2024-11-27 07:44 م

قيادة بن سلمان تضيع السنة الجديدة على السعوديين

2020-04-04
"سنة ضائعة في السعودية" العالقة في عدد من المشاكل الحيوية، بسبب ولي عهدها "محمد بن سلمان". هكذا تحدثت مجلة "إيكونوميست" الأمريكية، حين قالت في تقرير لها، إن عام 2020 الذي بدأ واعدا للمملكة، انحرف كثيرا، مع انهيار أسعار النفط، وانتشار جائحة "كورونا المستجد"، واعتقالات الأمراء، وتصاعد الحرب في اليمن، وغيرها من الأزمات.
التقرير الذي حمل عنوان "سنة ضائعة في السعودية"، قال: "بدأ العام بداية جيدة للسعودية، وبعد توسع بطيء، بدأ القطاع غير النفطي بالنمو، وكان المسؤولون راغبين بجذب الاستثمارات الجديدة".

وأضاف: "وبدا وكأن الحرب في اليمن تخفت، وتحرك العالم بعيدا عن جريمة قتل جمال خاشقجي، وتقطيعه في تركيا عام 2018، وبدأت المملكة بالتحضير لاستقبال قمة العشرين في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل".
(قتاة العالم)
قبل أن يتابع التقرير: "إلا أن الأمور في الفترة الأخيرة لا تسير حسب الخطة"، فقد بدأ "بن سلمان" في سجن أمراء وموظفي خدمة مدنية بارزين، وبدأت حرب أسعار النفط، بالتزامن مع تفشي جائحة (كوفيد-19).

البداية كانت مع سجن "بن سلمان"، الحاكم الفعلي للمملكة، عددًا من الأمراء البارزين وموظفي الخدمة المدنية في مارس/آذار، ثم بدأت حرب أسعار نفط مع روسيا، والتي خفّضت سعر برميل النفط إلى مستويات غير مسبوقة منذ عام 2003.

لم يغضب ذلك روسيا وحدها، بل غضبت الإمارات والولايات المتحدة.

وجاء أيضا (كوفيد-19)، ليجمد الاقتصاد السعودي، ويتركه يخوض ببحيرة من النفط الذي لا يريد أحد شراءه.

فبعيدا عن كونه مرحلة من الحملة الدبلوماسية الهجومية واجتذاب المستثمرين، فقد يترك عام 2020، المملكة في حفرة اقتصادية ودبلوماسية عميقة، حسب "إيكونوميست".

اعتقال الأمراء

ففي وقت كان خبر اعتقال الأمير "أحمد بن عبدالعزيز"، موضوع الساعة، اعتقلت الشرطة ولي العهد وزير الداخلية السابق "محمد بن نايف"، وعددا من موظفي الخدمة المدنية.

تزامن ذلك مع اتهام سعوديين مقربين من الديوان الملكي للمعتقلين بالتآمر على ولي العهد، رغم عدم وجود ما يشي بالمؤامرة، خاصة أن بعض "المتآمرين" أُفرِج عنهم.

وتنتهك الإجراءات الصارمة التي اتخذها "بن سلمان" ضد شقيق والده الأصغر "أحمد" وابن عمه "بن نايف" وأمراء آخرين، بمن فيهم "سعود بن نايف" وابنه "عبدالعزيز"، كل مبدأ اتبعه "آل سعود" لمساعدتهم على الحكم والنجاة من الاضطرابات الإقليمية لما يقرب من قرن.

ونظر آخرون للاعتقال على أنه تحذير آخر من "بن سلمان" الذي لا يتسامح مع المعارضة، وفق التقرير.

ولا يتسامح "بن سلمان" مع أي معارضة ولا يتردد في اعتقال أي سعودي، عادي أو من العائلة المالكة، لدفع أجندته للاستيلاء على السلطة.

ولا يزال الآلاف من ناشطي حقوق الإنسان السلميين في السجون السعودية، كما استخدم "بن سلمان" عملاءه الوحشيين في المخابرات والتقنيات المتقدمة التي اشتراها من موردين أجانب، لا سيما (إسرائيل)، لتتبع المعارضين السعوديين في كندا وأوروبا والولايات المتحدة ودول أخرى.

حرب مع روسيا

وظهرت شخصية ولي العهد "المتهورة"، أكثر في المفاوضات مع روسيا حول تخفيض مستويات إنتاج النفط، عندما فشل تحالف "أوبك+"، بالتوصل إلى اتفاق، فضلًا عن تجاوز الأمير -على ما قيل- أخيه وزير النفط، وأمر شركة "أرامكو" بزيادة الإنتاج.

ومع إغراق السوق بالنفط، تراجع سعر البرميل إلى أقل من 30 دولارا، ولا يزال مرشحا للهبوط.

وتعبت السعودية من لعب دور المنتج المرجح للنفط، وتخفيض الإنتاج لحماية استقرار النفط، في وقت يرفض فيه الآخرون تنفيذ تلك الخطوة.

يُضاف إلى ذلك أن "بن سلمان" قلق على مستقبل النفط في عالم يحاول فطم نفسه عن عادة استهلاكه.

ولو استمرت الأسعار على مستوياتها المتدنية، فقد تضطر السعودية لتعويض نقص بالميزانية قيمته ملياري دولار في الأسبوع.

وخفضت النفقات بنسبة 50 مليار ريال (13.3 مليارات دولار) لتقليل النفقات، وقت أزمة فيروس "كورونا".

صدرت كذلك أوامر للوزارات بالتخطيط لتقليل النفقات، ولكن بشكل أعمق، وقالت شركات تعهدات البناء إن العقود الجديدة توقفت.

وفي العلن، مضى حلفاء السعودية في مجلس التعاون معها، إذ تعهدت شركة النفط الوطنية في الإمارات بزيادة الإنتاج بـ3-4 ملايين برميل في اليوم، لكن المسؤولين الخليجيين عبّروا في أحاديث خاصة عن غضبهم من القرار، لِما سيفتحه من ثغرات في ميزانياتهم.

وحاولت الإمارات، دون نجاح، جمع السعوديين والروس، ولم تنجح الولايات المتحدة أيضا.

وبعد أقل من سنة على تصريحات الرئيس الأمريكي "دونالد ترمب"، الغاضبة من ارتفاع أسعار النفط، يريد الآن من "الكارتل" رفع الأسعار حتى لا تنهار صناعة النفط الصخري.

كذلك فإن مشاريع "رؤية 2030"، المقترنة بصورة التحديث والتطوير التي بشر بها "بن سلمان" وباتت بمثابة هوية شخصية له، وتتوخى أساساً تقليل الاعتماد على النفط في تسيير الاقتصاد السعودي، ستتعرض لأشكال شتى من العرقلة أو التعطيل أو التجميد أو حتى الإلغاء جراء العجوزات الناجمة عن انحدار سعر البرميل.

ويبدو أن السعوديين، ليسوا في مزاج التنازل، حتى مع تدمير فيروس "كورونا" للطلب العالمي على النفط.

تداعيات "كورونا"

وتحركت السعودية بسرعة أكثر من الدول الأخرى لاحتواء الفيروس، وبمنتصف مارس/آذار الماضي سجلت 100 إصابة بالفيروس، وقررت وقف الرحلات الدولية، مع تعليق زيارات العمرة إلى مكة، وحجر صحي لآلاف من العائدين في فنادق راقية على حساب الدولة.

ويبدو أن التحرك السريع أثمر فلم تسجل إلا 1.885 حالة، ومع ذلك فالتداعيات الاقتصادية ستكون خطيرة؛ لأن جهود التحول من الاقتصاد النفطي تعتمد على الاستهلاك الخاص.

وقد أدت الأزمة إلى توقف أكثر من 426 ألف عامل سعودي في قطاع التجزئة عن العمل.

وبدأت المملكة في سبتمبر/أيلول الماضي، إصدار تأشيرات سياحية على أمل جذب مئات الآلاف من السياح هذا العام، وهناك قلة ستأتي، وربما توقف الاستثمار.

وأجبر الفيروس السعودية على إلغاء أهم موسم في التقويم السنوي؛ موسم الحج، الذي يبدأ نهاية يوليو/تموز المقبل.

والعام الماضي، شارك في موسم الحج 2.5 مليون حاج، لكن من المستبعد بلوغ هذا العدد مع انتشار فيروس "كورونا"، ولذلك طالب وزير الحج السعودي "محمد طاهر بن صالح"، في المسلمين بالتريث قبل التحضير للحج هذا العام.

وأصدرت مؤسسة تدعمها الحكومة قائمة بالسنوات التي تعطّل فيها الحج، بسبب الحرب وهجمات العصابات والأمراض، وتكلفة تعطيل الحج ستكون باهظة، لأن مكة تعد المساهم الأكبر في الناتج القومي العام بعد النفط.

قمة ضائعة

أما قمة مجموعة العشرين، فلم تنسِّق المجموعة، وبعد 3 أسابيع من إعلان منظمة الصحة العالمية عن اعتبار فيروس "كورونا" جائحة عالمية، بين أعضائها بخصوص القمة، وستتخاصم أكبر دولتين في المجموعة (الصين والولايات المتحدة) حول من تسبب بانتشار الفيروس.

وحتى مجموعة الدول السبع الكبار، والتي تعتبر أقوى ومتماسكة أكثر، لم تستطع الاتفاق على بيان مشترك بعد إصرار أمريكا على استخدام عبارة "فيروس ووهان" في البيان الختامي، والذي ترفضه الصين جملة وتفصيلا.

ووفق "إيكونوميست"، ربما شاب خروج الأمير من العزلة خلافات أخرى خاصة إن عاد الفيروس هادرا من جديد في الخريف حسبما يتوقع علماء الأوبئة، وعندها لن تعقد القمة في قصر مذهب، بل عبر الكاميرا (زووم).

وتأسست مجموعة العشرين في 1999، بهدف تفعيل التعاون لمواجهة الأزمات العالمية، وتضم بلدانها ثلثي عدد سكان العالم، فيما تمثل 90% من إجمالي الناتج العالمي.

ونهاية الشهر الماضي، استضافت المملكة قمة استثنائية شكلا ومضمونا، ترأسها الملك السعودي "سلمان بن عبدالعزيز"، لبحث جائحة فيروس "كورونا" وتداعياتها.

وشارك في القمة عبر تقنية الفيديو كونفراس، زعماء وقادة الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا والأرجنتين وأستراليا وتركيا والبرازيل والصين وإندونيسيا وفرنسا وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية والهند وبريطانيا وإيطاليا واليابان وكندا والمكسيك وروسيا والسعودية ومفوضية الاتحاد الأوروبي.

وخلت القمة التي استضافتها السعودية للمرة الأولي عربيا، من المظاهر التقليدية لسابقاتها، كاللقاءات الثنائية والهمسات الجانبية وتبادل الابتسامات والمصافحات بين القادة، حتى العشاء الفاخر الذي يكون زاخرا بالأطباق التقليدية للدولة المضيفة، وفوق كل ذلك الصورة الجماعية لأعضاء المجموعة.

واستغرق الاجتماع الافتراضي لقادة الدول العشرين حوالي 90 دقيقة فقط، بدلا من أن يستغرق يوما كاملا كالمعتاد.

لكن بالنسبة للمملكة بشكل عام، وولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" بوجه خاص، لم يكن خروج القمة بهذا الشكل هو ما كانت المملكة تأمله عندما تم الإعلان عن استضافتها للقمة في وقت سابق العام الماضي.