2024-11-24 06:57 م

أردوغان يعيش على كوكب المؤامرات

2020-02-24
جورج عيسى
الجواب المختصر على السؤال المرتبط بالسبب الذي يدفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى التصرف كمتنمر هو، بحسب الكاتب الأمريكي كلود صالحاني، اعتقاده بأنه سينجو بفعلته.
يبدو أن أردوغان يفكر في انعدام وجود أي متحدّ حقيقي في الداخل أو الخارج لذلك بإمكانه زيادة الضغط لانتزاع مكاسب والإفلات من أي عواقب.

رؤية المؤامرات في كل زاوية
بحسب ما كتبه صالحاني في صحيفة "ذي اراب ويكلي" اللندنية، يبدأ التنمر في تركيا حيث يرى أردوغان المؤامرات والانقلابات في كل مكان. حين لا يكون عبدالله غولن المقيم في الولايات المتحدة هو من ينسق الانقلابات ضده يكون جورج سوروس هو الذي يسعى إلى تقويض حكمه. ففي 19 فبراير الحالي قال: "هنالك أشخاص مثل سوروس يسعون خلف الستائر إلى إثارة الأمور من خلال إطلاق الثورات في بعض الدول".

كوكب أردوغان
حتى المحاكم التركية أظهرت فهماً خاطئاً حين "تجرأت" على إطلاق سراح بعض وجوه المجتمع المدني مثل عثمان كوالا ومدعى عليهم آخرين خلال محاكمة ناشطين في تظاهرات حديقة جيزي سنة 2013. وفقاً للرئيس التركي، كانت هذه التظاهرات "هجوماً حقيراً مثل الانقلابات العسكرية. لم تكن أعمال شغب بريئة".

في كوكب أردوغان، بإمكان القضاة إرسال الناس إلى السجن في اليوم نفسه الذي تخلي المحاكم سبيلهم، كما كانت الحال مع كوالا ورفاقه. شرح صالحاني أن العقول التسلطية لا ترى العالم كما هو. العالم بالنسبة إليهم متمحور حولهم وموجه لعرقلة مسار السلطان المحق.

انشغال القوى الثلاث
على الصعيد الدولي، يبلغ التنمر التركي مستوياته القصوى أيضاً. كانت الحواجز التقليدية الثلاثة التي أبقت تركيا مقيدة هي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا. لكن هذه القوى منشغلة في أمكنة أخرى. يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إعادة انتخابه مع الاهتمام بمشاكله الخاصة. والاتحاد الأوروبي مشغول بجنون بريكست الأمر الذي يبقي تركيزه على الملحمة الدائرة بين لندن وبروكسل. اللاعب الثالث البارز في هذه المعادلة هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المنشغل بأنويته والمنخرط في الحرب الأهلية السورية، بحسب تحليل صالحاني.

أعماه تعجرفه
في العالم العربي، يعتقد أردوغان أن لا شخصية سياسية قوية كفاية لمعارضة الرجل الذي يظن نفسه السلطان الجديد. علاوة على ذلك، يعتمد توقعه على مساعدة تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي له من أجل ضمان قيادته للعالم الإسلامي. على الأقل، هذا ما يظنه الرئيس التركي. لذلك، يواصل المتنمر تنمره.

بعد إرساله آلاف المرتزقة والمتطرفين من الميدان السوري إلى ليبيا، استنكر جهود السلام الأوروبية لأنها تدخل غير شرعي في الدولة الواقعة شمالي أفريقيا والثرية بالنفط. لقد أعمته أنويته إلى درجة أنه يفشل في إدراك تدخله الوقح في الشؤون الليبية.

كأن ليبيا لا تزال عثمانية
انتقد أردوغان قرار الاتحاد الأوروبي في إطلاق جهد بحري هدفه تنفيذ الحظر الأممي على إرسال الأسلحة إلى ليبيا متهماً الدول الأوروبية ب "التدخل" في الشؤون الليبية. وقال أردوغان: "أريد أن أذكر تحديداً أن الاتحاد الأوروبي لا يملك حق اتخاذ أي قرار في ما يخص ليبيا. يحاول الاتحاد الأوروبي تولي المسؤولية والتدخل." وأضاف: "أنتم لا تملكون سلطة كهذه." يتصرف الرئيس التركي بغرابة كأن ليبيا هي مرة أخرى جزء من الإمبراطورية العثمانية. وأشاد بقرار رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج لانسحابه من محادثات السلام حول ليبيا في جنيف.

ضرورة الاستيقاظ
لا يخفي أردوغان ميله للجوء إلى الحرب والقوة العسكرية في أي مكان. في سوريا يظهر التوجه نفسه خلال مواجهته مع روسيا ودعمه للجهاديين الإرهابيين. وتُبرز دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إشارات الحذر من سلوكه. وفي الختام، حث صالحاني الروس والاتحاد الأوروبي والأمريكيين على الاستيقاظ إلى التهديد المتصاعد الذي يشكله أردوغان عند مفترق الطرق بين الشرق الأوسط وأوروبا.