"حبل الكذب قصير"، هكذا يقول المثل الشعبي العربي الشهير، وهو ما يلخص التصريحات المستمرة التي تطلقها الادارة الأمريكية الجديدة ورجالها فيما يخص الشأن السوري، في سياق ذلك حذرت بمقالات سابقة عن هذا الكذب الذي يملك ملفاً أسوداُ مع شعوب المنطقة وعلى الأخص سورية، الذي يتعامل بطريقة إطالة أمد الأزمة خدمة في تحقيق غايات أمريكا ومطامعها الاستراتيجية خاصة في مصادر الطاقة والنفط، مستخدمة سلاح التهديد بفرض العقوبات على الدول التي تعارضها ولا تخضع لإملاءاتها وسياساتها.
كثيراً ما تحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن حول الملف السوري، مؤكداً مساندة بلاده لهذا الملف، ووقوفها إلى جانب حل الأزمة السورية، وهو ما كرره جون كيربي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الأمريكيّة (البنتاغون)، مؤكداً أن القوات الأمريكية الموجودة في سورية لم تعد مسؤولةً عن حِماية آبار النفط، وأن واجبها الأوحد هو مكافحة تنظيم داعش الإرهابي في سورية.
وعلى الرغم من أحاديث الرئيس بايدن بشأن حلحلة الملف السوري، فإن الحقيقة مختلفة تماماً، حيث أدخلت قوات الاحتلال الأمريكي قافلة من الشاحنات تحمل دعماً لوجستياً وأسلحة إلى قاعدتها في حقل العمر النفطي بريف دير الزور الشرقي وذلك في إطار تعزيز احتلالها، بالتالي فأن تواصل قوات الاحتلال الأمريكي نشر عدد من قواتها في مناطق آبار النفط في الجزيرة السورية لسرقة النفط بالتزامن مع حصارها الجائر الذي تفرضه على الشعب السوري لمنعه من الحصول على الطاقة والمواد الغذائية والأدوية وإعاقة إعادة إعمار ما دمره الإرهاب.
بصورة علنية، يؤكد بايدن وقوف بلاده ضد التنظيمات الإرهابية ، وينوه دائماً إلى أن واشنطن سوف تنخرط في أي مواجهة ضد هذه التنظيمات في سورية للقضاء عليها، وهو ما أكد عليه خلال تصريحات صحفية له في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ أشار إلى أن سورية أصبحت محطة للجماعات المتشددة من جميع دول العالم.
ورغم هذه التصريحات العلنية، فإن ما في الخفاء يشير بوضوح إلى أن الإدارة الأمريكية عملت على دعم تنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى في شمال شرق سورىة، والجميع يعلم أن الحرب التي تقودها أمريكا ضد داعش مجرد كذبة كبرى، وما ملاحقة "الإرهابيين الإسلاميين"، وشن حرب وقائية في جميع أنحاء العالم، سوى ذريعة لتبرير أجندة عسكرية أمريكية، وعليه فإن مكافحة الإرهاب ليست سوى ضرب من الخيال، ولو أرادوا القضاء على هؤلاء المسلحين، لكان بإمكانهم قصفهم عندما عبروا الصحراء من سورية إلى العراق أو منعهم من التسلل عبر الأراضي التركية الى سورية.
على خط مواز، تتوزع القوات الأمريكية في 26 موقعاً بمحافظات دير الزور، والحسكة، والرقة، كما تمتلك 23 قاعدة عسكرية، حيث يتركز وجودها بشكل رئيس على آبار النفط، ويتضح من كل هذا أن الإدارة الأمريكية أصبحت مصممة على الكذب على الرأي العام الدولي، بصورة مغايرة لما هو على أرض الواقع، بهدف التغطية على ما تقوم به من انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان والقانون الدولي.
نحن على يقين أن اللعبة الأمريكية قد انكشفت لدينا بالأدلة والوثائق، والتصريحات الأمنية من مراكز القرار السوري، وانتشار فضائحها بهذه المساحة الواسعة وأرشيفها التآمري المخزي يجعلنا أنْ نشير لها بأصابع الاتهام والإدانة، وعليه، نفهم غض أميركا والغرب النظر عن حرب تنظيم داعش والتنظيمات المتطرفة الأخرى، لأنها تدرك أن سورية قادرة على قيادة المنطقة والصراع ضد إسرائيل، لذلك تعمل على تدميرها وإضعافها في المنطقة، وفي هذه اللعبة فإن الشعب السوري على دراية تامة بهذا المخطط الأمريكي، وزراعتها لداعش التكفيري في المنطقة، للوصول إلى الغاية المرجوة، وهي تقسيم سورية طائفياً وإضعافها في المنطقة.
ومن هنا كانت الرسالة التي نقلها الشعب السوري وأهلنا في الحسكة لكل من يهمه الأمر، واضحة لا لبس فيها، قالت الرسالة: " نحن نحب هذا البلد، ومهما كانت المتاعب والصعوبات، التي نعانيها فيه، فلن نسمح بتخريبه، أو تدميره أبداً، فسورية يعشقها السوريون، ولن يفرطوا أبداً في استقرارها وهدوئها، وكما نجح أبناؤها في حرب تشرين التحريرية سينجحون في طرد الإرهاب وأدواته من سورية".
وباختصار شديد يمكنني القول: لقد احترقت الكثير من الأوراق السياسية لدى أمريكا بسبب الرهانات الخاطئة والأخطاء القاتلة، فهي في عداد الخاسرين في سورية، ومع ذلك، تحاول أن تركب موجة داعش التي صنعتها لاستعادة ما خسرته هناك ولكن هل تسلم جرتها هذه المرة أم ان الجرة ستكسر على رأس الجميع بمن فيهــم رأسها ؟
Khaym1979@yahoo.com