أنهت الحربُ السعوديةُ على اليمن عامها الخامس، وإذ تؤكد صنعاء بالمناسبة استعدادها التام لمتابعة التصدّي التصاعدي لعام سادس، تبدو الرياض في إرباك جلّاه غياب الاحتفالات المعتادة بإطلاق «عاصفة الحزم»، على أن الأبرز في ذكرى الحرب، للمصادفة، هو المزيد من التراجع لزخمها مع قبول الأطراف جميعها الجنوح إلى هدنة دعت إليها الأمم المتحدة، للتفرّغ لمجابهة خطر «كورونا» الذي لم تسجّل أي إصابة به في اليمن حتى الآن. في المناسبة التي تطلق عليها صنعاء تسمية «اليوم الوطني للصمود»، ظهر زعيم حركة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي موزعاً رسائل في أكثر من اتجاه. خطاب الأخير أمس بدا هادئاً وواثقاً أكثر من أي وقت مضى، وهو الذي عرض لتطوّر جبهته في السنوات الأخيرة وما تحقّق من إنجازات باتت معها الحركة اليمنية وحلفاؤها تثبّت السيطرة على غالبية «العواصم» اليمنية، لتطرق أخيراً باب العاصمة الاقتصادية للبلاد: مأرب.
أولى رسائل الخطاب كانت تأكيد أن الحركة وحلفاءها جاهزون للاستمرار في المواجهة: «الشعب اليمني قادم في العام السادس، متوكلين على الله، بمفاجآت لم تكن في حسبان تحالف العدوان، وبقدرات عسكرية متطورة وانتصارات عظيمة». وقال الحوثي: «التصنيع العسكري اليمني بات اليوم ينتج كل أنواع الأسلحة من الكلاشينكوف إلى الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة في ظل حصار خانق ووضع اقتصادي صعب»، مشيداً بالمسار الميداني الأخير. وتابع: «القدرات والعمليات العسكرية أخذت مساراً تصاعدياً تكلّلت بإنجازات ميدانية كبيرة ونتائج مهّمة. بدأت معظم المسارات من النقطة الصفر إلى مربع الانتصارات وتثبيت معادلات وفرض توازن الردع». زعيم «أنصار الله» ذكّر السعودية بشهادة الجميع بعبثية الحرب وغياب إمكانية تحقيق أهدافها وبكلفتها المادية، داعياً إياها إلى مراجعة نظرتها إلى اليمن، ومجدداً التأكيد أن الأخير «لا يشكّل أي خطر على أي دولة عربية». كما كرّر اتهام الولايات المتحدة بالمشاركة عبر «الإشراف» في الحرب التي وصفها بـ«أعنف حرب على وجه المعمورة وأشرس عدوان على وجه الدنيا».
وفي خطوة لافتة وبالغة الدلالات، تكرّس تموضع صنعاء الإقليمي، عرض الحوثي على المملكة مبادرة تقضي بصفقة تبادل يُفرج بموجبها عن أحد الطيارين السعوديين وأربعة ضباط وجنود أسرى، مقابل إفراج الرياض عن السجناء الفلسطينيين من حركة «حماس» الذين يحاكمون لديها. وعلّق على هذه المحاكمات: «النظام السعودي يحاكم المختطفين الفلسطينيين بتهمة دعم جهة إرهابية ويقصد المجاهدين». الخطوة لاقت ترحيباً فورياً من غزة، إذ علّق القيادي في «حماس» محمود الزهار، في حديث إلى قناة «الميادين ، بالقول إن المبادرة «أفرحت قلوب كل المجاهدين والمقاومين الفلسطينيين»، مشيراً إلى أن الحركة ستتواصل مع طرف وسيط لإتمام الصفقة، رغم عدم تفاؤله بالقبول السعودي لها.
في غضون ذلك، وافقت جميع أطراف الحرب على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى وقف النار لمحاربة تفشّي كورونا. وأعلن المتحدث باسم «التحالف»، تركي المالكي، قبول السعودية الهدنة، قائلاً: «التحالف يدعم جهود مبعوث الأمم المتحدة لوقف النار وخفض التصعيد واتخاذ خطوات عملية لبناء الثقة بين الجانبين في النواحي الإنسانية والاقتصادية». وبينما رحّبت حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، بالدعوة الأممية، أعلن رئيس «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء، مهدي المشاط، الجاهزية التامة «للانفتاح على كل الجهود... في إطار تهدئة شاملة وحقيقية يلمس أثرها الناس».
الاخبار اللبنانية