2024-11-25 09:44 م

تكديس الإرهابيين شمال سوريا.. مخطط امريكي تركي جديد

2020-05-20
أشبه بحقل الالغام يريد الامريكي والتركي استمراره في الشمال السوري، عبر تكديس المجموعات المسلحة، وافتعال مهام جديدة لها، والتلويح بصاعق التفجير كلما اقتربت سيطرة الدولة السورية على تلك المناطق، او لاحت بالافق بشائر الحل السياسي للازمة والحرب المفروضة على البلاد. 

وعن عمق التحديات التي تواجه المنطقة، والعمل على انهاء غيتو ادلب والنصرة، يستمر التركي بالخطط لاطالة فترة الحرب، والجديد التجهز لإنشاء تشكيل عسكري مسلح جديد من إرهابيي الفصائل المدعومة منها بالشمال السوري، يضم ضباطا ومقاتلين فارين من الجيش السوري، وذلك للعمل في محافظة إدلب. التشكيل الجديد سيكون مشابها لما تسمى بالشرطة العسكرية المتواجدة بمناطق سيطرة الجيش التركي والفصائل الإرهابية الموالية لها شمال شرق الفرات في ريفي الحسكة والرقة، حيث سيتكون من مسلحين وأبناء المنطقة من أجل تسهيل استلام إدارتها، وستبدأ داخل الأراضي التركية بعد عيد الفطر مباشرة.

وبالتزامن مع تلويح تركيا بذلك الفصيل الجديد، كانت الاشارات الصادرة من القوات الامريكية تؤكد فتح باب التطوع أمام الشباب في مدينة الشدادي جنوب الحسكة، لتشكيل مجموعات مسلحة تابعة للامريكي تحت مسمى " حراس النفط " مهمتها حماية حقول النفط والغاز عبر استمالة ابناء المنطقة للعمل مبدأيا على حراسة حقول "الجبسة"، البالغ عددها 1600 بئر، إلى جانب معمل الغاز الذي ينتج 3 مليون متر مكعب "غاز حر" يومياً، براتب شهري يصل الى 300 دولار امريكي.

مجددا وتكرارا وبلا ملل، يعود الامريكي والتركي لخلط الاوراق في الشمال السوري، ويوحي المشهد بالمزيد من التعقيدات، اثر تنوع سلوكيات العدوان من جانب واشنطن وانقرة، ولكن السؤال الابرز على ماذا يعتمد هؤلاء في سلوكهم، وعملهم على اعادة رسم خريطة النفوذ في الشمال السوري، حيث لا يتعدى ذلك السعي الى ادخال المنطقة في نفق مظلم، يصب في مصلحة التوجه الامريكي والتركي، المتمثل في استنزاف الدولة السورية، والعزف على الوتر الانفصالي ان كان في ادلب او الجزيرة السورية، بالتزامن مع هدم كل ما يمكن ان يحققه الحراك السياسي لانها الازمات في مناطق تواجد قسد او الارهابيين في ادلب، وفق استراتيجية تقوم على تعميم الشلل على مخرجات محادثات استانا، ودفع الامور للعودة الى صيغة جنيف، وزج الامم المتحدة بالمسألة للاستفادة من قدرة الامريكي على التأثير بقرارتها، وذلك ضمن تكتيك مرحلي، وهو ايقاف تقدم الجيش السوري نحو ما تبقى من ادلب، وعودة سلطات الدولة السورية على مناطق الجزيرة وشرق الفرات، ومنع اي منصة حوار بين قسد والدولة السورية، ريثما يستكمل الامريكي انتشار قواته، وبناء قواعد جديدة في المنطقة، ترفع من قدراته على سرقة النفط السوري، وهذا ما يفسر حاجته لمجموعات مسلحة تحمي قواعده وابار النفط للتفرغ لاهداف اوسع واهم.

كل تلك الظروف المفروضة على المنطقة، وما تقوم به واشنطن وانقرة، ليس بريئا ولا عفويا ولا هو رد فعل طبيعي على وضع استثنائي، بل هو توطئة لاستمرار توظيف تنظيم داعش مجدداً في العراق وسورية وصولاً للجغرافية الإيرانية، وكل ذلك يعمل عليه منذ اعلان ترامب سحب قواته من سوريا في نهاية عام 2018، حيث تتواصل فصول التخبط الامريكي، بين زيادة عدد القوات وانشاء قواعد جديدة، وتهريب مسلحي داعش الى الصحراء السورية والعراقية، ودعم المجموعات الارهابية المنتشرة في بادية تدمر عبر قاعدة التنف، الى العمل على تأسيس وحدات عسكرية خاصة، منها من المكون العربي، ومنها من المكون الكردي، واخرها بهدف حراسة حقول النفط في سوريا، ضمن اهداف عصابة المارينز الامريكي، وحتى الجيش التركي، نحو شرعنة بعض المجموعات المسلحة تحت مسمى جديد، كي يجنبوا هؤلاء الارهابيين تهمة الارهاب.

في واقع الأمر، جميعنا يعلم أن شبقاً عارماً يكتنف ترامب منذ فترة طويلة للاستيلاء على النفط السوري، لكنه في نفس الوقت يحاول ان لا يفقد معظم ادواته للتأثير في الملف السوري بشكل عام، وما يعزز هذا الامر، هو اعادة احياء داعش في المنطقة، والتسويق عبر مخابراتها ان داعش لم يتأثر بمقتل متزعمه البغدادي، لتعود لزراعة الفوضى والخراب في المنطقة، وبمساعدة دولة تتناغم معها سياسياً وعدوانيا في المنطقة.

اليوم مع تفكك كل الذرائع والمبررات الامريكية والتركية للبقاء في المنطقة، والتي بنيت أساسا على الوهم والتضليل وفي مقدمتها القضاء على داعش ومحاربة الإرهاب، جعلت كل ما تقوم به الادارة الامريكية او التركية، مدان واكثر ضعفاً، منذ فرض الحرب على سوريا، بعد كسر العكاز الاساسي الذي تستند عليه واشنطن في تنقلها، لتبرير تدخلها في الشؤون السورية، لن تفيدها محاولات اعادة تدوير المجموعات المسلحة لحماية مصالحها وقواعدها، وان اتساع رقعة اطماعها جعلها تحاول اعادة تدوير ودحرجة داعش من بقعة لبقعة على خريطة المنطقة، في تعويم للارهابيين بطريقة بهلوانية، واقامة طقوس تستوجب كما اسمتهم متطوعين لحماية قواعدها التي عادت لبنائها، في وقاحة وفجاجة امريكية بلغت الذروة.