2024-11-28 06:42 م

سورية: المشهد الآني!!

2021-02-02
بقلم: الدكتور خيام الزعبي 
في الوقت الذي تزايدت فيه عمليات التنظيم الإرهابي داخل سورية، كثّف الجيش السوري من عملياته العسكرية، لملاحقة بقايا التنظيم الإرهابي ومداهمة أوكار خلاياه النائمة لوأد التنظيم عن بكرة أبيه، معتمدا إستراتيجية الهجوم بدلاً من الدفاع، في الوقت الذي دعا التنظيم عناصره للتمركز في البادية السورية للعودة من جديد وشن عمليات إرهابية لإيهام مناصريه بقوته على الأرض. في الجهة المقابلة، يواصل مسلحون موالون للجيش الأمريكي محاصرة مدينتي الحسكة والقامشلي منذ أيام متوالية حيث ما زالوا يجبرون المدنيين على السير لمسافة طويلة على الأقدام ويمنعون دخول المواد الغذائية والدوائية وصهاريج المياه إليها، مع اتساع رقعة الرفض الشعبي والعشائري لهذا العمل غير الإنساني واعتباره "جريمة حرب". على خط مواز، إن العقوبات الأمريكية ضد سورية من إجراءات حظر وحصار تدرجت منذ بدء الحرب عليها، لتشمل كل مناحي الحياة، كجزء من أوراق الضغط على دمشق و كسر الدولة السورية وخلق الأزمات لتمرير مشاريع البيت الأبيض إلى المنطقة، فصلابة دمشق أسقط رهانها وأفشلت مخططاتها الخطيرة المتربصة بسورية. في الاتجاه الآخر، لا يزال التنافس والصراع على سورية هو الذي يتحكم بمسار العلاقات الإقليمية والدولية وما تؤول إليه سواء من نزاعات أو توافقات بين الدول، فبعد عدة سنوات على إندلاع الحرب على سورية لا تجد واشنطن وموسكو لغة مشتركة عن سورية ، كما أن الدول الخليجية وتركيا من جهة وإيران من جهة أخرى، إستعصى عليها حتى الآن إيجاد ما تتقاطع عليه بالنسبة الى الأزمة السورية، لذلك كل ما يتجه إليه العالم من مآسي وعدم استقرار في المنطقة هي نتاج الحرب السورية. ليس خفياً على أحد، إن الرئيس التركى يظن أن بإمكانه إعادة إقامة الإمبراطورية العثمانية مرة أخرى ليكون وصياً عليها لذلك فأن الشغل الشاغل لأردوغان هو احتضان ودعم الجماعات المتطرفة وأدواتها التي قد تدعم حلمه الإمبراطوري، والتدخل في شؤون الدول الأخرى وتقديم الدعم المادي والمعنوي والسياسي لمساعدة هؤلاء المتطرفين على نشر الفوضى في سورية لتحقيق أهدافه ومآربه هناك. وفي النتيجة، سورية إختارت ان تؤسس محوراً جديداً مع روسيا وايران والصين والعراق وحزب الله مقابل المحور الغربي وحلفاؤه من الدول العربية، محور يدعو الى حلول سلمية سياسية لأزمات المنطقة على خلاف المحور الآخر الذي طالما سعى ولا يزال للتدخل عسكريا في دول المنطقة. إن المتابع لأحوالنا اليوم وما نعيشه من صراعات وحروب وتشظي يعكس لنا الصورة الحقيقية لمدى التدخلات الخارجية في سياساتنا مستغلة الفجوات الاقتصادية ، حيث دأبت أمريكا وبعض الدول العربية وإلى جانبهما تركيا على إذكاء فتيل الصراعات الداخلية وإشعال الدعوات الانفصالية والنعرات الطائفية في إطار البلد الواحد وذلك لتحقيق أغراض وأهداف خاصة بسياسة هذه الدول، والاستحواذ على سورية وتحويلها إلى ساحة حرب لتصفية حساباتها عبر تقويض الحياة العامة في سورية وتفكيك نسيجها المجتمعي كي تجعل من سورية دولة ضعيفة يتحكم الغرب بكل شؤونها ، وهذا ما لا يرضاه أبناء سورية الذين يعتبرون بأن السياسة الغربية عدوهم الأول كونها تموّل الجماعات الإرهابية والحركات التكفيرية لإلغاء الآخر. مجملاً.....لا تزال سورية تخوض حربها الشرسة من أجل بقائها والحفاظ على وجودها، فهي تقاوم إرهاباً هو الأشد على مر العصور، فاليوم يـراهـنون على خراب وسقوط سورية، لكن لن يحدث ذلك بمشيئة الله، فسورية باقية بفضل أرواح شهدائها اللذين ضحوا بدمائهم الذكية كي تبقي سورية صامدة ، ولن يتحكم في مصيـرها أو أن يكون وصيـاً على شعبهـا من باع وطنه وسلم إرادته الى رعـاة الإرهاب في العالم، ولن ينخدع الشعب فيمن خدعـوه سابقاً وتاجروا بأحلامه وآماله وطموحاته. باختصار شديد... إن من مصلحة الجميع أن تنهض سورية وتتعافى كي تمارس دورها التاريخي في حفظ الأمن القومي وإحباط كل المخططات التي تستهدف تفكيك دول المنطقة. كما أن رهان "قسد" على المحتل الأمريكي رهان خاسر وأن المخرج الوحيد من الوضع القائم هو الحوار الوطني بعيداً عن إملاءات الأمريكي والتمترس بالمطالب التعجيزية التي تهدد وحدة الوطن أرضاً وشعباً.
khaym1979@yahoo.com