عام مليء بالمتغيرات والأحداث في تركيا، فمع سرعة انتشار فيروس كورونا المستجد ازدادت أعباء جديدة يعجز تحملها الاقتصاد التركي الذي شهد تقلبات كبيرة في الحركة التجارية وتعطل في القطاعات الصناعية والسياحية، مما أدى إلى تراجع سعر صرف الليرة التركية لأدنى مستوى أمام الدولار الأمريكي.
مع ارتفاع حالات كورونا في تركيا بشكل كبير، تواجه.تركيا ضغوطا على تصنيفها الائتماني، حيث تثير عمليات الإغلاق الواسعة لأنشطة وقيود على السفر مخاوف بشأن ركود عالمي محتمل، حيث يمكن أن يسبب هذا ضرراً كبيراً لتركيا خاصة بعد تراجع عملتها المحلية، مما يرفع تكلفة سداد الديون المقترضة بعملات رئيسية مثل الدولار.
في سياق مواز، تهدد خسائر أزمة كورونا ما يقرب من 10 ملايين تركي بفقدان وظيفتهم في جميع القطاعات، وخاصة قطاع البناء والتشييد، هذا إلي جانب 4.5 مليون عاطل، يضاف إلى ذلك تضرر القطاع الزراعي والثروة الحيوانية، وإمكانية انقطاع الإنتاج، ما يضع النظام تحت ضغط كبير، ويزيد الغضب الشعبي ضده.
كما أن احتياطي النقد الأجنبي في البنك المركزي التركي هوى بأكثر من 7 مليارات دولار خلال الأسبوع الماضي، وفقًا لما كشفه التقرير الأسبوعي للبنك، وبحسب التقرير تراجع إجمالي احتياطي النقد الأجنبي إلى مستوى 65.14 مليار ، مقارنةً بـ 72.47 مليار دولار بالأسبوع السابق.
ويعود أسباب انكماش الاقتصاد التركي وهبوط الليرة إلى تقييد حركة الأشخاص من وإلى تركيا، ووقف الرحلات مع البلدان التي انتشر فيها فيروس كورونا، بالإضافة إلى انكماش السياحة كونها تعد أحد أهم مصادر الاقتصاد والعملة الصعبة لتركيا، فضلا عن تراجع التجارة الخارجية أي الطلب الخارجي وبشكل خاص الصادرات وإلغاء الكثير من المعارض التجارية وتخفيض الفائدة والاحتياطي الإلزامي والسياسة المالية التوسعية المتعلقة بزيادة الإنفاق الحكومي والدعم المباشر وتخفيض الضرائب والتي سوف تتخذها الإدارة الاقتصادية في البلاد لتفادي آثار كورونا السلبية على الاقتصاد خلال الفترة المقبلة.
بالمقابل، انتقد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية سياسة حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم وتركيزه على الأضرار الاقتصادية للفيروس على حساب صحة المواطنين، من المؤكد أن الرئيس أردوغان يعيش حالة من الارتباك في مواقفه لفشل مشروعه في سورية وليبيا، واتساع دائرة المعارضة داخل تركيا لهذا التدخل، والصدام مع الداعية فتح الله جولن وارتفاع معدلات البطالة والتضخم وسط تراجع قيمة الليرة التركية، ولخسارته الأغلبية المطلقة في الانتخابات البرلمانية التركية الأخيرة، وانهيار طموحاته في تعديل الدستور وتحويل النظام السياسي التركي إلى نظام رئاسي على غرار النظامين الفرنسي والأمريكي، ولا شك أن استهداف الأكراد في سورية يحرم أردوغان من أصوات أكثر من 20 مليون كردي في تركيا، كل هذه المغامرات ستؤثر سلبياً على شعبية أردوغان في تركيا، وبالتالي غرق سفينته في الانتخابات المقبلة عام 2023.
مجملاً...إن العالم اليوم يتجه نحو بناء نظام عالمي جديد على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، في أعقاب الخروج من أزمة الفيروس. إذ لم ينجح الرئيس أردوغان في اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة لحماية الشعب من الانتشار السريع للفيروس في تركيا سيضع مستقبله السياسي على المحك، في ظل تعثر الاقتصاد المتهاوي الذي يعيش منذ أكثر من ثلاث سنوات أزمة حادة تعمقت بفعل العداءات التي خلقها أردوغان تجاه الدول الغربية ودول الجوار بالاتحاد الأوروبي وخوضه في أكثر من جبهة معارك سببت خسائر عسكرية قاسية للجيش التركي لاسيما في معركة إدلب شمال سورية وفي معركة طرابلس الليبية. وإنطلاقاً من ذلك، يبدو أن تركيا حالياً على أبواب سيناريوهات مرعبة لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في المنطقة.
khaym1979@yahoo.com