2024-11-27 03:02 م

هل تتغير خريطة العالم الاقتصادية في 2021؟

2020-03-21
يرى مراقبون أن الشكل القادم للعالم سيتغير في كل شىء حتى السلوك المجتمعي والعلاقات بين الدول، وقد تكون هناك سياسات مختلفة تحكم العالم بعد سنوات قلائل.
قالت حنان رمسيس الخبيرة الاقتصادية المصرية لـ"سبوتنيك": "بلا شك أن اقتصاديات العالم في العام 2021 ستكون مختلفة جملة وتفصيلا عن العام الحالي 2020، لأن الدول التي سوف تستطيع اتخاذ إجراءات صحية تقلل من فترة تواجد الوباء العالمي بها وانتصرت عليه بعد أن أصبح انتشاره كالنار في الهشيم، تلك الدول تمثل الواجهة الاقتصادية للعالم ما بعد الأزمة، وهي التي سيكون بمقدورها استكمال مسيرة التنمية الخاصة بها.

وأضافت الخبيرة الاقتصادية "الفترة القادمة لن يكون الحديث عن الصين والولايات المتحدة فقط أكبر اقتصادين في العالم، فقد تأثرت معظم اقتصاديات وبورصات العالم بالسلب بسبب كورونا (الجائحة)، لأن العالم كان أمام خيارين الصحة أو المال، والكثير من الدول تحولت إلى الصحة على اعتبار أن المال يمكن تعويضه أما الصحة فصعب تعويضها". 
وأشارت رمسيس إلى أن الكثير من الدول تقوم باتخاذ الكثير من الإجراءات الاحترازية والاقتصادية لدعم اقتصادياتها بمليارات الدولارات للبقاء عليها متحركة وليست راكدة أو مشلولة، تلك الإجراءات قد تساهم في نجاة بعض اقتصاديات العالم بعدما شاهدناه من انهيار الكثير من البورصات العالمية وعدم وجود شهية للتعامل، والبعض الآن يتم التعامل إلكترونيا، حيث سيسود الإلكتروني أكثر خلال الفترة القادمة أكثر من اليدوي.

وأوضحت الخبيرة الاقتصادية، بعد الأزمة الحالية سيشهد اهتمام كبير بالصحة ورعاية المواطن لمنع إصابته بالجراثيم والفيروسات، بعد ما شاهدناه في الأزمة الحالية، وسيكون في مقدمة الركب الاقتصادي العالمي من يستطيع عبور الأزمة ومعه احتياطيات آمنة من الذهب والعملات الأجنبية المتنوعة، وبالتالي ستكون هناك اقتصاديات  جديدة.

وقال الدكتور سعيد الشيخ الخبير الاقتصادي السعودي لـ"سبوتنيك"، لاشك إن وباء كورونا يمثل الآن أكبر خطر يواجه الاقتصاد العالمي منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وفي ظل المعطيات الحالية بتوسع دائرة انتشاره عالمياً، يقدر أن يؤدي إلى تراجع نمو الاقتصاد العالمي إلى أقل من 2% العام 2020، مع انخفاض القيمة المضافة في الاقتصاد العالمي بنحو 1 تريليون دولار.

وأضاف الخبير الاقتصادي، على مستوى العالم بدأت  قطاعات الأعمال تواجه تراجع الإيرادات مع التعثر في سلاسل العرض نتيجة اقفال المصانع في الصين، ومن ثم قيام الصين بفرض حظر على حركة السفر على ملايين السكان، كما امتد هذا الحظر على حركة السكان في إيطاليا وكوريا الجنوبية وكذلك فرنسا وإسبانيا وكثير من دول العالم مع تشديد إجراءات تقييد حركة الناس والنشاط التجاري.

وتابع الشيخ، نظرًا لأن الاقتصاد الصيني يأتي في المرتبة الثانية عالميا، فإن تراجع نمو الاقتصاد الصيني سوف يؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي، ومن المتوقع أن ينخفض نمو الاقتصاد الصيني إلى نحو 3%‏ خلال الربع الأول من عام 2020 بالمقارنة بـ 6%‏ في الربع الأخير من عام 2019، وأن يعاود نموه في الربع الثاني بعد تجاوز أزمة كورونا.

وأكد الخبير الاقتصادي على أن الصين تعتبر الدولة الأولى على مستوى العالم في استيراد النفط، و لذا ساهم تراجع نمو الاقتصاد الصيني وكذلك تباطؤ نمو الاقتصادات الأخرى في تراجع نمو الطلب على النفط إلى مستوى متدني جدا مقارنة بالأعوام الماضية، إذ من المتوقع أن يبلغ نمو الطلب 1,1 مليون برميل يوميا للعام 2020، كما جاء في تقرير وكالة الطاقة الدولية لشهر مارس/آذار.

وتابع الشيخ، جاء هذا الانخفاض في نمو الطلب في الوقت الذي انهار فيه اتفاق (أوبك +)، الذي دام ثلاث سنوات، وقد تفاقمت أوضاع السوق النفطية بعد أن قررت كل من المملكة العربية السعودية و روسيا بزيادة إنتاجها، حيث شهد سعر النفط انخفاضا حادا وصل إلى 25 دولارا للبرميل في 18 مارس/آذار، مع احتمال تراجعه إلى 20 دولار وربما أقل من ذلك خلال الأيام القادمة، في ظل آفاق نمو الطلب التي أصبحت ضعيفة مع قيام كل من الولايات المتحدة ومجموعة الاتحاد الأوروبي وكثير من دول العالم بحظر السفر.

واستبعد الخبير الاقتصادي، أن يتم الاتفاق على خفض الإنتاج بين مجموعة أوبك و روسيا في المدى المنظور، ومن المحتمل أن يتكرر سيناريو 2015، الذي أعقب عدم الاتفاق على خفض الإنتاج في اجتماع أوبك في سبتمبر 2014، ومن ثم انهارت أسعار النفط، وبقيت في مستويات متذبذبة عند نحو 41 دولارا للبرميل حتى اجتماع تشرين الثاني/نوفمبر 2016 الذي تم التوصل فيه إلى اتفاق بين أوبك ودول خارج (أوبك) بقيادة روسيا على خفض الإنتاج، إلا أنه مع توقعات انحسار تأثير كورونا مع نهاية النصف الأول من هذا العام وكذلك قيام البنوك المركزية على مستوى العالم بخفض أسعار الفائدة إلى مستويات متدنية، إلى جانب اتخاذ سياسات مالية تحفيزية من قبل كثير من دول العالم، فإنه من المتوقع عودة النشاط الاقتصادي بشكل تدريجي خلال النصف الثاني من العام، مع احتمالات تحسن نمو الطلب على النفط.

وأوضح الشيخ أن "التراجع الحاد في الأسعار والمتوقع استمراره في ظل عدم وجود اتفاق، سوف ينعكس سلبا على موازنات الدول النفطية، وبشكل خاص دول الخليج العربي، مع زيادة العجوزات المالية وارتفاع مستويات الدين العام لهذا العام".

وأضاف "ويأتي في مقدمة القطاعات التي سوف تتأثر سلبا في غالبية دول العالم، هى قطاع السفر والسياحة، وعلى وجه الخصوص خطوط الطيران، إذ أنها أساسا تتمتع بهامش ربح صغير ومستويات عالية من الدين، والذي سوف يضع غالبية الخطوط في أوضاع مالية صعبة جداً، مع احتمالات الإفلاس لبعضها، وفي المرتبة الثانية سوف يتأثر سلبا قطاع الفندقة، وإذا طال أمد حالة حظر السفر فان كثير من الفنادق سوف تواجه أوضاع مالية صعبة جدا، مع ارتفاع كبير في مديونياتها، وكذالك الحال في قطاع تجارة الجملة والتجزئة، فان إقفال المولات وبعض الأنشطة سوف يتسبب في تراجع الإيرادات وتحقيق الخسائر لبعضها، وبالذات تلك المؤسسات المتوسطة والصغيرة، إيضا لا يمكن استبعاد قطاع الصناعة إذ هو الآخر الذي سوف يعاني من ضعف الطلب، وبالذات صناعة المنتجات المعمرة، مثل الاجهزة والسيارات؛ مع تدني الطلب ومن ثم تراجع الايرادات وتراجع مستويات الربحية.

وأختتم الخبير الاقتصادي، لاشك أن هذه التطورات سوف تشكل ضغوطا على القطاعات البنكية، إذا ما ارتفعت نسبة تعثر المديونيات، وبشكل خاص في البنوك التي لا تتمتع برسملة قوية تمكنها من تغطية الديون المتعثرة.