تواصل الإمارات عمليات التطبيع بشكل متصاعد مع دولة الاحتلال، وبعد هبوط طائرة تابعة لها في تل أبيب بذريعة نقل مساعدات للفلسطينيين، أقدم السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة على نشر مقال في الصحيفة العبرية الأولى “يديعوت أحرونوت” كتبه بلهجة تستجدي هذا التطبيع، مقابل التراجع عن مخططّ الضمّ الاستعماري في الضفة الغربية المحتلة.
يأتي تطبيع الإمارات على هدى تطبيع السعودية مع إسرائيل، ففي ذات يوم أجرت صحيفة سعودية حديثا مطولا مع رئيس حكومة الاحتلال السابق إيهود أولمرت الذي تحدث عن مخطط فرض السيادة وعن خصمه السياسي نتنياهو، علما أن “إيلاف” سبق وأجرت مقابلات مع مسؤولين في حكومة الاحتلال عدة مرات في السنوات الأخيرة، وهذا ما اعتبرته إسرائيل أيضا نوعا من التطبيع معها.
جهود التطبيع
وفي مقاله باللغة العبرية بعد ترجمته عن الإنجليزية، يوضح العتيبة أن إسرائيل لن تستفيد من “خطوة الضمّ” محذرا من أنها ستضر بجهود التطبيع مع العالم العربي، واعتبر أنه سيحول بالتأكيد وعلى الفور، دون جميع التطلعات الإسرائيلية لتحسين الأمن والاقتصاد والثقافة مع العالم العربي.
ورأى العتيبة أن إعلان الضم سيكون إجراء أحادي الجانب، وأنه “استيلاء غير قانوني على الأراضي الفلسطينية، ويتحدى الإجماع العربي بل والدولي، فيما يتعلق بحق الفلسطينيين في تقرير المصير”. وأضاف السفير الإماراتي الذي سبق والتقى عددا كبيرا من المسؤولين الإسرائيليين في الماضي في الولايات المتحدة، أن الضم “سيشعل العنف ويوقظ المتطرفين”. وتطرق العتيبة إلى الأردن، فقال في مقاله الذي يتركز على الحديث عن ميزان الربح والخسارة لإسرائيل، إن الضم سيكون له تأثير كبير على المملكة الأردنية، مشيرا إلى أن “استقرار الأردن، الذي يعتبر أحياناً أمراً مفروغاً منه، يفيد المنطقة بأكملها، ويفيد إسرائيل على وجه الخصوص”.
وفي مقاله، يحاول العتيبي التزلف لإسرائيل، فيشرح لها ما ستخسره في حال قامت بالضمّ، فيقول إن الإمارات تريد أن تؤمن أنها “فرصة لا عدو، فرصة لعلاقات دافئة أكثر”.
** “حزب الله الإرهابي”
ويمضي العتيبة بقوله إن الإمارات أيدت طيلة سنوات السلام في الشرق الأوسط، وعملت على تقليص النزاعات وتقديم محفزات لأجله عن طريق تقديم “الجزر بدلا من العصي” لمنفعة كل الأطراف. وتابع مساويا بين الاحتلال وبين ضحاياه: “عارضت الإمارات العنف من الطرفين، وقمنا بتعريف حزب الله كتنظيم إرهابي، ونددنا بتحريض حماس، واستنكرنا الاستفزازات الإسرائيلية، وبقينا دائما مناصرين متحمسين للشعب الفلسطيني، ومناصرين قدامى لمبادرة السلام العربية “.
ويعترف العتيبة بإجراء الإمارات اتصالات سرية مع إسرائيل في الماضي، بإشارته لـ” مداولات دبلوماسية هادئة”، منوها لإرسال رسائل علنية أيضا من أجل تغيير ديناميكية التقدم، مفاخرا بكونه أحد السفراء العرب الثلاثة الذين شاركوا في المؤتمر الصحافي مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكي ترامب عن “صفقة القرن” مطلع العام الجاري.
وتابع العتيبة متحاشيا استخدام كلمة “دولة فلسطينية”: “عملت بشكل وثيق مع إدارة أوباما، ومن ضمن ذلك دفعنا خطة تهدف لبناء ثقة تمنح إسرائيل الامتيازات -على شكل علاقات متطورة مع دول عربية مقابل حكم ذاتي كبير للفلسطينيين والاستثمار بهم. نحن في الإمارات وقسم كبير من العالم العربي كنا نريد أن نصدق بأن إسرائيل فرصة لا عدوا. نحن نقف أمام مخاطر مشتركة ونرى الفرصة الكبيرة لعلاقات حميمية أكثر، وقرارها بالضمّ إشارة لا يمكن فهمها خطأ.. الضم سينقلب فورا على طموحاتها ببناء علاقات تعاون في الأمن والاقتصاد والثقافة مع العالم العربي ومع الإمارات”.
** في الأمن والماء والغذاء
ضمن محاولاته المستميتة للتقريب بين إسرائيل والإمارات، يقول العتيبة إنهما تملكان اثنين من أكثر الجيوش تطورا في المنطقة، ويجمعهما “قلق مشترك من الإرهاب والعدوانية” مثلما أن لهما علاقات وطيدة وعميقة مع الولايات المتحدة، ولذا بمقدورهما إنتاج علاقات تعاون أمني وثيق وناجع أكثر.
ويضيف: “لكون إسرائيل والإمارات تمتلكان اقتصادا متطورا ومتنوعا، فإن توسيع الأعمال والعلاقات الاقتصادية بينهما من شأنها أن تدفع بنمو واستقرار المنطقة كلها في الشرق الأوسط “.
ويواصل العتيبة محاولة استجداء التطبيع، بالقول إن المجالات المشتركة بين إسرائيل والإمارات في موضوع تغيّر المناخ والأمن والماء والغذاء والتكنولوجيا والعلوم، تستطيع أن تحفّز المزيد من الابتكار والتعاون.
وعلى خلفية وصول طارئتين إماراتيتين لمطار بن غوريون في تل أبيب قبل أيام، يقول العتيبة أيضا، إنه “بما أن الإمارات مركز لشركات طيران دولية وللتربية والاتصالات والثقافة، فإنها تستطيع أن تكون بوابة تدخل منها إسرائيل للمنطقة وللعالم”.
في المقابل، يقول العتيبة إن الضمّ سيجعل النظرة العربية لإسرائيل “أكثر قسوة” تزامنا مع فتح المبادرات الإماراتية فرصا للتعاون الثقافي وللتفاهم الواسع أمام إسرائيل.
وتابع ضمن تزلفه لدولة الاحتلال: “الإمارات شجعت الإسرائيليين على التفكير بالجانب الإيجابي الكامن في علاقات طبيعية ومفتوحة، مثلما فعلت أمرا مشابها مع الإماراتيين والعرب. على سبيل المثال: دعوة إسرائيل للمشاركة في معرض إكسبو الدولي للطاقة المتجددة في العام القادم في دبي برعاية الأمم المتحدة”. كما استذكر العتيبي إنشاء الإمارات مركزا دينيا في أبو ظبي يشمل مسجدا وكنيسا وكنيسة بعنوان “بيت عائلة إبراهيم” منوها لتدشين خط جديد في الإمارات لتقديم غذاء خاص باليهود فيها والآخذ عددهم بالازدياد.
(القدس العربي)