القدس/المنـار/ مبادرة يحيى السنوار، القيادي الرفيع في حركة حماس، حول اطلاق سراح الاسرى الفلسطينيين المرضى وكبار السن، وهي المبادرة الانسانية المدروسة بدقة وخاصة من حيث التوقيت، هذه المبادرة يبدو أنها قد حركت المياه الراكدة باتجاه أن تعطي أُكلها تنفيذا وشمولية، بعد أن القى السنوار بـ "مفتاح" استئناف المفاوضات بشأن صفقة التبادل في الملعب الاسرائيلي مع تحفيز الوسطاء لتفادي مواجهات عسكرية واسعة، يرى المراقبون أن أطراف الصفقة والوسطاء غير معنيين باندلاع هذه المواجهة، والعالم كله يعيش حربا شرسة لا هوادة فيها مع جائحة كورونا.. لكن، حركة حماس رأت في هذه الحرب امكانية للاستثمار ومدخلا لطرح مبادرتها الانسانية المدروسة، فلا يعقل أن تبقى اسيرة الحصار الظالم دون أن تكون طرفا مشاركا في الحرب ضد كورونا، دفاعا وحماية لابناء قطاع غزة، والحركة قاربت بين الفيروس واسرائيل ووضعتهما على نفس المستوى، فاما ان يزود القطاع بأجهزة تنفس ومعدات طبية، واما ان يتوقف نفس سكان اسرائيل، وحماس أطلقت مبادرتها في هذا الوقت لاستخدامها صحيا في مواجهة كورونا، وبعد أن تأكد لها أن الازمة السياسية في اسرائيل شارفت على الانتهاء بتشكيل ائتلاف بزعامة بنيامين نتنياهو، وبالتالي بامكان حكومة اسرائيل وهي التي تحارب جائحة متفشية أن تتخذ القرار، يسند شعبية نتنياهو الذي لن يكون قلقا من معارضة قوى سياسية اخرى في حال وافق على السير نحو صفقة تبادل للاسرى ولو على مراحل، وفي ذات الوقت توفير مستلزمات طبية لقطاع غزة المحاصر بالطريقة التي تضمن وصول هذه المعدات تحت اشراف حركة حماس، وذلك منعا لاندلاع مواجهة عسكرية مع المقاومة الفلسطينية، وهذا ما دفع مكتب نتنياهو الى الرد على مبادرة السنوار بالدعوة الى "حوار فوري" من خلال الوسطاء، مصدرا تعليماته بالتحرك الى منسق شؤون الاسرى والمفقودين في الجانب الاسرائيلي "يارون بلوم" وطاقمه بالتعاون مع هيئة الامن القومي والمؤسسة الامنية، مع الاستعداد للعمل بشكل بناء من أجل استعادة القتلى والمفقودين.
ويبدو استنادا الى الرد الفوري الاسرائيلي على مبادرة السنوار، أن تل أبيب غير معنية الاحتفاظ باعداد من الاسرى الفلسطينيين في سجونها مع تفشي جائحة كورونا، وتحمل مسؤولية اصابتهم بالفيروس، فتكون سببا باندلاع مواجهات عسكرية، هي في غنى عنها، وفي ظل الحرب على كورونا، وليس في صالحها خوض حربين في وقت واحد.
وحركة حماس من جانبها، تتوق منذ زمن طويل لانجاز صفقة تبادل للاسرى دعما لقاعدتها في الشارع الفلسطيني، وعدم مواصلة تحمل مسؤولية موت من هم لديها من اسرى، قتلى أو أحياء، وكان الظرف مناسبا لطرح مبادرتها التي لاقت أصداء لدى اسرائيل وكافة الوسطاء وتحديدا الوسيط المصري.
مصادر عليمة أكدت لـ (المنـار) أن البيان الاسرائيلي الرسمي الداعي لبدء الحوار الفوري بشأن صفقة تبادل الاسرى، والذي جاء في أعقاب طرح مبادرة السنوار، اتخذ بعد اتصالات اسرائيلية مصرية على اعلى المستويات ومثلها بين القاهرة وغزة، كذلك، كانت هناك اتصالات شاركت فيها مشيخة قطر، ومبعوث الاتحاد الاوروبي للسلام وأنقرة، وبرلين، لكن، مصر هي التي تصدرت هذه الاتصالات، وخطوط الاتصال الساخنة لم تغلق بعد بين القاهرة وتل أبيب وغزة، ومصر غير معنية بتاتا بتفجير الاوضاع بين حماس واسرائيل، وهي التي لها حدود مع الجانبين.
وترى المصادر أن اسرائيل ومصر تدركان جيدا حجم تأثير القيادي يحيى السنوار في غزة وموقعه المتقدم في الجناح العسكري "كتائب عز الدين القسام" وعلاقته القوية بالمعتقلين في السجون الاسرائيلية، وهو الذي أمضى قابعا بها اكثر من 23 عاما ويدرك معاناتهم جيدا.
اذا، هذا الملف فتح من جديد، وظروف معالجته الان تختلف عن السابق، بل أفضل بكثير، والفضل في ذلك، يعود الى جائحة كورونا المقلقة!!!
دوائر متابعة تشير الى أن اغلاق هذا الملف قد يكون على عدة مراحل، وحركة حماس أولا معنية بانهاء هذا الملف بصفقة تبادل شاملة للاسرى تبدأ بجسر الهوة بين الجانبين الحركة واسرائيل بجهود الوسطاء، لكن، حماس اذا لم تصل مع تل أبيب الى الحل النهائي فهي مصرة في الدرجة الاولى ايا كان الاتفاق على اطلاق سراح خمسين معتقلا فلسطينيا كانت اسرائيل قد اعادت اعتقالهم بعد أن أطلق سراحهم في صفقة وفاء الاحرار "صفقة شليط"، وما طرحه السنوار في مبادرته، وتحديدا اطلاق سراح الاسرى المرضى وكبار السن والتزود بالمعدات الطبية لمواجهة فيروس كورونا، والحركة في حال كان الحل على مراحل، فانها مقابل ما ذكرنا، ليس لديها من ثمن تمنحه لاسرائيل الا معلومات عن الاسرى الاسرائيليين لديها أحياء وأمواتا!!!