يترقب معارضون مصريون انعقاد قمة الديمقراطية العالمية التي دعا إليها الرئيس الأميركي جو بايدن، وذلك على أمل أن تكون بداية لتغييرات ولو جزئية في المشهد السياسي والحقوقي في مصر.
وبينما لم تحدد الإدارة الأميركية موعدا للقمة التي قرر بايدن أن تكون خلال سنته الأولى في الحكم يأمل قادة بالمعارضة المصرية أن تكون القمة بادرة على حرص الإدارة الأميركية على الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان، وأن تتسع للمنظمات الأهلية والأحزاب والتيارات السياسية.
وفي أحاديث منفصلة للجزيرة نت طالب معارضون مصريون واشنطن بالتخلي عن دعم الدكتاتوريات والنظم المستبدة وتجريم الانقلابات، والنظر لمستقبل الأمان السياسي والاجتماعي والاقتصادي لشعوب المنطقة، والاهتمام بملف العدالة الاجتماعية وحقوق المهمشين.
ترحيب بالقمة
في هذا السياق، يقول إبراهيم منير نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين إن "الجماعة صدرها مفتوح للجميع، ومستعدة للحوار مع أي إنسان يكون في صف الديمقراطية وحق الشعوب في امتلاك حريتها، ونريد أن يحكم هذا التوجه العالم كله، بما فيه منطقتنا، وبالتأكيد نحن نطلبها لمنطقتنا كما نطلبها لكل شعوب الدنيا".
وأضاف منير أنه إذا كان هناك توجه من الإدارة الأميركية الجديدة نحو دعم الديمقراطية والحريات وإعطاء الشعوب حقوقها في اختيار من يمثلها، فنحن نرحب بهذا التوجه ولا نتأخر عن أي دعوة لحضور مثل هذه المؤتمرات المهمة وإبداء رأينا وتصوراتنا فيها.
بدوره، أكد رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية أيمن نور أن قمة الديمقراطية ينبغي أن تتسع ليس فقط للدول، ولكن التمثيل الصحيح للمنظمات الأهلية والمنظمات الوسيطة كالأحزاب والتيارات السياسية المعنية بقضية التحول نحو الديمقراطية.
وأعلن نور مشاركة حزبه "غد الثورة" في هذه القمة إذا وجهت له الدعوة، مشيرا إلى أنه يميل إلى أن قرار اتحاد القوى الوطنية سيكون أيضا بالمشاركة.
ولفت نور إلى ذكرياته مع قمة الديمقراطية التي عقدت في 2007 في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الذي تمنى أثناء كلمته مشاركة أيمن نور الذي كان رهن الاعتقال وقتها في سجون الرئيس الراحل حسني مبارك.
من جهته، قال عضو المكتب السياسي لحركة شباب "6 أبريل" خالد إسماعيل إن الحركة حتى الآن لم تناقش قرار المشاركة في حال وجهت لها الدعوة، مضيفا "لكن ذلك سيكون محل نقاش داخل المكتب السياسي في حينه".
وأوضح أن أبرز الملفات الواجب طرحها في مثل تلك القمة هي المعتقلون على اختلاف انتماءاتهم، والعدالة الاجتماعية وحقوق المهمشين، وضمان التداول السلمي للسلطة مع تجريم الانقلابات، بالإضافة إلى حرية الرأي والتعبير.
آمال وتوقعات
وبشأن الآمال والتوقعات من قمة بايدن، يأمل إبراهيم منير أن تحدث هذه القمة فعلا وتنعقد تحت الأهداف المعلن عنها، مضيفا أنه "لا يوجد تأكيد واضح يقول إن القمة ستحدث، وتشارك فيها شخصيات على مستوى العالم، وأن تتجاوز النظم الحاكمة في المنطقة، وأتصور أنها قد تكون مستبعدة".
وتابع منير أن الآمال المترتبة على هذه القمة إذا تحققت ستكون جيدة لشعوبنا وشعوب العالم كله، مؤكدا أن السياسات الغربية والأميركية السابقة تجاه المنطقة سياسات خاطئة، وأن عقلية من أدارها في الماضي لم تستوعب ما يحدث في المنطقة ومستقبلها، مشيرا إلى إحدى نتائج تلك السياسية الخاطئة، وهي الوجود الروسي في أكثر من مكان بالمنطقة، بحسب رأيه.
بدوره، أكد أيمن نور أن القمة تشير إلى الاتجاه الصحيح الذي يجب أن تتخذه واشنطن بعد سنوات من الانتكاس في القيم والمبادئ الديمقراطية.
وأضاف نور أن عقد هذه القمة هو نوع من أنواع الاعتذار والتراجع عن سياسات الرئيس السابق دونالد ترامب الذي ساند كل الأنظمة الاستبدادية التي حقنت العالم بالاستبداد والعنف، وامتد أثرها إلى الولايات المتحدة نفسها.
من ناحيته، أوضح خالد إسماعيل أن التوقعات من القمة تتوقف على كيفية تعامل واشنطن مع الدول التي ينظر لها على أنها حليفة.
وأضاف إسماعيل متسائلا "ما هو مقدار الضغط الذي يستطيع الرئيس بايدن ممارسته على حلفائه العرب، حيث إن الإدارة الأميركية تعي جيدا أنه لا غنى عنهم لنجاح أهدافها في الشرق الأوسط".
وتوقع إسماعيل أن يقدم النظام المصري تنازلات بإطلاق سراح بعض المعتقلين والحد من الاحتجاز القسري، معتبرا أن هذه الإجراءات -رغم محدوديتها- ستحدث انفراجة بشكل جزئي، لكنها ستظل بعيدة عن حالة التغيير التي دفع من أجلها الآلاف حياتهم ثمنا لها، إضافة إلى عشرات الآلاف ممن فقدوا حريتهم أو تركوا أوطانهم قسريا.
رفض وتحفظ
في المقابل، قال المستشار الإعلامي السابق لحزب البناء والتنمية -الذراع السياسية للجماعة الإسلامية- خالد الشريف "نحن نحيي أي جهد للانتصار للديمقراطية ووقف آلة القمع في مصر".
وأضاف الشريف في حديثه للجزيرة نت "لكن مصر تعيش حالة دكتاتورية غير مسبوقة من انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم إبادة ضد الإنسانية، وكل ذلك يجري أمام سمع وبصر العالم، أميركا والغرب والدول الإقليمية تدعم السيسي، فلا يخدعنا أحد أن هذه الدكتاتورية نمت وترعرعت في عهد ترامب فقط".
واستنكر الشريف عقد القمة قائلا إن "الأمر لا يحتاج إلى قمة، فأميركا تقدم منحا مالية وسلاحا لسلطة السيسي، وما زالت ترى فيها حليفا".
ويرى الشريف أن تغيير الأوضاع في مصر لن يكون إلا بأيد مصرية، مختتما حديثه بالقول "نحن نرفض التبعية للغرب وأميركا، ونؤمن بضرورة استقلال إرادة بلادنا، لذلك لا نأمل في أميركا خيرا".
المصدر : الجزيرة