2024-11-29 12:30 ص

تداعيات الترامبية على البايدينية

2021-01-22
بقلم: حاتم استانبولي
الانتقال السلمي للسلطة تم تحت حماية 25 الفا من الحرس الوطني وسبعة الاف شرطي والمئات من الاجهزة الامنية المختلفة وبلا جمهور في هذه الاجواء ردد الرئيس الامريكي ال46 جو بايدن ونائبته قسمهما بالرغم من انهما حصلا على ما يفوق ال 80 مليون صوت في سابقة تاريخية لم تسجل من قبل في اي سباق رئاسي استعيض عن الجمهور بالاف الاعلام الامريكية لاضفاء طابع احتفالي وطني على اداء القسم. الاجواء الحربية التي تخيم على العاصمة واشنطن والحواجز والسواتر التي بنيت حول البيت الابيض ومقر البرلمان (الكابيتول) والشكوك التي تحيط في ولاء الحرس الوطني بعد ان تسربت معلومات من ال ف ب اي تشكك في ولاء بعض افراده مما استدعى ابعاد الفرقة 12 من المشاركة في حماية حفل اداء القسم هذه الاجواء تضفي طابعا يعكس مدى الانقسام وعدم اليقين من ولاء بعض الاتجاهات في المؤسسات الامنية خاصة بعد ما شهدته العاصمة في ال6 من هذا الشهر من احداث ادت الى اقتحام مبنى الكابيتول. اليوم 20-01-2021 اطلقت المدافع احتفالا بمغادرة الرئيس ال45 للولايات المتحدة الذي ترك بصماته المثيرة للجدل حول مستقبل السياسة الامريكية ورسم ملامح دوره المستقبلي الذي اشار الى ان خروجه من البيت الابيض هو بداية لعمل جديد يهدف الى تحقيق اهداف الوطنيين الامريكيين في اشارة الى امكانية تشكيل حزب جديد . اعلانه عن الحزب الجديد على ما يبدو هو اعلان موجه للحزب الجمهوري لوضعه امام خيار واحد اما الاصطفاف وراء سياساته او سحب البساط من تحته والذهاب الى اعلان حزب جديد تحت شعارات الوطنية الامريكية التي تندرج تحت شعار امريكا اولا الذي حصد ما يقارب ال75 مليون صوت. القى ترامب كلمة وداعية لثلة من جمهوره حرص فيها ان يبرز انجازات ادارته وكيف اعاد الهيبة الامريكية وطوع الخصوم واستنزف الاتباع وابتز الاصدقاء وابرز انه رئيسا حقق كل ذلك بلا حروب في اشارة الى اسلافه المعاصرين من جمهوريين وديمقراطيين. اما بايدن فقد حرص في خطابه ما بعد القسم ان يتحدث بلغة تحمل سمات ايديولوجية حول الديمقراطية واهميتها وان هذا اليوم هوالفاصل بين عقلية الرعاع الذين هاجموا مبنى الكابيتول وبين عقلية حماية الدستور وبذات الوقت طلب ان يكون هذا اليوم يوما لاعادة الوحدة لامريكا . اليوم يوقع الرئيس بايدن عدة قرارات تلغي بعضا من قرارات سلفه ترامب بما يخص اتفاقية المناخ والخروج من منظمة الصحة العالمية والهجرة وبعض القرارات الادارية والاقتصادية تخص ضخ 1,9 ترليون دولار كمساعدة للعائلات والشركات الصغيرة . لكن السؤال الاهم كيف سيقوم بايدن باعادة الوحدة لامريكا ؟ اعادة الوحدة تتطلب عقد مساومة مع بعض الجمهوريين هذه المساومة تتطلب اولا اقناع الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي الذي يقف ضد هذه المساومة بشكل صارم بل يطالب بان يذهب الديمقراطيون لمحاسبة الرئيس السابق ترامب برلمانيا وجنائيا . اما عن الحزب الجمهوري شرط اعادة الوحدة يتطلب ان يعلن الحزب تخليه عن الترامبية التي اصبح من الصعب عليه تجاوزها بدون عملية جراحية ستكون ارتداداتها كارثية على مستقبله اذا ما قام بها الحزب. هذه العملية من الممكن ان يقوم بها طرف ثالث مستغلا التهديدات التي اطلقت من قبل بعض القادة العسكريين الايرانيين من ان الرد على اغتيال الجنرال سليماني والمهندس ستكون من الداخل الامريكي وحدد ان الرئيس ترامب هو احد المتهمين وهنا يحضر سؤال ماذا لو قام طرف داخلي او خارجي بالتخلص من ترامب واتهم طهران ؟ سيكون ضرب عدة عصافير بحجر واحد تخلص من ترامب وادخل عنصر ضاغط لا تستطيع طهران الا ان ترضخ لشروطه وسينهي ظاهرة الترامبية ويجيرها الى الحزب الجمهوري. واذا ما ذهب ترامب في تاسيس حزبه الذي اعلن عنه فان هذا الحزب الجديد سيكون له تداعيات على وزن الحزب الجمهوري وتاثيره وتمثيله وسيغير المشهد السياسي الامريكي. اما الحزب الديمقراطي فان المساومة التي حدثت بين بايدن وساندرز التي قامت على اساس عدة محاور تتعلق بالنقابات العمالية والاهتمام بالفئات المهمشة والتنوع العرقي في الادارة الامريكية وتعيين وزيرا للعمل محسوبا على الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي ورفع الضرائب على الاغنياء كل هذه المؤشرات التزم بها جو بايدن واي تراجع عن ايا منها سيشعل معركة داخلية في الحزب الديمقراطي لا تقل اهمية عن المعركة داخل الحزب الجمهوري. من الواضح ان خريطة القوى السياسية الامريكية ستشهد تغييرا عميقا في السنوات القادمة وسيتعمق الخلاف داخل المنظومة الحزبية وداخل المجتمع الذي يشعر قسما واسعا منه بالغبن خاصة اذا ما استمرت الخسائر البشرية نتيجة جائحة كورونا التي وصلت الى 400 الف ضحية ومرجح للازدياد التصاعدي وتعمقت الازمة الاقتصادية نتيجة توقف عجلة الاقتصاد و اذا ما قامت الادارة الجديدة بعملية اغلاق تام كما وعدت ل100 يوم فانها ستدخل الاقتصاد بحالة ركود لن تكفيه التريليونات التي ستضخ واذا لم تنجح بوقف مسلسل الموت ستكون تحت نيران الترامبية التي تعاملت مع الجائحة بعقلية المصلحة الاقتصادية ولم تغلق الاقتصاد . تنصيب بايدن انعكس ايجابا في اوروبا حيث رحبت رئاسة الاتحاد الاوروبي عن ارتياحها واعتبرت ان صديقا لها يسكن البيت الابيض الان. اما موسكو فقد ابدت عدم ارتياح لبعض التصريحات حول مستقبل العلاقة معها ورأت في بعض التعيينات التي لها علاقة بالملفات الاوكرانية والبيلاروسية والسورية هذه الملفات التي ستكون مدخلا ومسرحا للضغط السياسي على موسكو. اما بكين فانها ترى بادارة بايدن اهون الشرين وستكون مشكلتها القادمة مع العسكريين في البنتاغون الذين سيضغطون على الرئيس بايدن لاتخاذ خطوات تصعيدية بما يخص تايوان وبحر الصين. البايدينية ستدعم التوجهات الاستقلالية الكردية وستستخدم العنوان الكردي للضغط الثلاثي على كل من العراق وسورية وتركيا وستظهره من البوابة السورية وستستثمره في التلاعب بالمكونات الداخلية للدول الثلاث . اما بشان الملف الايراني فان ادارة بايدن ستستثمر في ما انجز من عقوبات وضغط ترامبي على طهران لاعادة الحوار لابرام اتفاق جديد يتضمن الشروط الاسرائيلية بشان الصواريخ البالستية ووجودها ودعمها لسورية والمقاومة. فلسطينيا اكدت ادارة بايدن و(وزير خارجيتةالمعين) تثمينها لما توصلت له ادارة ترمب من خطوات تطبيعية ونقل السفارة الى القدس واعتبرت ان حل الدولتين هو الطريق لانهاء النزاع بين الفلسطينيون والاسرائيليون على الرغم من ادراكها ان هذا الحل لن يكون قريبا اي ان ادارة بايدن ستدخل الفلسطينيون في دويخة جديدة لن تسفر عن اي استحقاقات ملموسة خاصة انها اكدت ولاءها التام لتامين الأمن والتفوق لاسرائيل وترى اي خطوات لحل الدولتين من على قاعدة المنظور الامني الاسرائيلي. من الواضح ان البايدينية لن يكون لها هامش واسع للحركة خاصة ان الترامبية وضعت لها ممرات اجبارية فيما يخص السياسات الخارجية وكبلتها باطر من الصعب تجاوزها خاصة فيما يتعلق بمحور الشر الصيني الروسي الايراني الفنزويلي الكوري الشمالي وستناور في اطار الهامش الذي وضعته الترامبية ولكنها ستموه حركتها من خلال الضغط الداخلي للدول باستخدام لعبة الحريات والديمقراطية من خلال ادواتها المحلية السياسية والدينية والمذهبية ومراكز الدراسات والامركان ايدز التي استخدمتها في تغيير النظم . الصراع بين البايدينية والترامبية سياخذ تعبيرات حادة في العناوين الداخلية التي تتعلق بالاقتصاد والهجرة والصحة والعسكر وستكون القرارات البايدينية التي ستتخذ بسهولة نتيجة سيطرة الديمقراطيون على كل اركان السلطة التنفيذية والتشريعية هذه السيطرة التي ستسهل تنفيذ الرؤية البايدينية على المستوى الداخلي وستشعر القاعدة الاجتماعية للترامبية انها مهملة هذا الشعور سيكون له ارتدادات سلوكية لا يستطيع احد التحكم بمكانها او زمانها اومستوى حجمها . المائة يوم الاولى التي ستمنح للادارة الجديدة بدون انتقادات ستحدد شكل الصراع القادم ومستواه وحيزه ان كان في اطار المؤسسات القانونية او سيخرج للشارع كما حدث في السادس من هذا الشهر .