2024-11-29 09:45 م

«كورونا» التفاهة...

2020-02-27
بقلم: نبيه البرجي

القس الأميركي صمويل هارتمان، صاحب دراسات في «العهد القديم»، دعا الى قرع الأجراس «لأننا على بعد خطوات من نهاية العالم»!

هذا بعدما صرح مسؤول أميركي بأن «الكورونا تدق أبوابنا». هارتمان عاد الى مقالة قديمة له استوحى فيها النص التوراتي. ثمة داء غريب، وغامض، يضرب البشرية، كمدخل لموت العالم...

مثلما أميركا بلد التجليات التكنولوجية هي بلد الغرائب الايديولوجية. القس تساءل عما يمكن أن تفعله منظومات الباتريوت، والصواريخ العابرة للقارات، والأساطيل، في التصدي لذلك الشبح «الذي يرتدي الهواء».

لا أباطرة، لا قياصرة، ولا سلاطين. الكل في الطوابير «حيث ينتظرنا الاله غاضباً لأننا مزقنا وصاياه العشر».

الثقافة العدمية حتى في أميركا. ثقافة البشاعة أيضاً. حين تحدث مايك بومبيو عن الكورونا في ايران خلا كلامه من أي اشارة انسانية الى المأساة. التسييس المريع للوباء. لم يسأله أحد (أين أخلاقية الاعلام؟) ما اذا كانت بلاده ستبعث بالأدوات الطبية المتطورة الى ايران للتعامل بصورة أكثر فاعلية مع الفيروس.

مسؤولون ايرانيون ردوا على بومبيو باللغة السياسية أيضاً. هل هو السقوط البشري في شتى أنحاء العالم؟

الفيلسوف الفرنسي الشهير آلان باديو رأى، في عام 2015، أن فلسفة السوق، وحيث الدين تحول، بدوره، الى بضاعة، أدى الى «تشييء الكائن البشري».

آنذاك، رأى أنه لا بد من صدمة ما (زلزال، وباء، وحتى سقوط كوكب آخر على كوكبنا) تعيد البشرية الى الوعي. اذ تحدث عن الهيستيريا الأميركية في ادارة العالم، وحتى قبل انتخاب دونالد ترامب، اعتبر أن من شأن تلك الصدمة أن تساعد على بلورة خارطة طريق للعلاقات بين الأمم، وبين الثقافات، رافضاً نظرية صمويل هانتنغتون حول «صدام الحضارات» لأنها تعني تحويل الكرة الأرضية الى حلبة للثيران.

«الكورونا» في كل مكان. الأقنعة على الوجوه بمثابة أوراق التوت. منذ البداية تسييس الوباء. الأميركيون تحدثوا عن «تفكك التنين قطعة قطعة». هكذا تسقط الصين من الداخل، والى الأبد. لا أحد غير أميركا...

الكل يرتجف الآن. الاعتمادات التي ترصد، حتى في الدول المناوئة للولايات المتحدة، لتصنيع أو لتطوير الأسلحة، تفوق بأضعاف الاعتمادات المخصصة للتنمية البشرية، بما في ذلك تنمية القيم. باديو تساءل ما اذا كان الله قد شرّع الصراعات بين الأمم حين لم يمنع قايين من أن يضرب هابيل بحجر على رأسه.

لا أحد يمكن أن يتكهن الى أين يمكن أن يصل الوباء. في إفريقيا، وهي قارة الحطام، صلوات من أجل أن تبقى الكورونا بعيدة عنهم. بعض العلماء استنتجوا أن الفيروس لا يقترب من اللون الأسود. تعالوا نطلي أجسادنا بالأسود. تيار دو شاردان كان يقول ان «ارواحنا، نحن الذين أعدنا انتاج الخطيئة، ترتدي ثوب الحداد»!

حتى اللحظة اصابتان في لبنان. تغريد صقر في الطريق الى الشفاء. من يشفينا من «الكورونا» الأخرى: التفاهة...؟

التفاهة في أكثر ما يتفوه به السياسيون، وحتى من يعتبرون أنفسهم على شاكلة ارنيستو غيفارا أو جين فوندا. احدى الثوريات التي في الطليعة فاجأتنا، وهي تحيي، عبر الشاشة، الشخص الذي أعد لها الماكياج للظهور الهولييودي أمام الكاميرا (والجمهور). ربما فعل ذلك مجاناً. بالكعب العالي، وبأحمر الشفاه، داست على الثورة والثوار. ثورة؟ الغرام السحري بين الكافيار والفلافل!!

حتى الآن لم نر رأساً يتدحرج، ولن يتدحرج. الأوثان لا تزال في مكانها، ومعها كل الأتباع. السكاكين في ظهر حسان دياب الذي ضاق ذرعاً بمن يحثون الدول القريبة والبعيدة، ودون خجل، على عدم مد يد العون.

أوثان، وبمنتهى الوقاحة، يحاولون أن يغسلوا أيديهم من وضعنا على الخشبة: «كورونا» التفاهة...