2024-11-24 11:54 م

هل توصلت الشركات العالمية إلى علاج لكورونا بالفعل؟

2020-03-25
علاء الدين السيد/عربي بوست

في وقت لا حديث للعالم كله إلا عن وباء كورونا الذي ضرب غالبية دول العالم، تنتشر كثير من الأخبار حول قرب التوصل لـ «علاج» للفيروس الذي أصاب قرابة 400 ألف إنسان.

وبسبب كثرة هذه النوعية من الأخبار، يحدث كثير من الفهم الخاطئ والتشتت حول مفهوم كلمة «علاج» هذه ومعناها وهل هذا يعني أنه يمكن شفاء المصابين من المرض وبالتالي منع مزيد من الوفيات، أم أن المقصود هو وقاية بقية الأشخاص ومنع الفيروس من إصابتهم بالمرض.

نحاول في هذا التقرير رسم صورة بسيطة لأنواع العلاجات التي تتحدث عنها وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث والفرق بينها والوقت المتوقع أن تكون متوفرة فيه للاستخدام البشري على نطاق واسع.

بداية علينا أن نعرف أنه حتى اللحظة لا يوجد دواء معتمد خاص بالوقاية من مرض كورونا الجديد أو علاجه. وقد يحتاج الناس إلى رعاية داعمة لمساعدتهم على التنفس في الحالات الشديدة من الإصابة.

هناك طريقان لإيجاد دواء مضاد لفيروس كورونا الجديد: اللقاح والعلاج.

الطريق الأول: الوقاية باللقاح

الطريق الأول هو إيجاد لقاح مضاد للفيروس. واللقاح هو مستحضر بيولوجي (ليس مادة كيميائية، بل مادة مستخلصة من الفيروسات نفسها) يوفر مناعة مكتسبة نشطة لمرض معدي معين. عادة ما يتم تصنيع اللقاح من أشكال ضعيفة أو ميتة أو أجزاء من بروتينات الفيروس المراد الوقاية منه بهدف منح المناعة تدريباً على التعرف وتدمير الفيروس الأصلي حال هاجم الجسم.

نحن نتحدث هنا عن نوع من وقاية بقية الأصحاء الذين لم يصابوا بفيروس كورونا وبالتالي نستطيع منع انتشار الفيروس وإيقافه.

في هذه الحالة لا يمكن أن نطلق على اللقاح اسم «علاج»، لأن اللقاح لا علاقة له بشفاء المرضى المصابين بالفعل.

الطريق الثاني: العلاج

مع وجود حوالي 15% من مرضى فيروس كورونا الجديد يعانون من أمراض شديدة والمستشفيات غارقة بهم، تبرز هنا الحاجة الماسة لتوفير العلاجات.

بالنسبة لعلاج مرض كورونا، فنحن نتحدث عن مواد كيميائية وليست بيولوجية هذه المرة التي تتميز بوجود خصائص مضادة للفيروسات، أو بكلمات أخرى، مادة يمكنها القضاء على الفيروس داخل جسم الإنسان.

بشكل عام، ليست كل الفيروسات حول العالم لها علاجات مضادة لها، وذلك بعكس البكتيريا التي يوجد لها مضادات حيوية تقتلها جميعاً (ربما عدا البكتيريا الخارقة المقاومة لكل أنواع المضادات الحيوية المعروفة).
يمكن لكل هذه الأدوية أن تبطئ أو تقتل فيروس كورونا الجديد، وبالتالي تنقذ حياة المرضى المصابين بأعراض خطيرة، كما يمكن أيضاً إعطاؤها بشكل وقائي لحماية العاملين في مجال الرعاية الصحية وغيرهم ممن هم في خطر كبير من العدوى. قد تقلل العلاجات أيضاً من الوقت الذي يقضيه المرضى في وحدات العناية المركزة، وبالتالي إفراغ أسرة أكثر في المستشفيات للحالات الحرجة.

وبالتالي، عندما ترى كلمة «علاج» في خبر ما، فهذا يعني هذه الفئة التي تحاول مساعدة المرضى وشفاءهم أو على الأقل تقليل حدة الأعراض بحيث نتجنب حدوث الوفاة.

السؤال المهم هنا: أين وصلت الأبحاث العلمية فيما يخص اللقاحات والعلاجات؟

الطريق إلى اللقاح

بالنسبة للقاحات علينا توضيح نقطة مهمة. عندما تسمع في وسائل الإعلام أن شركة ما توصلت للقاح مضاد لفيروس كورونا وأنها بصدد بدء التجارب البشرية عليه، فربما عليك ألا تكون سعيداً جداً. هذا الأمر لا يعني أن اللقاح فعال وتم اعتماده.

عملية إنتاج اللقاحات تمر بعدة مراحل. أولها هو تخليق الشكل البيولوجي للقاح طبقاً للحمض النووي للفيروس. بمجرد أن تعرف العلماء على التسلسل الجيني لفيروس كورونا الجديد وقاموا بتبادله فيما بينهم، قامت العديد من الشركات باستقباله وبدأت تجارب أولية خاصة بمطابقة التركيب الجيني والوصول إلى تركيب مقابل للقاح. هذا هو ما تم الإعلان عنه حتى الآن من عدة شركات.

تأتي بعد ذلك تجارب أولية في المعمل ثم تجارب على الحيوانات وأخيراً التجارب السريرية على البشر. هناك بعض الشركات أعلنت أنها مرت بالمرحلتين الأولى والثانية وتستعد للدخول للمرحلة الثالثة. لكن هذه المرحلة تتطلب شهوراً طويلة من التجارب.

حالياً تتسابق حوالي 35 شركة ومعهداً أكاديمياً لخلق مثل هذا اللقاح، أربعة منها على الأقل لديها بالفعل لقاحات مرشحة تم اختبارها في الحيوانات. بعض الشركات ستدخل مرحلة التجارب البشرية خلال هذا الربيع.

عادةً ما تجرى التجارب السريرية على البشر على ثلاث مراحل. الأولى تشمل بضع عشرات من المتطوعين الأصحاء لاختبارات السلامة ورصد الآثار الضارة. والثانية تشمل عدة مئات من الأشخاص المصابين وتنظر في مدى فعالية اللقاح. وأخيراً المرحلة الثالثة التي تفعل ذات الشيء لكن على عدة آلاف من الناس.

كل لقاح تجريبي يمكن أن يمر بهذه التجارب، وإذا فشل في إحداها (غير آمن أو غير فعال) تحتاج الشركة للعودة من البداية لتخليق لقاح تجريبي جديد من الحمض النووي للفيروس. ولهذا السبب لا يمكن تخطي التجارب السريرية أو التعجيل بها. لذلك لا يتوقع العلماء الحصول على لقاح آمن وفعال قبل 18 شهراً.

الطريق إلى العلاج

نأتي هنا للعلاجات، اقترح العلماء حول العالم عشرات المركبات الموجودة للاختبار، لكن منظمة الصحة العالمية تركز على ما تقول إنها العلاجات الأربعة الواعدة.

أول هذه العلاجات مجموعة أدوية تستخدم بالفعل ضد فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، وهو مزيج من مادتي لوبينافير وريتونافير.

ثاني هذه العلاجات هو علاج ضد الملاريا استخدم لأول مرة خلال الحرب العالمية الثانية يسمى كلوروكين وهيدروكسي كلوروكين.

وثالث هذه العلاجات يتضمن مركباً تجريبياً مضاداً للفيروسات يسمى remdesivir الذي كان يستخدم ضد فيروس الإيبولا العام الماضي، لكن نتائجه جاءت مخيبة للآمال وقتها.

وأخيراً مادة تسمى interferon-beta، وهو مركب ضمن نظام المناعة في الإنسان والذي يمكن أن يساعد في شل الفيروسات، والذي يتم تقديمه بشكل مركب مع مادتي لوبينافير وريتونافير.

وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت يوم 22 مارس/آذار، عن تجربة عالمية كبيرة، أطلق عليها اسم SOLIDARITY، لمعرفة ما إذا كان بإمكان أي منها علاج العدوى التي يسببها فيروس كورونا الجديد.

يعد هذا الأمر بمثابة جهد غير مسبوق ودفعة منسقة شاملة لجمع البيانات العلمية القوية حول العلاجات المقترحة. وتم تصميم الدراسة لتشمل عدة آلاف من المصابين في عشرات البلدان، ولتكون كذلك بسيطة قدر الإمكان. وقد انضمت عدة دول للدراسة بالفعل أبرزها الأرجنتين والبحرين وكندا وإيران وفرنسا والنرويج وجنوب إفريقيا وإسبانيا وسويسرا.

تبرز أهمية هذا التوجه في إنه بدلاً من التوصل إلى مركبات كيميائية للعلاج من الصفر والتي قد يستغرق تطويرها واختبارها سنوات طويلة، يتطلع الباحثون ووكالات الصحة العامة إلى إعادة استخدام الأدوية المعتمدة بالفعل لأمراض أخرى والمعروفة بأنها آمنة إلى حد كبير.

كذلك يبحث العلماء في العقاقير غير المعتمدة لكنها حققت أداءً جيداً في الاختبارات على الحيوانات مع الفيروسين التاجيين القاتلين الآخرين، سارس ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس). كما تقوم بعض من معاهد البحوث حول العالم بتجارب مماثلة أخرى.

ما ننتظره هنا هو ما ستظهره التجربة حول مدى نجاح هذه الأدوية -كلها أو إحداها- خصوصاً وأننا لن نحتاج إلى دراسات إضافية لأنها بالفعل أجريت في السابق على هذه العقاقير، وهو ما يمكن أن يجعل العقاقير المناسبة متوفرة للعامة خلال وقت قصير.

لكننا لا نستطيع تحديد وقت معين قادم نقول إننا سنحصل فيه على علاج فعال، إذ يمكن أن نحتاج إلى إعادة تقييم التجربة وإدخال عقاقير إضافية أو تركيبات مختلفة أخرى. لاحظ أن التجارب السريرية في زمن الأوبئة تمثل تحدياً كبيراً.