2024-11-30 12:53 م

عندما تُصبح القواعد العسكرية الأميركية.. مطلباً عربيا!!

2020-02-24
بقلم: محمد خروب

وزير داخلية حكومة الوفاق الليبية، التي يحلو لقادتها وصفها بـ«المُعترف بها دولياً»، وهي لا تسيطر إلاّ على جزء من طرابلس وكيلومترات معدودات من الساحل، ولم تجد سوى تركيا التي لا يُخفي زعيمها مشروعه الامبراطوري الجديد داعماً لها, بمرتزقة من «الثوار» السوريين الذين بعد «تحرير» بلادهم وإقامة حكومة «ديموقراطية»، بخطاب إسلاموي يغرف من إرث الإخوان المسلمين بنسخته العثمانية/ الاردوغانية، راحوا يُصدرون أفكارهم الثورية على سفن وعبارات تركية، قاصدين «الوديعة العثمانية» التي تركها أتاتورك وصية لمن يَخلِفه وصدف أن أردوغان نفّذ الوصِية. نقول: فاجأنا فتحي باشاغا (الاسم يبدو تُركياً، تقول أوساط ليبية أن بلادهم إحتضنت عائلات تركية منها عائلة الوزير هذا)، بطلبِه علناً وليس سِراً (كما حال بعض الدول العربية التي «استضافت» قواعد عسكرية وبحرية أميركية وبريطانية وفرنسية وربما غيرها من الجنسيات والمِلل) طلب من الولايات المتحدة تشييد قاعدة عسكرية في بلاده، من اجل مواجهة النفوذ «الروسي» المتزايد في افريقيا. هنا وقَعَ الوزير الليبي، الذي يستبطن تصريحه شعوراً متزايداً بقرب سقوط حكومته الضعيفة والمحاصَرَة، ودحر مرتزقة وجنود اردوغان الذين يزعمون حمايتها، وقع فتحي باشاغا في خطيئة دعوة المستعمِر الاميركي الذي رحل عن بلاده مُرغماً قبل نصف قرن، كي يقيم قواعده مرة اخرى على اراضيها. في الوقت ذاته الذي أراد من عودة اليانكي الأميركي الذي ليس لديه وجبات او هدايا بالمجان، بل سيطلب في عهد ترمب كما في كل العهود الأميركية السابقة، أن «تدفع» الحكومات التي «تستضيف» جنوده وطائراته وغواصاته وسفنه الحربية ثمن الاقامة والرواتب، وخصوصاً المنشآت وأحواض السفن والقواعد الجوية التي سيستخدم ها الاميركيون، ما بالك عند استخدامها لضرب دول عربية اخرى كما كانت حال العراق وغداً ربما إيران؟. ذريعة الوزير الليبي المرعوب باستدعاء الاميركيين، هي محاربة النفوذ الروسي المتزايد في افريقيا؟ وكأن واشنطن التي عسكرَتْ العلاقات الدولية بشكل متزايد وتسعى الآن الى عسكرة الفضاء وتجري تمرينات على هجمات نووية «متخيّلة» ضد الروس والصينيين، غافلة عما يزعمه باشاغا عن نفوذ روسي متزايد في افريقيا؟ وكل مُتابع او مُبتدئ في السياسة الدولية والصراع بين القوى الكبرى، يعرف ان واشنطن تُطارِد بالمعنى الحرفي للكلمة, كل نفوذ قديم (أومُستجِد) في القارة السوداء, بدءا بالحليف الفرنسي وخصوصاً الصيني المُتزايد النفوذ, إضافة للروسي الذي يحاول استعادة النفوذ السوفياتي السابق. لكن سذاجة الوزير الليبي «السياسية» تفضحه,بعد ان نصّب نفسه ناطقا باسم إفريقيا, فهو يطلب انشاء قاعدة اميركية فقط لحماية حكومته من السقوط, وكان حرِيٌّ به طلب قواعد اطلسية, كون قوتان أطلسِيتان صاحبتا أكبر جيشين في الناتو، ستكونان على ارض ليبيا في حال لم تسْقط حكومة السراج.. تركيا الآن والولايات المتحدة لاحقاً. فهل بات الغرام العربي بعودة المُستعمِرين واستضافة قواعدهم سِمة عصر الانحطاط العربي الراهن؟ على نحو يكاد بلد عربي واحد لا يخلو من قاعدة عسكرية أجنبية، في أوطان تُوصَف بالمُستقِلة وصاحِبة السِيادة.

الرأي الاردنية