2024-11-25 12:45 م

المال والإعلام.. هل يُعيدان دحلان بالانتخابات؟

2021-02-26
من المتوقع أن تشهد الانتخابات التشريعية المقبلة خريطة حزبية جديدة تختلف عن سيناريو انتخابات 2006 التي برزت المنافسة فيها بين حركتي التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) والمقاومة الإسلامية (حماس).

وتعتبر فتح مساهمًا أساسيًا في تغذية الخريطة الحزبية الجديدة؛ بسبب الانشقاقات الداخلية التي أفرزت ضمن أبرز نتائجها، التيار الإصلاحي الديمقراطي الذي يرأسه القيادي محمد دحلان.

وفُصل دحلان من حركة فتح بقرار من الرئيس محمود عباس منتصف العام 2011؛ بعد اتهامه بقضايا جنائية ومالية، لم يُكشف عنها.

ويُعد دحلان، الذي يقيم في الإمارات حالياً، الخصم السياسي للرئيس أبو مازن، الذي حاول في وقت سابق إصدار طلب اعتقال ضده عبر الإنتربول الدولي، الذي رفض الطلب مرتين.

ويسود ترقّب لإمكانية بروز تيار موازٍ يديره القيادي الفتحاوي الأسير مروان البرغوثي، قد يشارك في الانتخابات بقائمة منفصلة عن قائمة فتح الرسمية.

ومنذ إصدار مراسيم الانتخابات، رصدت وكالة "صفا" نشاطًا متناميًا وملحوظًا للتيار برئاسة دحلان في قطاع غزة، قد يؤشر إلى نيّة الأخير خوض الانتخابات "بقوّة".

وأعلن التيار، في 16 يناير/ كانون ثاني الماضي، عن نيته المشاركة في الانتخابات المقبلة.

وكتب أمين سر الهيئة السياسية في التيار بساحة غزة سفيان أبو زايدة، عبر حسابه في "فيسبوك"، أن التيار سيشارك بقائمة مستقلة في حال تعذّر التوافق على قائمة موحّدة لفتح.

حراك سياسي

تؤكد مصادر موثوقة لوكالة "صفا" أن أطرافًا سياسية وأمنية تتبع لدحلان، اجتمعت في الآونة الأخيرة مع أجهزة مخابرات عربية؛ "لترتيب أوراقه".

وتثير التعديلات الأخيرة التي أجراها الرئيس عباس في النظام الانتخابي والقرارات بشأن القضاء، مخاوف دحلان؛ لذلك حرص بشكل غير مباشر على إثارتها في حوار القاهرة الأخير.

ورصدت "صفا" بنودًا وردت في النظام الانتخابي الجديد، يعتقد قانونيون أنها خُصصت لكبح أي محاولات للتيار الإصلاحي للمشاركة في الانتخابات بقائمة خاصة.

ومن تلك البنود، المادة التي "تشترط لمن أراد الترشّح لعضوية المجلس التشريعي من الموظفين، أن يستقيل من وظيفته العمومية، ويرفق طلب قبول الاستقالة في طلب الترشح".

ويضاف إليها، مادة أخرى "تحظر على أي قائمة انتخابية أو أي مرشّح لمنصب الرئيس الصرف على الحملة الانتخابية إلا في حدود مليون دولار أمريكي".

وتفسّر المادة أعلاه خشية فتح من أن يعزز المال الإماراتي حظوظ دحلان في الفوز بالانتخابات التشريعية، والتفوّق على القائمة الرسمية للحركة.

وتكشف المصادر لـ"صفا" أن دحلان يخطط لخوض الانتخابات بـ "قائمة وطنية" تحمل اسم "قائمة الشهيد ياسر عرفات".

ويسعى دحلان، وفق المصادر الموثوقة، إلى أن تحمل قائمة التيار الرقم (1) في الانتخابات التشريعية.

وترأّس دحلان بعد إصدار المراسيم الرئاسية بالانتخابات، اجتماعًا مع رؤساء التيار، علمت "صفا" بعض مضامينه، واتفق المجتمعون على أن "2021 سيكون عام التيار".

كما سرت قناعة لدى المجتمعين بأنهم "إذا فشلوا في الانتخابات فلن يكون هناك مستقبل للتيار".

وتعتبر عودة قيادات من التيار إلى القطاع بالتزامن مع ترتيبات الانتخابات، خطوة عملية في مسار سعيّ دحلان للمشاركة الرسمية وترتيب ساحة غزة وتأهيلها لذلك.

وعاد إلى القطاع قبل أيام، اثنان من أبرز "رجالات دحلان"، أحدهما مسؤول مفوضية الانتخابات في التيار عبد الحكيم عوض.

وفي هذا الإطار، يكشف القيادي في التيار "ديمتري دلياني"، في تصريح صحافي، أن "هناك المزيد من القيادات، وعددهم 15، سيعودن إلى القطاع، إضافة إلى المزيد من الكوادر، ويجري الآن ترتيب أمورهم".

إعلاميًا وإغاثيًا

وبموازاة ذلك، يدرك دحلان، المستشار الأمني لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، أن مشاركته في الانتخابات تلزم ذراعًا إعلامية تستطيع تبنّى برنامجه السياسي والترويج له، دون الاعتماد على الآخرين.

كما يدرك دحلان أن مساحة واسعة من الدعاية الانتخابية لفتح ستوجّه ضده، وستعتمد فيها على إعادة نبش "الملفات القديمة" له، لذلك يعتبر أن أول خطوات المنافسة وجود "إعلام تحت إمرته".

وفي هذا الإطار، تكشف مصادر "صفا" بأن 22 وسيلة إعلامية أصبحت تتبع للتيار، من بينها فضائيات وإذاعات ومواقع إلكترونية، وستعمل لصالح القائمة التي سيخوض بها الانتخابات التشريعية، ثم الرئاسية.

وتبنّى دحلان صرف موازنات شهرية ثابتة لمواقع إلكترونية ووكالات أنباء معروفة محليًا أوشكت على الإفلاس، التي بدورها أعادت صياغة سياساتها التحريرية وفق رغبة المموّل.

ويقف دحلان خلف عودة بث إذاعة "صوت الشباب" في قطاع غزة، بعد انقطاع 14 عامًا، التي باشرت ذلك في 19 يناير/ كانون ثاني الماضي، مع إطلاق موقعها الإلكتروني وصفحاتها الخاصة عبر منصات التواصل.

كما عمد إلى توثيق حسابات عشرات الناشطين في موقع فيسبوك، ومنصات رقمية أخرى.

وفي الجانب الإغاثي، يخطط دحلان، وفق معلومات "صفا" إلى إدخال 100 ألف "كابونة" إلى قطاع غزة؛ ستذهب مناصفة بين مناصري التيار و"لجنة تكافل".

"وتكافل" لجنة وطنية إسلامية برلمانية للتنمية والتكافل أنشأت عام 2017، وهي ذات طابع إنساني وتدخلات إغاثية في إطار تنموي.

وتعتمد اللجنة على الدعم العربي والإسلامي الحكومي والشعبي، وعلى الكوادر المحلية في توجيه التمويل، وتضم ممثلين عن فصائل فلسطينية.

ويعتبر دحلان ذلك مدخلًا لكسب دعم وأصوات الحالة الشعبية المنهكة بفعل الحصار الإسرائيلي منذ 14 عامًا، وتفشي وباء كورونا.

وقد يعتمد غالبًا على ربط هذا المدخل الإنساني بالعقوبات التي فرضها الرئيس على قطاع غزة في إبريل/ نيسان 2017، باتجاه خلق مزيد من الضغط الشعبي عليه.

كما يحاول دحلان تصوير نفسه بأنه المنقذ للحالة الإنسانية في غزة، من خلال استثمار الأزمات، وليس آخرها أزمة كورونا، وفق المصادر.

وأعلن "أبو فادي" يوم 18 فبراير/ شباط 2021 أنه سيرسل 20 ألف جرعة من لقاح "سبوتنيك V" الروسي إلى قطاع غزة.

ووصلت الدفعة الأولى من اللقاحات المضادة يوم 21 الجاري، وقال عنها دحلان إنها "منحة كريمة من دولة الإمارات الشقيقة، وتأتي في هذا الظرف الدقيق حيث يستهدف الوباء كل أحبتنا ولا يستثني أحدًا".

وتعتقد مصادر "صفا" أن هذا "الخطاب" سيصبح أكثر عاطفية حتى تاريخ 22 مايو/ أيار المقبل، موعد إجراء الانتخابات التشريعية.

وينظر دحلان، وفق المصادر، إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية بأنها تذكرة عودته إلى المشهد السياسي الفلسطيني، التي ستضعه في مواجهة مباشرة وحادّة مع خصومه.

وهذا النشاط هو ضمن الشواهد التي استند إليها موقع "إنتليجنس أون لاين" الاستخباراتي البريطاني لإثبات أن دحلان يعتزم العودة من الإمارات إلى فلسطين.

وبحسب الموقع "يعتبر دحلان منذ فترة طويلة خليفة محتملاً لعباس، وهو الآن المستشار الأمني لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، مما يجعل وجوده حاليًا محسوبًا، ولاسيما في وقت تكون فيه جميع الخيارات مفتوحة مع تغيير الإدارة في الولايات المتحدة".

ويبدو مهمًا، الإشارة إلى أن نشاط دحلان لا يقتصر غالبًا على قطاع غزة، بل يمتد إلى الضفة الغربية، بدليل ما كشفت مصادر مُطلّعة لوكالة "صفا" في 27 سبتمبر الماضي، حول تتبع واستهداف خلايا تياره هناك.

وأصدر الرئيس عباس، وفق المصادر، تعليمات صارمة ومشددة، ولا تحتمل المهادنة في ملف تيار دحلان، وأوكل لجهاز الاستخبارات العسكرية المسؤولية عن ملف دحلان بكل تفاصيله.

وكشفت المصادر أن جهاز الاستخبارات العسكرية تمكّن من كشف الخط المالي بين دحلان والضفة الغربية، وكان بعض ما كُشف "مفاجئًا"، إذ تبيّن أن بعض المبالغ المالية الكبيرة تم تحويلها ونقلها عبر موظفين رفيعي المستوى ما زالوا على رأس أعمالهم في السلطة.

وعلّقت المصادر بالقول حينها إن "ذلك دق ناقوس الخطر مجددًا لدى القيادة، بأن دحلان ما زال موجودًا بعناصره داخل المؤسستين الأمنية والمدنية وبمناصب رفيعة"، وهذا الوجود قد يظهر في الانتخابات المقبلة، ليدعم السيناريو الذي تخشاه فتح.