بقلم: نبيه البرجي
نسأل العرب، اذا كان لا يزال هناك أثر العرب في هذا الكون، أين أنتم ؟
على مدى سنوات، لم تتوقفوا عن القول اننا الدمى بين يدي آيات الله (ولسنا كذلك ولن نكون كذلك). الآن، تحذرون من محاولة السلطان العثماني الولوج الى الحلبة اللبنانية من خلال الطحين، والعدس، والأسماك المجلدة، ما دام أطفالنا على وشك التحول الى هياكل عظمية مبعثرة على الطرقات، كما في المجاعات الكبرى. ولعلكم تذكرون كيف أن المجاعة خلعت هيلاسيلاسي عن عرش يهوذا...
لسنا أتراكاً، ولسنا ايرانيين، بل نحن عرب، تبعاً لما يورده الباحثون في الكائنات المنقرضة. مثلما تركتم اسرائيل تعبث بدمنا، ها أنكم، بتلكوئكم، تتركون الآخرين يمدون لنا يد العون. ثم تصرخون: أين عنترة؟
ألا يبـدو يعرب بن قـحطان، والمـعلقات بمـاء الذهب التي على العباءة، وهو يلعق حذاء ايفانكا ترامب ؟ بالكـعب العالي بدت وكأن تاريخ العرب يبدأ بها!
من يريدون أن يكون رئيس الحكومة، بهاء الحريري، أم اشرف ريفي، أم حتى رضوان السيد الذي هوى من رهافة العقل الى همجية الغريزة، اذا كان لأحدهم أن ينقذ الجمهورية ما دامت حكومتنا، حكومتنا الجليلة، هي بفعل أهلها، السلحفاة الجليلة ؟ على مدى تلك الأشهر وهي تدور في حلقة مقفلة، دون أن تتنبه الى أن أولادنا يقتربون من الموت جوعاً عند صناديق القمامة.
حيال كل ما يحصل، ما زال رعايا سعد الحريري يرون فيه المنقذ. من أجله يقفلون الطرقات، وهم الذي يعلــمون أن دولة عربية، لطالما كانت وصية عليه، هي التي أمرت بأن يبقى خارج السراي والى الأبد. دعونا نستعيد ما قاله أحد زعماء الأحزاب الحليفة والذي طعنه في الظهر، أكثر من مرة، «هي فقاعة وانتهت»!
نقول للطبقة السياسية التي عرّتنا حتى من عظامنا دون أن تحقق أي شيء على الاطلاق، أين عيونكم لتروا، وأين آذاكم لتسمعوا، وأين ضمائركم لتشعروا بأن وراء الجدران ثمة الملايين الذين يخشون أن يستفيقوا صباحاً ولا يعثروا حتى على كسرة الخبز؟
أين هي أرجلكم لترحلوا. اننا نكرهكم. لقد فعلتم بنا ما لا تفعله قبائل ياجوج وماجوج بالبشر، وقبل أن تدق ساعة القيامة...
الانكليز، اصحاب الحنكة، أوأصحاب التجربة، التاريخية، قالوا ان لبنان مقبل على المجاعة. هل يدري أولياء أمرنا ماذا تعني كلمة «مجاعة»، وما هي تداعياتها، والى أين يمكن أن تصل بالدولة في لبنان ؟ وهل يدري هؤلاء بالأيام الكارثية التي يعيشها اللبنانيون من كل الطوائف، ومن كل المناطق، ومن كل الأجناس؟
ذاك العمى الرهيب لدى المنظومة السياسية. نذكّركم بما قاله لنا فاليري جيسكار ـ ديستان «لا دول لديكم بغياب الضمير السياسي، ولا مجتمعات لديكم بغياب الضمير الاجتماعي». متى كان في لبنان دولة ؟ هذه دولة أم مزرعة للذئاب؟
كلنا الى الهاوية. نحاذر ان نزعج أميركا. اياكم وأميــركا. نقــول للذين على اكتافنا «آتونا بالخلاص ولو من جهنم». ليقل لنا الأميركيون ماذا فعلنا لهم، وأين نحن وأين هم، ليحاصرونا كما تحاصر القطط في الزوايا، وليقولوا لنا اما الموت جوعاً أو اسرائيل ؟ هكذا تقول الوصية الحادية عشرة.
الأميركيون ينظرون الينا من ناطحات السحاب. يتلذذون برؤيتنا ونحن نختنق، ونحن نتيه في اللامكان، وفي اللازمان. ماذا قدموا لنا سوى الوعيد تلو الوعيد، وسوى العقوبات تلو العقوبات ؟
ذات يوم، واليوم آت لا محالة، لسوف نقبل أيدي آيات الله ليبعثوا الينا بالمازوت كي لا ندخل في العتمة الكبرى. نحن الذين نعاني من عتمة العقل، ومن عتمة القلب.
حتى هيفاء وهبي تقول لنا : تحركوا...
لأولياء أمرنا نقول ثانية، اننا نكرهكم. ضعوا حقائبكم على ظهوركم وحلّوا عن ظهورنا. أموالكم (المسروقة) هناك في انتظاركم بالورود. نحن نودعكم بالحجارة...
(الديار) اللبنانية