2024-11-25 07:54 م

دراسات الشرق الأوسط بالأردن يرصد تداعيات كورونا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا

2020-05-13
أكد الدكتور جواد الحمد رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن، أن تداعيات أزمة كورونا ستكون بليغة على العالم في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية بل والجيواستراتيجية، ومن الطبيعي أن تكون لها انعكاساتها الطبيعية على العالم العربي كجزء من المنظومة الدولية، مؤكدا أن أزمة كورونا كشفت عن الفوارق المهمة في المنظومات الصحية، وفي القدرة على إدارة الأزمات، وفي الكفاءة الاستراتيجية في إدارة الموارد والإمكانات المتاحة بين الدول العربية.


و أوضح أن الأردن تمكن الأردن من محاصرة الوباء سريعا وبشكل حاسم ولم تسمح إدارة الأزمة الأردنية بأي تفاقم للوباء في كافة أقاليم المملكة، ووصلت حد الإصابة صفرا في البلاد بعد أقل من 40 يوما على بدء إجراءات المواجهة، ولذلك تمتع الأردن باستقرار نسبي مميز وبنجاح واضح في المحافظة على كفاءة المنظومة الصحية وتوفير أساسيات الحياة للمواطنين في نفس الوقت ، بينما لم تنجح دول اخرى بذلك، أو لم تتضح بعد معالم نستطيع من خلالها تقييم إدارتها للأزمة باستثناء استمرار معاناتها من التوسع في الإصابات.


وأشار إلى أنه نظرا للتفاوت الاقتصادي بين الدول العربية، فإن انعكاسات الأزمة اقتصاديا سوف تكون اكبر من التوقعات للدول الأكثر غنى عنها للدول الأخرى، ولكن ذلك لا يقلل من مخاطر التداعيات الاقتصادية سواء إزاء الناتج المحلي أوالسياحة أو التصدير أو غيرها.


وتابع قائلًا: "في المقابل كشفت الأزمة عن ضعف التعاون العربي في إدارة الأزمات التي تضرب المنطقة، وكشفت عجز العمل العربي المشترك أن يسند أي دولة في إدارة أزماتها أو أزمة وباء تتناول الجميع، ولذلك اعتقد أن الحاجة أصبحت قائمة وبإلحاح لإعادة النظر بطبيعة العلاقات العربية البينية لصالح التعاون وتفعيل الإمكانات والقدرات المشتركة بلا أنانية ولا انغلاق وبلا عدم اكتراث، واعتقد انه سيكون للنموذج الأردني في إدارة الأزمة أصداء مهمة في المرحلة القادمة بعد انقشاع الأزمة" .


وأضاف رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط أنه إزاء مخططات اسرائيل لضم غور الأردن ومناطق من الضفة الغربية، فبالتأكيد لا تملك الدول العربية وخاصة الأردن وفلسطين إلا مواجهة المخططات الإسرائيلية بالضم والمصادرة والتهجير وبناء المستوطنات، وثمة إجماع وطني في الأردن وفلسطين على وحدة الموقف لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية المتوقعة، ويلزم ذلك موقف عربي مساند على المستويين الإقليمي والدولي، وعلى مستوى توفير الامكانات المختلفة لتصليب الموقف الفلسطيني والأردني والضغط على الموقفين الأمريكي والإسرائيلي لوقف السياسات الإسرائيلية العدوانية التي تستند فيها إسرائيل الى مشروع صفقة القرن الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.


وأضاف أن على الجامعة العربية والدول المعنية سرعة اتخاذ قرارات قابلة للتطبيق وليس مجرد إدانات لا تؤثر على الموقف الإسرائيلي، بل لا بد من اتخاذ إجراءات من قبل عدة دول في مجال تجميد العلاقات مع إسرائيل ووقف أي عمليات تطبيع، وطرح الأمر للإدانة الدولية والعقوبات الدولية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة وكافة المحافل الدولية ، وبغير ذلك فلماذا ترتدع الحكومة الاسرائيلية عن القيام بهذه الخطوات؟ وثمة من يعتقد أن الموقف الفلسطيني هو الحاسم ، فهو قد حسم أمره بالإجماع على رفض ومواجهة ومقاومة اسرائيل، فعلى الموقف العربي إسناد هذا الموقف وليس الضغط عليه وتليينه.


أما بخصوص صفقة القرن فأشار د. جواد إلى أنه على المستوى الإسرائيلي هناك استعجال كبير لتطبيق الشق المتعلق بإعطاء إسرائيل السيادة والضم والقدس وما شابه، بينما لا تتحرك الولايات المتحدة بخصوص ما يعطي للفلسطينيين أي حقوق، وفي ظل الأزمة التي تعيشها إدارة ترامب في ظل أزمة كورونا التوقعات حساسة إزاء مستقبل الإدارة، ومستقبل الرئيس، لكن في حال تمت إعادة انتخاب ترامب فسيكون الشعب الفلسطيني والأمة العربية امام مواجهة صعبة يستلزم فيها التوحد والحشد الكافي للجهود والمواقف والقدرات والبرامج لمنع تطبيق الصفقة التي تهدف الى تصفية القضية الفلسطينية، ولكن في حال فشل ترامب بالانتخابات، فان الفرصة مواتية أمام العرب والفلسطينيين لمحاصرة موقف إسرائيل ومنعها من تطبيق أي إجراءات تدميرية للقضية، وإن فعلت باستصدار وحشد إدانات ورفض الإقرار بها حتى أمريكيا، فالأمر منوط في النهاية بالإرادة العربية.


وفيما يتعلق بلبنان وسوريا وأزمتهما الحالية فرأى أن أزمات لبنان تاريخية وعميقة، وما زادتها أزمة كورونا إلا اتساعا وعمقا واتضاحا، ولكني لا اعتقد أن النظام العربي والدولي يسمح بانهيار لبنان اقتصاديا، ولكنه انهار سابقا اجتماعي ، ولذلك ممكن انهياره اجتماعيا إذا لم تكن إرادات اللبنانيين موحدة لحماية بلادهم،  أما أذا استمروا بالتبعية لأجندات خارجية لا يهمها من لبنان إلا تنفيذ صراعات نفوذ مع دول متنوعة إقليمية ودولية، فان الأمر قد يكون مفتوح النتائج الكارثية.


و فيما يتعلق بسوريا فإن الأزمة السورية تقف منذ العام الماضي 2019 على بوابة الإنهاء من مختلف الفرقاء، ولعل التحول بالتنسيق بين روسيا وتركيا وإيران في مسارات مشتركة قد أوضح هذ التحول، وهو يأخذ مداه الطبيعي في إنهاء الأزمة في كل ما يتعلق بمستقبل سوريا ونفوذ دول العالم فيها ويضمن تحقق مصالح دول كبرى وإقليمية، وأظنها بعد أزمة كورونا ستكون أكثر جاهزية للتوصل إلى تصور مشترك تفرضه على السوريين في النهاية بطريقة أو بأخرى كل في مجال نفوذه، خاصة وأن الأزمة الاقتصادية العالمية أصبحت حقيقة ماثلة لدى كل من روسيا والولايات المتحدة ناهيك عن عدد لا بأس به من الدول المتدخلة في سوريا عسكريا بشكل مباشر أو عبر أطراف سورية.


واختتم رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط تصوره  لوضع عربي أفضل بعد كورونا، بأنه يمكن للوضع العربي أن يتحول إلى حال أفضل بعد أزمة كورونا في حال استند إلى الشعور بالخطر المشترك والمصير المهدد للجميع، وفي حال تم تحييد الصراعات المسلحة ولو مؤقتا، وتم تحييد الخلافات السياسية عن المسائل الاجتماعية والاقتصادية والحيوية والإنسانية للعالم العربي، وخلاف ذلك فسيدفع العالم العربي ثمنا باهظا بغض النظر عن دول غنية ودول فقيرة، لأن التكامل هو الحصن المنيع للعالم العربي وليس الانفراد والارتباط بالخارج لمصالح أنانية.

صدى البلد