2024-11-29 04:33 م

من النكبة إلى القدس.. فلسطين ومسؤوليات التحرير

2020-05-23
بقلم: أحمد الدرزي
لم تبدأ قضية فلسطين إلا بعد نكبة حرب العام 1948، ولكنّها تعود بجذورها بعيداً، حين ظهرت أولى ملامحها مع نابليون بونابرت، الذي حاول العمل على مشروع إقامة كيان جامع لليهود في نقطة الوصل بين البرّين الآسيوي والأفريقي في العام 1798 بعد احتلاله مصر، وحاول التمدد باتجاه بلاد الشام، فأدركت القوى الغربية المتتابعة في السيطرة على العالم أهمية السيطرة والتحكم بالممرات البرية والبحرية، لمنع أية قوة من القوى التي سيطرت على تاريخ حركة نشوء الإمبراطوريات من العودة إلى المسرح العالمي، فكان لا بد من وضع الأسس المانعة لها.

ولَم تكن فلسطين سوى جزء أساسي من مشروع هذه القوى، والذي تبلور بتطور النظام الرأسمالي وسيطرته على مقدرات العالم، وتحول في ما بعد إلى النسخة الأخيرة المتمثلة بالليبرالية الحديثة التي عبّرت عن نفسها بالرأسمالية المتوحّشة.

ومن هذا الجانب، أصبحت القضية الفلسطينية العنوان الأساس للصراع مع المشروع الغربي، وعنواناً لنهاية نظام الهيمنة والنهب العالمي. ومن هنا تتوزع سويات المسؤولية عن التحرير والقضاء على الكيان الوظيفي.

 تمثل المسؤولية السورية رأس الواجبات في المشروع التحريري، وينطلق هذا الأمر استناداً إلى مفهوم سوريا الكبرى أو سوريا الطبيعية، التي تختزل مفهوم بلاد الشام التاريخي، والتي تبدأ حدودها الجغرافية من رفح أو العريش، وفق ما عبّر عنه الجغرافي الإدريسي، فتكون فلسطين الجزء الجنوبي المحتل من سوريا.

وهنا تتدرج المسؤوليات، حيث يمثل الفلسطينيون رأس الحربة في العمل المقاوم، باعتبارهم الضحية المباشرة لاغتصاب أرضهم وتهجيرهم. وبالسوية نفسها، تكون دمشق موقع القرار المقاوم وإرادة التحرير، وعليها مسؤولية القيادة.

ولا يخرج الأردن ولبنان من هذا الإطار، لكونهما جزءاً أساسياً من سوريا الكبرى، ولا يخرج العراق منه، وهو العمق والامتداد الطبيعي لسوريا، التي هي أيضاً امتداده الطبيعي ورئته المطلة على البحر المتوسط.

تقع المسؤولية الثانية على مصر وادي النيل، التي اكتشفت منذ فجر التاريخ أن نهضتها وقدرتها لا يمكن أن تكون بخير إلا بالتمدد شمالاً إلى بلاد الشام عبر فلسطين، كما اكتشفت منذ عهد الهكسوس أن تهديدات أمنها القومي تأتي من الشمال عبر فلسطين، فتعرضت للتحجيم بعد صناعة الكيان الصهيوني.

 ورغم خروجها من الصراع إثر دخولها في اتفاقيات كامب دي