هذا الاصطفاف الذي يمكن وصفه بالعدواني والحاقد والخياني دفع بالجانب الفلسطيني الى الميدان وحيدا، مما فرض عليه المواجهة حماية لقضيته ومستقبله ووجوده.. في وقت ما زالت فيه القيادة الفلسطينية تحشر نفسها في دائرة الانتظار والتلقي، وسط كم هائل من النصائح الملغومة والتحذيرات المسمومة والمشورات المدسوسة، تعيش تيها وحيرة، وما يجري الان من تنفيذ مخططات وتآمر مكشوف يفترض أن يدفع القيادة للخروج من دوائر التيه والانتظار والتلقي وتحمل مسؤولياتها، ويفرض عليها أن تلجأ الى خيارات فاعلة وعملية وجدية، بعيدا عن أي انتقاص أو اشغال لشارع ينتظر خوض المواجهة.
ردود فعل القيادة الفلسطينية خجولة.. وهذا يعزز من موقف القوى والدول العدوانية، ويبقيها مشلولة، قد تسهل وتسرع من عملية اقصائها، الا اذا تساوقت مع مخطط التصفية، ولا نعتقد أن ذلك في مصلحتها، فالصمت والتساوق والاختفاء وراء التصريحات النارية دون ترجمة على الارض، عوامل انهيار لها، مع تحميلها كامل المسؤولية على ما يترتب من تداعيات ونتائج يفرزها تنفيذ المخططات العدوانية.
لقد اختارت القيادة الفلسطينية وتمسكت بالمقاومة الشعبية السلمية طريقا لانجاح مشروعها الوطني، لكن، هذا الخيار بلا تفعيل واستخداماته مرحلية وجزئية في اطار ضوابط وسيطرة تفقدها التأثير وعوامل النجاح وتحقيق المكاسب.
وما دامت المقاومة الشعبية السلمية خيار القيادة الفلسطينية فلماذا لا يجري استخدامه بجدية وطريقة سليمة، ولماذا تقوم القيادة بمحاصرة امتداداته وشموليته، ولماذا نحصر هذا الخيار في قاعة مغلقة او ميدان محدد، بعيدا عن طوفان الحشود الشعبية.
ترجمة المخطط العدواني بدأ بالفعل، فلماذا تمنع الجماهير من ترجمته، حشودا هائلة في شوارع وميادين كل المحافظات وعلى مدار الساعة، حتى يرى العالم حجم رد الفعل الشعبي الفلسطيني على مؤامرة التصفية.
وما دامت القيادة الفلسطينية رفضت كل الخيارات المتاحة في الرد على العدوان متمسكة بخيار المقاومة الشعبية السلمية.. فلماذا تحاصره وتحيطه بالضوابط، بعيدا عن الدفع باستخدامه، والمناداة بتفعليه.