2024-11-24 12:45 م

عودة للمربع صفر.. تفاصيل اللحظات الأخيرة لفشل حوار القاهرة بين فتح وحماس

2020-11-19
مع إعلان السلطة الفلسطينية عودة العلاقة مع إسرائيل بعد "قطيعة علنية" استمرت 6 أشهر، يبدو من المواقف الحادة للقوى وقطاعات فلسطينية مختلفة أن "جهود تحقيق المصالحة تراجعت للمربع صفر".

وجاء هذا الإعلان بعد ساعات قليلة من بيان مشترك صدر عن وفدين قياديين من حركتي التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" والمقاومة الإسلامية "حماس"، أجريا حوارا في العاصمة المصرية القاهرة، قالتا إنه حقق "تقدما" في عدد من القضايا العالقة.

غير أن صحفي مصري مقرب من جهاز المخابرات العامة المصرية -المسؤول عن الملف الفلسطيني ورعاية حوارات المصالحة-، وصف للجزيرة نت هذا التقدم بأنه "زائف".

وكشف الصحفي المصري، مفضلا عدم الكشف عن هويته للجزيرة نت، عن أن الحوار الثنائي بين الحركتين فشل، وأن قادة المخابرات العامة تدخلوا لمنع ظهور هذا الفشل إلى العلن، وأنه تم التوافق على إصدار بيان مشترك بلغة عامة من دون أن يحمل جديدا أو أية تفاصيل.

وقال "مصر غاضبة بالأساس من ممارسات الحركتين في الفترة الأخيرة، وخصوصا عقدهما لقاءات في بيروت وإسطنبول، تعتبرها القاهرة قفزا عن دورها".

وأضاف "عندما فشل الحوار الأخير، تحدث مسؤول كبير في المخابرات العامة مع وفدي الحركتين بلغة حاسمة، أن مصر لن تسمح أن يرتبط الفشل بالقاهرة، وكان التوافق على صدور البيان المشترك".

أسباب تعثر الحوار
ويعود هذا الفشل إلى عدم توافق الحركتين على قضايا رئيسية وأخرى تفصيلية، أبرزها يتعلق بالانتخابات التشريعية والرئاسية، وآليات إجراء انتخابات المجلس الوطني وطريقة توزيع مقاعده في المناطق التي لا يمكن إجراء الانتخابات فيها، مثل الأردن وغيرها من دول الشتات، فضلا عن ملفات تتعلق برواتب الموظفين والعقوبات التي تفرضها السلطة على غزة منذ مارس/آذار 2017.

وقال المصدر المصري إن حركة حماس تريد "ضمانات" بأن تلتزم حركة فتح بتطبيق كل "مخرجات اجتماع بيروت وتفاهمات إسطنبول" بعد إجراء الانتخابات التشريعية، وأن تتخذ خطوات "حسن نية" عبر رفع العقوبات عن غزة.

واتفقت القوى الفلسطينية في اجتماع بيروت في 3 سبتمبر/أيلول الماضي على "تشكيل لجنة تقدم رؤية إستراتيجية خلال 5 أسابيع، لتحقيق إنهاء الانقسام"، و"تشكيل لجنة وطنية لقيادة المقاومة الشعبية الشاملة".

كما أجرت الحركتان حوارا ثنائيا في إسطنبول التركية في 24 من الشهر ذاته، واتفقتا على "رؤية ستقدم لحوار وطني شامل، بمشاركة القوى والفصائل الفلسطينية".

وعلى ضوء ما تقرر في الاجتماعين، كان من المفترض أن يصدر الرئيس محمود عباس مرسوما يحدد موعدا للانتخابات، وبررت فتح التأخر في صدوره بانتظار رسالة رسمية من حماس تتضمن موافقتها على "تفاهمات إسطنبول".

تبادل الاتهامات
وتواصلت الجزيرة نت مع مسؤولين كبار في حماس بغزة والخارج، وكان لافتا تمسكهم بالمصالحة وعدم تحمل إعلان الفشل، من دون إخفاء حالة "الغضب الشديد" من قرار السلطة بالعودة للعلاقة مع إسرائيل، وتأثيره السلبي على مسار المصالحة.

وقال رئيس مجلس العلاقات الدولية القيادي في الحركة باسم نعيم للجزيرة نت، إن هذا القرار كان له "تداعيات سلبية جدا"، ووجهت السلطة به "ضربة قاصمة لكل المسار الذي اختطته فصائل العمل الوطني في الفترة الأخيرة التي بدأت من اجتماع الأمناء العامين في بيروت، وما نتج عنه من مقررات".

ويعتقد نعيم أن "مسار المصالحة تضرر كثيرا، وقد ننتظر طويلا قبل استئناف هذا المسار من جديد"، متسائلا كيف يمكن الجمع بين التنسيق الأمني والمقاومة بأشكالها المختلفة، بما فيها المقاومة الشعبية؟، وكيف يمكن الجمع بين المفاوضات وإعادة بناء منظمة التحرير؟

وبرأي نعيم فإن السلطة تعجلت بهذا القرار في "قطف ثمار المرحلة الجديدة بعد فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن، حتى قبل اتضاح معالمها".

مصادر قريبة من مؤسسة الرئاسة في رام الله أكدت للجزيرة نت أن الرئيس عباس اتخذ قراره بوقف التقدم في ملف المصالحة، منذ اللحظات الأولى التي اتضح فيها "ميل الكفة" لصالح بايدن في السباق الرئاسي الأميركي.

غير أن عضو المجلس الثوري لفتح عبد الله عبد الله، رفض ربط "ملف المصالحة بالانتخابات الأميركية"، واتهم حماس بالتراجع عن "تفاهمات إسطنبول" ومخرجات اجتماع بيروت.

وقال عبد الله للجزيرة نت إن حماس ماطلت طوال الفترة الماضية في إرسال رسالة واضحة ورسمية بالموافقة على إجراءات الانتخابات والالتزام بها، وتراجعت عن تفاهمات "الانتخابات المتتالية"، وتطالب بانتخابات متزامنة للتشريعي والرئاسة والمجلس الوطني.

وبحسب عبد الله فإن حماس وضعت اشتراطات جديدة "تنسف" التفاهمات، أبرزها يتعلق بطلبها الحصول على نسبة تتراوح من 30 إلى 35% من مقاعد المجلس الوطني، لتتساوى مع فتح.

مسؤول بارز في حماس بغزة نفى للجزيرة نت أن تكون الحركة حددت هذه النسبة، وقال "فتح لا تزال تعيش على أنقاض الماضي، وتدمن التفرد بالقرار، وتعيش حالة إنكار للثقل الجماهيري لحماس والذي أثبتته نتائج الانتخابات".

حراك شكلي
من جانبه، لا يثق الكاتب والمحلل السياسي اليساري هاني حبيب بجدية الطرفين في الوصول إلى "مصالحة حقيقية".

وقال حبيب للجزيرة نت إن كل ما حدث في الفترة الأخيرة مجرد "حراك شكلي" كي لا يتحمل أي طرف المسؤولية أمام الشعب كمعرقل للمصالحة.

ومن جانب السلطة، وفقا لحبيب، كانت كل تحركاتها التي أعقبت قرارها التحلل من الاتفاقات مع إسرائيل في 19 مايو/أيار الماضي "ردة فعل" فقط على "مخطط الضم"، وليس "رغبة حقيقية في التقارب مع حماس".

وتابع أن أي "تشدد" أبدته السلطة في الآونة الأخيرة هو من أجل "استئناف المفاوضات وليس تغييرا إستراتيجيا وميلا نحو المصالحة على حساب العلاقة مع أميركا وإسرائيل".

كما لا يبرئ حبيب حركة حماس من الفشل في الوصول إلى مصالحة حقيقية، وقال إن "حماس ليست في وارد تقديم أي تنازلات تفقدها السيطرة على غزة، حتى لو كان ذلك في سبيل الوصول إلى مصالحة تنهي الانقسام".

المصدر : الجزيرة