2024-11-29 06:50 ص

احتلالات جديدة.. بعد الاحتلال القديم!

2020-07-11
بقلم: طلال سلمان
يعود الوطن العربي إلى حيث كان قبل قرن كامل، أي إلى سنة 1920، حين تقدمت الدول المنتصرة لتقاسم المشرق العربي. يومها اضيفت إلى "المتصرفية" في لبنان محافظات الشمال والبقاع والجنوب.. وابتدعت امارة شرقي الاردن لتكون عرشا للأمير عبدالله ابن الشريف حسين مطلق الرصاصة الاولى (والأخيرة!) في معركة تحرير الوطن العربي.. وقسمت سوريا إلى ثلاث دول، وتم منحها إلى الملك فيصل الاول النجل الثاني للشريف حسين.. ولما رفضه السوريون اخذه البريطانيون إلى العراق حيث نصبوه ملكاً، واعطوا الحكم "للسنة" لتكون فتنة..

على أن النفط والغاز سرعان ما تدفق في انحاء الجزيرة العربية، فاستنبتت دول شتى. ظهرت الكويت التي كان عبد الكريم قاسم (بطل ثورة 14 تموز في بغداد يدعي ملكيتها باعتبار انها كانت بعض ولاية البصرة..) ثم اقتطعت قطر، على الساحل، في مواجهة ايران، لتكون دولة بعد ظهور الغاز في مياهها المشتركة مع ايران.. أما دولة الامارات العربية المتحدة فكانت مجموعة من المشيخات الفقيرة عمل على توحيدها الانكليز ثم جاءها الاميركيون مع النفط، محافظين على وجود اكثر من نصف مليون ضيف من أصول إيرانية فيها، لأن "ليس لنا قدرة ايران" على حد تعبير الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله..

اليوم يبدو أن الآية قد انقلبت: فسوريا مقطعة الاوصال، مفقرة، يتقاسم أرضها الاتراك في الشمال ( حتى منبج - منفى ابي فراس الحمداني) مع الاميركيين حيث النفط في الشرق (البو كمال والحسكة..) ، وفي دمشق والساحل القوات الروسية مع أسطول جوي وأسطول بحري في طرطوس وبعض أنحاء الغرب..

أما في العراق فبقايا جيش الاحتلال الاميركي ومعه سرايا من الجنود البريطانيين والفرنسيين..

وأما لبنان فهو البلد المفتوح لكل قادر على أخذه، ويقال أنه ثمة قاعدة اميركية على الساحل قرب جبيل، وجيش من الخبراء في مختلف الوزارات وسفيرة هي ملكة جمال رفيعة التهذيب جاءت لمهمة وحيدة: زرع الفتنة في وجه "حزب الله"! عشتم وعاش لبنان.

ولقد انطفأت شعلة الثورة في هذا الوطن المقسم، والذي أعادته الانظمة الفاشلة إلى حيث كان قبل قرن، مع ارجحية مطلقة لنوع من الانتداب الاميركي، وهيمنة اسرائيلية لا تفتأ تتمدد بالقوة لتشمل معظم الضفة الغربية وصولاً إلى غور الاردن حيث مقابر بعض الصحابة ممن شاركوا في معركة فتح دمشق، بعنون ابي عبيدة بن الجراح.

لا صوت يعلو الآن على صوت النفط والغاز، وكلها في خدمة الامبريالية أو الاستعمار الجديد. في قطر قواعد أميركية وتركية ووجود استعماري اسرائيلي علني.. وفي الامارات قاعدة اميركية كبرى والطيران الحربي الاسرائيلي يجوب الاجواء ولا من يمنعه. وفي السعودية عشرات القواعد الثابتة والمتحركة لحماية آبار النفط والانابيب التي تحمله إلى الشواطئ حيث تنتظره البواخر الضخمة لتنقله إلى الولايات المتحدة الاميركية، وهي الاغنى بالنفط من أي بلد آخر، ولكنها تدخره للملمات العظام..

دار الفلك بالعرب فإذا الجحاش ملك..واذا سليل مسيلمة الكذاب ملك النفط في أرض القبلتين، مثوى الرسول محمد بن عبدالله والخلفاء العظام الذين قتل الكفرة ثلاثة منهم في محاولة للقضاء على الدين الحنيف، ولكن الله ابى الا أن يتم كلمته وينصر دينه، فكان الفتح الذي أوصل العرب إلى بعض أطراف الدنيا (آسيا حتى الصين ومصر والمغرب حتى الاندلس، واوروبا حتى بواتييه في جنوب فرنسا الخ..).

اليوم، الدول العربية جميعاً تحت الاستعمار أو الامبريالية..

ولقد اضيفت تركيا-السلطان اردوغان إلى الدول الامبريالية، اذ هي تحتل الان معظم الشمال السوري والشرق حتى الحسكة مع تطلع الى دير الزور. والقوات الايرانية من حول دمشق والقوات الروسية في قاعدة حميميم قرب طرطوس ودورياتها العسكرية تجوب الانحاء شرقاً وشمالاً.. والغارات الإسرائيلية متواصلة على بعض ضواحي دمشق، بذريعة قتال القوات الايرانية، ومن ضمنها بعض الكتائب التي أوفدها " حزب الله".. كأننا يا دهر لا رحنا ولا جيننا..

البلاد العربية جميعا تحت الاحتلال أو الهيمنة الاجنبية.. وصولاً إلى ليبيا التي اندثرت دولتها وقصد اليها "السلطان" اردوغان مدعياً انها بعض املاك السلطنة العثمانية.

والحبشة تقاتل مصر والسودان على مياه النيل، مع مباشرة ملء سد النهضة التي يرى فيها البلدان العربيان تهديداً لحصتيهما من مياه النيل..

كأننا يا نيل لا رحنا ولا جينا..

مع تحيات عسكر السلطان.. بعد انقراض العثمانيين!

السفير العربي