكن”، إن “واشنطن” لن ترفع أي عقوبات عن “طهران”؛ قبل عودتها لإلتزاماتها النووية.
ويرى “بلينكن” أن أفضل طريقة للتعامل مع “إيران” هي اعتماد الدبلوماسية الصارمة، بعد أن بدأت “طهران” برفع القيود التي كانت مفروضة على برنامجها النووي، في أعقاب انسحاب “الولايات المتحدة” من “الاتفاق النووي”، مشيرًا إلى أن “الولايات المتحدة” لديها مصلحة بإعادة “إيران” إلى “الاتفاق النووي”.
التوصل لاتفاق شامل..
فيما وقع 140 عضوًا في “مجلس النواب” الأميركي على رسالة، تحث إدارة الرئيس، “جو بايدن”، على التوصل إلى اتفاق شامل مع “إيران”.
ويدعو النواب إلى التوصل إلى اتفاق أو عدة اتفاقات، من شأنها استعادة القيود على برنامج “إيران” النووي وكبح برنامج “طهران” للصواريخ (الباليستية) والتعامل مع: “سلوكها الخبيث” في منطقة الشرق الأوسط.
عقوبات على إثنين من “الحرس الثوري”..
وكانت “وزارة الخارجية” الأميركية، قد أعلنت، الثلاثاء الماضي، إدراج إثنين من المسؤولين في (الحرس الثوري) الإيراني على قائمتها السوداء؛ بتهمة: “المعاملة اللا إنسانية للسجناء السياسيين والمتظاهرين”، في “إيران”، خلال العامين الماضيين.
وفي وقت سابق، أبدت “واشنطن” اهتمامها بإجراء مباحثات مع “إيران”، بمشاركة السداسية الدولية، التي توصلت إلى الاتفاق مع “إيران”، في 2015. ولكن ترى “طهران” أن ليس من المناسب عقد اجتماع غير رسمي حول برنامجها النووي.
لم تتفاوض للانسحاب.. ولم تتفاوض للعودة..
فيما شدد الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، على أن “واشنطن” لم تتفاوض للانسحاب من “الاتفاق النووي”، وعليه فلن تتفاوض “طهران” لعودتها، قائلاً: “إذا أرادت الإدارة الأميركية الإلتزام بالاتفاق النووي والقانون الدولي، فعليها أن تثبت ذلك عمليًا”، مؤكدًا أن: “إيران مستعدة لتنفيذ كافة التعهدات مقابل كافة التعهدات ومستعدة لتنفيذ جزء من التعهدات مقابل جزء من التعهدات”.
يُذكر أنه، قبل أيام، أعلنت “واشنطن” إمكانية تخفيف العقوبات المفروضة على “طهران”. وكشف الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، “نيد برايس”، أن “الولايات المتحدة” وحلفائها؛ يمكن أن يعملوا ضمن إطار دبلوماسي يوفر: “تخفيفًا محدودًا” للعقوبات على “طهران”، مقابل إعادة القيود الدائمة التي يمكن التحقق منها على البرنامج النووي لدى “إيران”، وفقًا لصحيفة (الشرق الأوسط).
وبدأت “طهران”، الأسبوع قبل الماضي، تقليص عمل مفتشي “الوكالة الدولية للطاقة النووية”، بعد إنقضاء المهلة لرفع العقوبات التي فرضتها “الولايات المتحدة الأميركية”، بعد الانسحاب الأحادي من “الاتفاق النووي” الإيراني، قبل ثلاث سنوات.
وألغت “الولايات المتحدة الأميركية”، إعلان الرئيس السابق، “دونالد ترامب”، إعادة فرض كل عقوبات “الأمم المتحدة” على “إيران”.
تكتيك أميركي في آليات التفاوض !
حول ما يحدث من تناقضات في تصريحات المسؤولين، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة “الأميركية”، “د. طارق فهمي”؛ إن: “تصريحات بلينكن؛ تكتيك أميركي في آليات التفاوض ونقل رسائل مباشرة إلى الجانب الإيراني بأن الموقف الأميركي قائم على الجدية في التعامل مع الملف الإيراني، بغض النظر تقديم بعض التنازلات”.
وأكد “فهمي”، أن: “واشنطن تسعى إلى فرض إستراتيجية الأمر الواقع لسحب إيران للتفاوض، خاصة أنه من الواضح أن هناك توزيع أدوار داخل الإدارة الإيرانية للتعاطي مع هذا الملف”.
سياسة عض الأصابع والضغط المتبادل..
وحول الموقف الإيراني؛ قال الكاتب والمحلل السياسي، “د. عماد أبشناس”: “إن تصريحات روحاني، بشأن مقاومة العقوبات، تعكس موقف حقيقي داخل الإدارة الإيرانية”، مؤكدًا أن: “ترامب إرتكب خطأ كبيرًا وقد باتت أيادي الولايات المتحدة مكبلة أمام إيران، بعد أن طبقت كل هذه العقوبات ولم تؤثر على النظام”.
وأشار الباحث في العلاقات الدولية، “ناصر زهير”، إلى أن: “ما يحدث الآن هو سياسية عض الأصابع والضغط المتبادل، وما سيحدث سيعتمد على قدرة ثبات الإدارة الأميركية، بعد أن استخدمت إيران جميع أوراقها في المنطقة”.
وأشار إلى أن: “الطرف المرشح للتنازل الآن؛ هو إيران، خاصة أنها أعلنت في آخر فترات، ترامب، أنها مستعدة للذهاب إلى المفاوضات بشرط رفع العقوبات، لكن تغيرت اللهجة بعد وصول، بايدن، وإذا لمست طهران تشددًا في موقف، بايدن، قد تبدأ بالتنازل”.
لم تتبلور سياسة “بايدن” تجاه إيران حتى الآن..
الدكتور “عماد إبشناس”، المحلل السياسي الإيراني، قال إن: “الولايات المتحدة الأميركية فرضت كل ما في إمكاناتها من عقوبات وضغوط، خلال فترة دونالد ترامب، لكن لم تؤثر هذه الضغوط على إيران”.
مضيفًا أن: “البعض تصور في فريق، جو بايدن، أن بإمكانهم الاستمرار في السياسات العقابية التي اتخذها ترامب، من أجل الحصول على إمتيازات من إيران”.
وتابع: “لكن وجد هذا الفريق أن الإيرانيين شرعوا في جني ثمار مقاومتهم لهذه العقوبات، وأن التهديدات لم تُعد تخيفهم، لذا يبدو أن أميركا بصدد تغيير في إستراتيجيتهم”.
وعن السياسة التي سيتبعها “بايدن”، قال: “سياسة، بايدن، الخارجية عامة، وتجاه إيران خاصة؛ لم تتبلور لحد الآن، وهو الآن يصب كافة اهتماماته بالمشاكل الداخلية الأميركية”.