2024-11-25 06:54 م

محاذير أمام القيادة الفلسطينية.. الانتظار ونصائح الأنظمة وقنوات الاختراق

2020-05-25
القدس/المنـار/ على خلفية التعنت الاسرائيلي والصلف الامريكي أعلنت القيادة الفلسطينية في لحظة مفصلية عن موقف باركته الجماهير الفلسطينية عندما اتخذت قرارا بالغاء الاتفاقات والتفاهمات المبرمة مع اسرائيل، وجاء هذا القرار ردا على تضمين برنامج الحكومة الاسرائيلية بدعم أمريكي ضم أراض فلسطينية وفرض السيادة عليها والتنسيق الأمني هو من ضمن هذه التفاهمات التي شطبها القرار الفلسطيني.
الشارع الفلسطيني أكد دعمه لقرار القيادة وكذلك الأمر بالنسبة للفصائل الفلسطينية، سواء تلك المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد، أو تلك الحركات التي لم تنضم بعد الى هذا الاطار.
اما الدول العربية بعضها التزم الصمت والبعض الاخر سحب جوارير الشجب والاستنكار وأخرج منها الصيغ والبيانات المعهودة، أما الدول الغربية ذات التأثير فهي الاخرى لها بياناتها التي اعتادت على اصدارها واطلاقها في كل مناسبة بعيدا عن أي صدام حقيقي فعلي مع واشنطن وتل أبيب.
اسرائيل من جانبها، قيادات لاذت بالصمت، وبقيت مختبئة وراء التسريبات التي تبثها وسائل الاعلام على اختلاف توجهاتها بين مصدق ومستهزىء ومحذر الى درجة التهديد والتخويف.
تفسيرات وتحليلات وتوقعات احاطت بقرار القيادة الفلسطينية، هناك من بشر بانتفاضة ثالثة، لكن دون الاقتراب من ضرورة تحقيق مصالحة في الشارع الفلسطيني تنتهي حالة الانقسام، وهناك من وجد في القرار فرصة للدفع باتجاه مشروعه وربما التحضير لتدشين مسار يوصل الى دفة الحكم، وطرف ثالث يدعو الى الحكمة والتروي قبل الاقدام على خطوات تنفيذ كبيرة وحاسمة.
لكن، الأخطر، أن هناك قوى في الداخل والخارج عربية واقليمية من منتهجي "الوشوشة" وحمل الرسائل من أصحاب القنوات التي تنشط في مثل هذه الحالات "للطعن المرن" في القرار استعجالا وانتظارا، وتضييع وقت، وصولا الى الاحباط كالانتظار الى أن يحين شهر تموز الموعد الذي حددته اسرائيل للضم، لعل تل أبيب تؤجل هذه العملية ـ وليس الغاؤها ـ ورسائل الى القيادة تدعوها الى التفكير بهدوء وانتظار الانتخابات الامريكية، ونصائح من قوى عديدة بالتروي الى حين تظهر نتائج الانتخابات الامريكية في نوفمبر القادم، وحتى ذلك التاريخ تقول اخرى ما المانع من أن تبني القيادة موقفا يستند الى بعض "الايجابيات" في صفقة القرن واستئناف المفاوضات وبحث الامر، ناهيك عن بعض الادوات "المعششة" في جدران دوائر صنع القرار المرتبطة بأجهزة غريبة تضخ سمومها على مسمع من المستويات العليا في القيادة، بتشغيل اسطوانتهم المعهودة، بأنهم "علموا من مصادر رفيعة"، وتحدث اليها "مسؤولون رفيعو المستوى" من هذه العاصمة وتلك، تشويشا واختراقا لمصلحة مشغليهم.. وهي أدوات صدئة طالما دعونا الى وضع حد لها، واستبعادها دون جدوى!!
الان القرار المتخذ مدعوم بقوة من الشارع الفلسطيني الذي انتظره طويلا، وهذا الدعم سلاح فعال في يد القيادة ويفتح الأبواب واسعة أمام العديد من الخيارات، لذلك تراجع القيادة عن التنفيذ المدروس للقرار وفق استراتيجية سليمة ليس في صالح القيادة الفلسطينية، بعد أن دخلت وشعبها في مرحلة جديدة حساسة ومفصلية، وتفرض على الجميع العمل دون ابطاء لانهاء الانقسام وترتيب البيت وتمتين جدرانه، وسد كل الثغرات الخطيرة المعروفة والواضحة المسببة للتذمر.
القلق مرفوض أن يتسلل ويتسرب الى صفوف الفلسطينيين جراء اتخاذ هذا القرار الصائب، فاسرائيل هي التي يعتريها القلق، وان أظهرت عكس ذلك، وهذا يقودها الى التراجع والعودة الى مسار البحث الحقيقي عن سلام عادل وشامل ترعاه دول التأثير جميعها، ومن المتطلبات في مثل هذه المرحلة، ان توضع العواصم العربية بكل صراحة وجرأة على المحك، بعيدا عن الضبابية والغموض والصمت والاختباء وراء بيانات الاستنكار والنصائح المسمومة الكاذبة.
ان اية تطورات جديدة للقرار الفلسطيني لن تظل محصورة في ساحة الصراع الرئيسة، بل ستمتد الى دول الجوار وأبعد، لذلك، الاسناد العربي العملي والصادق فيه فائدة للجميع ويعيد اسرائيل الى صوابها الذي فقدته تماما، حتى وان كان أحد هذه التطورات انتفاضة ثالثة.. فاندلاع انتفاضة جديدة هو ما تخشاه اسرائيل والمستوى العسكري فيها وهو صاحب القرار الأول ويستند اليه المستوى السياسي، وفحواه أن عملية الضم لها تداعيات خطيرة على اسرائيل في كافة الميادين، ولا ضامن لعدم اشتعال جبهات تنتظر عود ثقاب.
وبمعنى أوضح وأدق، القيادة مدعوة الى التمسك بالقرار الذي اتخذته وعدم الخشية من شيء قد يسربه البعض لدوائرها، فالتهاون والتراجع والوجل يفقد الحقوق والارض والكرامة.