لم ترشح معلومات غير متوقعة نشرتها وسائل الإعلام الدولية، عن لقاءات أجراها، الأحد، وزير البترول المصري طارق الملا، مع مسؤولين صهاينة يتصدرهم رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو والرئيس رؤوفين ريفلين.
لكن غير المتوقع، جاء من زيارة “الملا” التي امتدت إلى الأراضي الفلسطينية للقاء الرئيس محمود عباس، ومسؤولين في قطاع الطاقة، أفضت إلى إعلان توقيع اتفاقية لتطوير حقل غزة مارين على البحر المتوسط.
الحقل الأقدم والنشاط القطري
حقل غزة مارين هو أول حقل مكتشف للغاز الطبيعي في منطقة شرق المتوسط، تبعته اكتشافات "إسرائيلية" ومصرية ويونانية، غيرت خارطة توزيع الطاقة في المنطقة، ورفعت سخونة الصراعات بين عديد الدول المطلة على المتوسط.
ما يزال الحقل غير مستغل من جانب الفلسطينيين، الذين وجدوا في الانضمام لمنتدى غاز شرق المتوسط قبل عامين، أداة ضغط جديدة -ببعد دولي- لانتزاع حق تطويره من "إسرائيل".
مع تعنت "إسرائيل" ورفضها تطويره، تخارجت “بريتش غاز” من الحقل، لتقوم شركة “رويال داتش شل” البريطانية الهولندية بشراء حصتها، قبل أن تتخارج هي الأخرى في مارس/ آذار 2018.
في المقابل، لعل ما سرّع الخطوة المصرية لتوقيع اتفاقية تطوير الحقل الفلسطيني الوحيد، هو النشاط القطري في غزة، وحضورها بقوة في إعلان صدر مؤخرا بحل أزمة الكهرباء في القطاع.
الإعلان الأخير الصادر الأسبوع الماضي، تم بعد توقيع اتفاق بين قطر والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، بالتنسيق مع "إسرائيل"، والحكومة الفلسطينية.
ويرى متابعون لشؤون الطاقة أن القاهرة قد تخشى دخول لاعب قوي لمنطقة شرق المتوسط، ممثلا بقطر، ويتحول إلى شريك في قطاع جديد للفلسطينيين عبر تطوير الحقل القريب من حدود مصر وحقول الغاز التابعة لها.
ومع فرضية حصول قطر على عقد تطوير الحقل الفلسطيني، فإنها أولا ستنشط في منطقة غنية بالغاز، وثانيا ستعمل بإمكانات تقنية متطورة قد تفتح لها اكتشافات أخرى من الغاز.
وطالما أعلنت مصر عن مساعيها للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة، عبر اكتشافاتها في المتوسط، وتوقيع عقود استيراد الغاز "الإسرائيلي" لإعادة تصديره نحو أوروبا.
السويس.. شريان مصر
على صعيد مواز، جاءت زيارة طارق الملا إلى كيان العدو، بعد ثلاثة أسابيع من نفي مصر، وجود أية تأثيرات سلبية قد تواجهها قناة السويس، بسبب خطوط ملاحة "إسرائيلية" قد تمتد بين البحر الأحمر والبحر المتوسط الواقعين جنوب الكيان وغربه.
وذكرت “هيئة قناة السويس” في بيان، أن مسار القناة سيظل الأقصر والأكثر أمناً للربط بين الشرق والغرب، حيث تتمكن حاويات النقل البحري عبر القناة من نقل كميات أكبر من البضائع، وبتكلفة أقل من أية مسارات برية.
وازدادت مخاوف المصريين بشأن مستقبل القناة، بعد إعلان إسرائيل عن محادثات لمد خطوط من الإمارات، تمر عبر السعودية والأردن، حتى إيلات ثم إلى ميناء عسقلان على البحر المتوسط.
ويعني ذلك، أن منافسا في قطاع النفط سيشارك قناة السويس إيرادات عبور الخام، والأهم أنه سيفتح الباب أمام دراسة تطوير ممر بري من جنوب الكيان إلى غربه في قطاعات تجارية أخرى.
من هنا، كانت أهمية زيارة وزير البترول المصري، للتعرف على ما تفكر به "إسرائيل" بشأن خطوطها الملاحية البرية (غير المستغلة بعد)، المنافسة لأهم ممر ملاحي عالمي (قناة السويس)، بحسب مصادر متطابقة.
يذكر أنه في الربع الأخير من العام 2020، وقعت شركة “خطوط أوروبا- آسيا” "الإسرائيلية"، وشركة “أم إي دي- ريد لاند بريدج ليمتد” الإماراتية، مذكرة تفاهم للتعاون في مجال نقل النفط الخام بين دول الخليج.
ويهدف الاتفاق إلى تطوير بنية تحتية قائمة وجديدة، لنقل النفط دول الخليج إلى أسواق الاستهلاك في أوروبا، والذي يمر معظمه حاليا عبر قناة السويس.
وأنبوب “إيلات- عسقلان” يشمل خط نفط رئيسي؛ إذ يصل طول الأنبوب إلى 254 كيلو مترا.
فيما يضم ميناء عسقلان خزانات للنفط بسعة 2.3 مليون برميل، ويستقبل ناقلات للخام بحجم 300 ألف طن.
وفقا لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، العام الماضي، فإن حركة التجارة في قناة السويس مرشحة للتناقص بأكثر من 17 في المئة، مع تشغيل أنبوب “إيلات-عسقلان” بموجب اتفاق إماراتي إسرائيلي.
وكالة قدس للانباء