استكمالاً لسلسلة الخطايا التي ارتكبتها أبو ظبي بحق فلسطين، كشفت صحيفة لوموند الفرنسيّة عن سعي الإمارات لإنهاء عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وذلك في إطار التنسيق مع الكيان الصهيونيّ، وفي تقرير لها نشرته الأربعاء الماضي، قالت الصحيفة إنّ الإمارات تدرس خطة عمل تهدف إلى إنهاء عمل الوكالة الأمميّة مبرزة العلاقات المتطورة والنشاطات المتبادلة بين كل من أبوظبي وتل أبيب.
محور جديد
لم يعد سراً أن هناك محوراً استراتيجيّاً جديداً بدأ بالظهور بين الكيان الصهيونيّ والإمارات، فمنذ اتفاق تطبيع العلاقات في منتصف آب المنصرم، تضاعفت الاتفاقيات الثنائيّة في مجالات التكنولوجيا والإعلام وكرة القدم والسياحة، لدرجة أنّ الصهاينة باتوا يشعرون الآن بأن دبي تمثل "جنة جديدة" لهم.
وفي هذا الخصوص، أشارت الصحيفة الفرنسية في تقريرها إلى عزف الموسيقا اليهودية في دبي وإقامة عرس ليهوديين وسط حضور يهوديّ، إضافة إلى حضور إماراتيين بزيهم التقليدي، مفيدة أنّه أول حفل زفاف يهوديّ أرثوذكسيّ يتم الاحتفال به على الإطلاق في دولة الإمارات التي تصف نفسها بالعربية، ما يشير إلى قوة العلاقة وتطورها مع العدو الغاصب.
وفي هذا الصدد، إنّ عملية التطبيع تتقدم بأقصى سرعة بين الإمارات الكيان الصهيونيّ، وهي فريدة من نوعها، وفق ما نقلته الصحيفة عن الباحث في معهد دول الخليج بواشنطن حسين إيبش، في الوقت الذي تسعى فيه الإمارات إلى الاندماج على جميع المستويات مع الصهاينة فمنذ اللحظة الأولى للخيانة الإماراتيّة تم الحديث عن تطوير العلاقات بينهما في عدة مجالات من بينها الاقتصاديّ والعلميّ والتكنولوجيّ والطبيّ والثقافيّ، في حين أنّ الدول الأخرى التي اعترفت بالكيان (البحرين والمغرب والسودان) لديها طموحات محدودة للغاية مقارنة بالإمارات.
التخلص من الأونروا
في ظل التعاون المتزايد والمستمر بين النظام الإماراتيّ والكيان الصهيونيّ، تسعى أبو ظبي لمساعدة العدو في التخلص من الأونروا أو ما تعرف بوكالة الغوث والتنمية البشريّة التي تعمل على تقديم الدعم والحماية وكسب التأييد لملايين اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربيّة وقطاع غزة، إلى أن يتم إيجاد حل لمعاناتهم، فيما يتم تمويل الأونروا بالكامل تقريباً من خلال التبرعات الطوعية التي تقدمها الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة.
وبذلك تقوم الإمارات بغرز خنجرها مجدداً في ظهر الفلسطينيين، بعد الطعنة الكبرى المتمثلة بالتطبيع، لإرضاء كيان الاحتلال وتحقيقاً لأهدافه الذي يسعى بقوة الى تصفية وإيقاف نشاطات وكالة الأونروا التي تأسست بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، أي بعد عام ونصف العام على "النكبة" أو المأساة الإنسانيّة المتعلقة بتشريد عدد كبير من الفلسطينيين خارج ديارهم وهدم معظم معالم مجتمعهم السياسيّة والاقتصاديّة والحضاريّة منتصف العام 1948، لإقامة دولة "إسرائيل" اليهوديّة، بعد طرد الشعب الفلسطيني ّمن بيته وأرضه ووطنه.
ولم تأبه الإمارات التي يعيش حكامها في ثراء فاحش، لحال ملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين يستفيدون من مشاريع ومساعدات الوكالة، تنفيذاً لغاية العدو الغاشم الذي يحاول خداع العالم من خلال ادعائه بأنّ "أونروا" تعمل على إطالة أمد النزاع الفلسطينيّ – الصهيونيّ وتعرقل عملية السلام، من خلال ترسيخ فكرة أنّ أعداداً كبيرة من الفلسطينيين هم لاجئون ويملكون حق العودة إلى القرى والمدن التي هُجّروا منها.
يشار إلى أنّ إدارة الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب، وجهت اتهامات باطلة للمنظمة قبل عامين بضغط إسرائيليّ، بأنّ أنشطتها متحيزة بصورة لا يمكن إصلاحها، وأعلنت وقف تمويلها، وهو ما أثلج صدر الكيان الصهيونيّ المعتدي، حيث أعربت تل أبيب حينها عن ارتياحها للخطوة الأمريكية التي عرقلت عمل المنظمة كثيراً، فيما سادت منذ ذلك الوقت حالة من الغضب في الأوساط الفلسطينيّة، لأنّ القرار يستهدفهم بشكل مباشر لتمرير صفقة القرن الرامية لتصفيّة القضية الفلسطينيّة وإسقاط حق العودة عن ملايين الفلسطينيين.
ختاماً، لا شك أنّ "الخيانة العظمى" التي قامت بها الإمارات في تطبيعها مع عدو العرب والمسلمين، لم تكن مجرد إقامة علاقة سياسيّة عابرة معه، بل لأهداف سياسيّة واقتصاديّة وعسكريّة وثقافيّة ودينيّة خبيثة، ضحيتها الأولى والأخيرة الشعب الفلسطينيّ الذي يعاني الأمرين من جرائم واستبداد المحتل الصهيونيّ الأرعن، الذي يتخذ من الدعم الأمريكيّ اللامتناهي ستاراً للتغطية على إرهابه المتفشي.