في خطوة اعتبرها محللون سياسيون منعطفا هاماً في كسر جمود العلاقات السورية –الإماراتية، الاتصال الذي أجراه ولي عهد دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالرئيس بشار الأسد، ويندرج ضمن تصور كامل، وخطة دبلوماسية، هدفها إعادة العلاقات مع دول دمشق إلى رونقها وسابق بريقها، وعلى خط مواز، يستمر الإماراتيين على موقفهم المبدئي من علاقة بلادهم مع شقيقتها سورية، وتشهد الإمارات على مختلف المستويات والمنظمات والفعاليات الاجتماعية أنشطة مختلفة يطالب بها الشعب حكومته بإعادة العلاقات بين سورية والإمارات، كون كلا البلدين لهما وزنهما وأهميتهما في المنطقة العربية.
بالإضافة إلى انتصارات الجيش السوري في ميدان المعركة، بدأت دمشق أيضاً في تحقيق النجاح الدبلوماسي، وعلى المستوى الإقليمي، تعيد المزيد من الدول العربية التعامل مع دمشق، وفي هذا المنعطف، تجد دمشق دعماً خاصاً في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي أعادت فتح سفارتها في دمشق، في أواخر كانون الأول 2018، بعد سبعة أعوام على إقفالها، وأعلن وزير خارجيتها لاحقاً أن هذه الخطوة من شأنها أن تساهم في ضمان استعادة سورية مكانتها في العالم العربي بيد أن إعادة فتح السفارة، التي أعقبتها زياراتٌ ثنائيةٌ عدة لرجال أعمال ومسئولين إماراتيين إلى سورية، ولوفد سوري إلى الإمارات في كانون الثاني 2019، أثارت العديد من التساؤلات في الإعلام والأوساط الدبلوماسية الأوروبية حول معنى وتأثير ما قُدّم على أنه تغيير في السياسة الإماراتية تجاه سورية.
كما اعتبر تفشي فيروس كورونا، مناسبة لتخطي الخلافات السياسية، بعد أن أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأسد، ليعلن أن سورية الشقيقة العربية لن تبقى وحدها بعد تداعيات انتشار فيروس كورونا، بقوله أن "التضامن الإنساني في أوقات المحن يسمو فوق كل اعتبار، وسورية العربية الشقيقة لن تبقى وحدها في هذه الظروف الحرجة" هذه المبادرة ليست محصورة بشخصه ولا بالإمارات، بل هي تعبير أبعد مدى، تؤشر إلى مرحلة جديدة بين محورين كبيرين في المنطقة بأكملها.
وممّا لا شك فيه، أن اتصال بن زايد يعد بمثابة إعلان خليجي عن عودة العلاقات مع سورية، كانت السعودية لا تزال تتهيّب التصريح عنه، وخصوصاً مع الجهود الروسية التي بذلت في الأشهر الماضية، خلال زيارات وزير الخارجية سيرغي لافروف ونائبه بوغدانوف إلى الرياض. ويفتح إعلان بن زايد، الطريق أمام ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لاتخاذ خطوات جريئة تجاه العلاقة مع سورية، مع الإيجابية التي يبديها أمام المبادرات الروسية، وبالتالي تؤشر هذه الخطوات المتلاحقة إلى بدء انفتاح عربي على سورية بعدما قطعت العديد من الدول العربية علاقاتها معها أو خفضت تمثيلها الدبلوماسي فيها.
أمام هذا الواقع الجديد والظروف المستجدة، تتطلع القيادة الإماراتية للربط بين إعادة الإعمار والمصالح المالية الخاصة بها، وبالنظر إلى إمكانية أن يستفيد الغرباء بشكل كبير من إعادة إعمار سورية، تتطلع الإمارات، إلى جانب الصين ودول أخرى، إلى مثل هذه الفرص. وتحاول أبو ظبي استخدام قوتها الاستثمارية في مجال إعادة الإعمار في سورية.
مجملاً.... إن إعادة العلاقات السورية الإماراتية تمثل في الظروف الحالية حاجة إستراتيجية للطرفين، والتنسيق بينهما سيعيد إلى المنطقة شيئاً من التوازن ومنطلقاً للتأسيس لحالة من الاستقرار في خضم المرحلة المضطربة حالياً، وبالنتيجة فإن عودة هذه العلاقات إلى وضعها الطبيعي سيؤدي إلى إثارة غضب الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، اللتان رحبتا سابقاً بضعف العلاقات بين الجهتين من أجل تحقيق مشروعهما في المنطقة. لذلك لا بد للدول العربية أن تعالج سياساتها الخاطئة مع دمشق قبل السعي لإقامة علاقات مع إسرائيل التي أدت إلى قتل أي مشروع نهوضي عربي.
khaym1979@yahoo.com