- في عام 2011، قرّرت الحكومة الإثيوبية، وهي واحدة من أقدم الدول المستقلة في القرن الإفريقي، بناء سد على نهر النيل بالقرب من حدود البلاد مع السودان، يعرف باسم "النهضة"؛ ومنذ البداية أصبحت هذه القضية موضوع نزاع بين هذا البلد ومصر.
المفاوضات بين الجانبين لم تسفرعن نتائج تذكر منذ ذلك الحين، وأصرّت إثيوبيا على أن تبدأ عملية ملء السدّ في يوليو المقبل دون موافقة مصر، ما دفع القاهرة إلى إحالة الأمر إلى مجلس الأمن، والسبب الرئيس لمعارضة مصر لبناء السد، هو أن نهر النيل هو أهم مصدر للمياه في مصر، وتعتقد القاهرة أنّ السد سيقلّل من إمدادات مياه النيل.
على أيّ حال، استمر الخلاف بين الجانبين وقد يؤدي إلى صراع عسكري، لکن النقطة المهمة في هذا الصدد هي آثار أقدام الکيان الصهيوني في ملف سد النهضة.
تاريخ الأطماع الصهيونية في مياه النيل
يعود جشع الصهاينة في مياه النيل إلى ما قبل قيام کيانهم المزيف، وخاصةً في عام 1903، عندما اقترح "ثيودور هرتزل" مؤسس الحركة الصهيونية بناء مستوطنة في شبه جزيرة سيناء، بهدف ضمها لاحقًاً للمستوطنات الصهيونية في فلسطين المحتلة.
وفي هذا الصدد ولمعالجة مشكلة نقص المياه في هذه المنطقة، اقترح هرتزل لوزير الخارجية البريطاني آنذاك "لانسدون" أن يطلق خط أنابيب في عمق قناة السويس لضخ المياه من النيل إلى شبه جزيرة سيناء، لكن بريطانيا رفضت هذه الخطوة بسبب تأثيرها السلبي على القطاع الزراعي في مصر، وخاصةً القطن الذي كان حيوياً للصناعة البريطانية.
لقد كرر الکيان الإسرائيلي هذا المطلب في الستينيات والسبعينيات، مستشهداً بالمقالات والدراسات التي کانت تتحدث عن نقل مياه النيل إلى المستوطنات الصهيونية، وقدم الخبراء الصهاينة آليات لذلك أيضاً.
لكن مشاريع نقل مياه النيل إلى المستوطنات الصهيونية في فلسطين المحتلة لم تقتصر على المهندسين والخبراء الإسرائيليين، بل أطلق الرئيس المصري آنذاك "أنور السادات"، الذي فتح لأول مرة في العالم العربي باب السلام وتطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني، خلال زيارة إلى القدس المحتلة عام 1977، أطلق مشروع "قناة السلام" لنقل المياه من النيل إلى القدس المحتلة.
دور الأمن المائي والبعد الجيوسياسي في دخول الکيان الإسرائيلي إلى ملف سد النهضة
فيما يتعلق بمسألة الأمن المائي، فإن قضية إمدادات المياه للمستوطنات الصهيونية هي ضرورة أساسية للکيان الإسرائيلي. وقد أظهرت دراسات مختلفة في الآونة الأخيرة أن "إسرائيل" في أزمة يرى الخبراء الصهاينة أنها تشكل تهديدًا خطيرًا لثروتهم المائية، والتي تهدد اقتصاد الکيان الصهيوني بشکل غير مسبوق.
وسائل الإعلام الإسرائيلية أفادت في السنوات الأخيرة أن العديد من البحيرات والأنهار والمياه الجوفية في فلسطين المحتلة، وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ 20 عامًا، لأن بحيرة "طبريا" وصلت إلى "الخط الأسود" بشكل خطير؛ وهو السطح الذي يقع تحت أنابيب مدخل المضخات التي ترسل مياه هذه البحيرة إلى المدن المجاورة.
ووفقًا للدراسات الإسرائيلية، فإن تحسين مستويات المعيشة وإنشاء مستوطنات جديدة للصهاينة، يتطلب زيادةً في المياه تبلغ 600 مليون متر مكعب سنويًا، الأمر الذي سيؤدي، إذا لم يتحقق ذلك، فسيتحوّل الأمر إلى أزمة اقتصادية واجتماعية كبيرة للصهاينة.
مجموع هذه العوامل أدّ