2024-11-27 12:25 م

خريطة أموال بالمليارات.. من سيدفع لإتمام "صفقة القرن"

2020-01-27
بدأت تفاصيل مشروع محاولة "تبخير" فلسطين على يد الولايات المتحدة و"إسرائيل"، وبمباركة عربية تتزعمها بعض الدول الخليجية التي ترتبط بعلاقات سرية وعلنية مع دولة الاحتلال تظهر للعلن شيئاً فشيئاً، منطلقة من صيف 2019 حين احتضنت البحرين ورشة اعتبرت إحدى أذرع "صفقة القرن".

واليوم تتأهب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لطرح هذه الصفقة الخاصة بتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، في وقت كشفت فيه صحيفة عبرية أن خطة السلام المقترحة تتضمن فترة تحضير مدتها 4 سنوات، وسط استعدادات للجيش الإسرائيلي لمواجهة تحركات فلسطينية غاضبة محتملة.

وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، الأحد (26 يناير الجاري)، أن فترة التحضير التي يتم الحديث عنها جاءت إثر قناعة أمريكية بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيرفض تنفيذها، مع آمال بإمكانية قبولها من قبل خليفته على رأس السلطة.

وتقترح "صفقة القرن" إقامة دولة فلسطينية بلا جيش أو سيادة، على مساحة 70% من الضفة الغربية، من ضمنها 30% من أراضي المنطقة "ج"، مع إمكانية مواصلة "إسرائيل" النشاط الاستيطاني داخل المستوطنات القائمة دون توسيعها، ويمكن أن تكون عاصمتها بلدة "شعفاط" شمال شرقي القدس المحتلة، وفق الصحيفة العبرية نقلاً عن مصادر إسرائيلية لم تسمها.

كما تتضمن الخطة ضم "إسرائيل" ما بين 30% إلى 40% من أراضي المنطقة "ج"، التي تشكّل 61% من مساحة الضفة، كما أنها تخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، ما يستلزم موافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أي مشاريع أو إجراءات فلسطينية بها.

وحملت دول خليجية القسم الأكبر من المسؤوليات المالية ضمن إطار الصفقة؛ حيث تشير البنود التي أعلنها جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال افتتاح مؤتمر المنامة، في 25 يونيو 2019، إلى أنه سيتم رصد مبلغ 50 مليار دولار على مدى 5 سنوات لـ"فلسطين الجديدة".

ويبدو أن "إسرائيل" تلقت في مشروعها هذا الدعم من الولايات المتحدة، ومصر، وبعض دول الخليج العربي، ومن المتوقع أن تجبر الفلسطينيين على قبول هذه المواد أو أخرى شبيهة.

الأموال المدفوعة

ستسدد الولايات المتحدة من المبلغ المعلن نحو 20%، والاتحاد الأوروبي 10%، في حين يقع على عاتق دول الخليج العربي النسبة المتبقية؛ وهي 70%، في حين لا تتكفل فلسطين و"إسرائيل" بأي مبالغ.

وكشف الصحفي الإسرائيلي إيدي كوهين، عن صفقة غير معلنة ستدفع من خلالها دول خليجية نحو 100 مليار دولار؛ في إطار تنفيذ الصفقة التي اهتمت بالجانب الاقتصادي، على أن يدفع كل من الإمارات والسعودية 70 مليار دولار بالمناصفة.

وسيكون تنفيذ استثمارات بقيمة 27.5 مليار دولار في الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة إلى استثمارات بقيمة 9.1 مليارات دولار في مصر، و7.4 مليارات دولار في الأردن، و6.3 مليارات دولار في لبنان.

ويشير كوهين إلى أن الخلافات تكمن حول الأموال، بعد مطالبة دول خليجية بتخصيصها للاجئين الفلسطينيين وتحسين ظروفهم، في حين تطالب حكومات مصر والأردن بدفع الأموال لأرصدتها وليس للاجئين.

خطة الصفقة

وتتحدث الخطة الأمريكية عن تمويل 179 مشروعاً للتنمية الاقتصادية؛ بينها 147 مشروعاً في الضفة الغربية وغزة، و15 في الأردن، و12 في مصر، وخمسة مشاريع في لبنان، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.

وتشمل بنود الشق الاقتصادي للصفقة التي أعلنها البيت الأبيض بشكل رسمي دعم توسعة موانئ ومناطق تجارية قرب قناة السويس، وتطوير المنشآت السياحية في سيناء، وإقامة ممر بين غزة والضفة بتكلفة 5 مليارات دولار.

كما تشمل تحديث خطوط الكهرباء بين مصر وغزة، وإصلاحها لزيادة إمدادات الكهرباء، إضافة إلى توفير أكثر من مليون وظيفة في الضفة وغزة، وخفض معدل الفقر بنسبة 50%.

كما تهدف إلى "تحسين التعاون الفلسطيني مع مصر وإسرائيل والأردن للحد من الحواجز التنظيمية أمام حركة السلع والأفراد الفلسطينيين"، وفق ما أعلن كوشنر مؤخراً.

العرب يبيعون فلسطين

لم تمضِ دولة الاحتلال نحو مشروعها إلا بحصولها على الدعم من الولايات المتحدة، لكن الأبرز في ذلك الدعم كان من قبل دول عربية، وفي مقدمتها مصر والسعودية والإمارات.

التي يجهزها الرئيس الأمريكي، وباتت تعرف إعلامياً باسم "صفقة القرن".وأوضح القيادي الفتحاوي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، في تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، أن السعودية تقود هذه الضغوط لإجبار قيادة السلطة على التعامل إيجاباً مع الصفقة الأمريكية وعدم معارضتها، وذلك قبل أسابيع قليلة من طرحها بشكل رسمي.

وأضاف: "هناك دول عربية، وعلى رأسها السعودية والإمارات ومصر، مهتمة كثيراً بالصفقة الأمريكية، وتسعى بكل الوسائل، وحتى عبر الابتزاز السياسي والمالي، من أجل إخضاع الفلسطينيين للقبول بالصفقة، رغم كل مخاطرها على القضية".

وتعد السعودية من أوائل البلدان التي تبنت الخطة الأمريكية، أو ما يعرف بـ"صفقة القرن"، في حين كانت الإمارات من البلدان العربية التي عبّرت عن ترحيبها بالمشاركة في المؤتمر. واعتبرت أنها تأتي بناء على "موقفها السياسي بشأن قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".

أما مصر التي شاركت في مؤتمر "البحرين" فقد وصفته بأنه يأتي في إطار التوصل لحل نهائي "للصراع الفلسطيني الإسرائيلي"، إضافة إلى حضور الأردن والمغرب، في حين تحتل البحرين صدارة تلك الدول باستضافتها للمؤتمر.

رفض عربي لـ"صفقة القرن"

تفاعل الكثير من العرب شعبياً ورسمياً حين عقد مؤتمر البحرين، وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي وسم (هاشتاغ) "#يسقط_مؤتمر_البحرين"، و"فلسطين_ليست_للبيع"، واصفين تنظيم الورشة بالخيانة العظمى للشعب الفلسطيني ولمقدسات المسلمين.

وشهد عدد من المناطق الفلسطينية مظاهرات رافضة للخطة الأمريكية، كما نظم عدد من طلبة الجامعة الأردنية سلسلة بشرية في ساحة الجامعة، منددين بمشاركة بلادهم في ورشة المنامة وبالتطبيع مع الاحتلال.

موقف الكويت من ورشة المنامة -حينذاك- نال تفاعلاً واسعاً عبر المنصات، حيث تداول الناشطون مقاطع فيديو لجلسة مجلس الأمة أكد فيها النواب رفض الخطة الأمريكية المقترحة، واستجابة الحكومة لهم.

البحرينيون -الذين تستضيف عاصمتهم ورشة المنامة الاقتصادية- بدا موقف كثير منهم مغايراً تماماً لموقف حكومتهم، حيث أطلق ناشطون عبر المنصات وسم "#بحرينيون_ضد_التطبيع"، واصفين تنظيم الورشة بالخيانة للشعب الفلسطيني.

وواجهت الورشة رفضاً واسعاً من قِبل القيادة ورجال الأعمال الفلسطينيين داخلياً وخارجياً، فضلاً عن رفضها من قبل دول عربية عدة.

وفي لبنان التي ورد اسمها في الصفقة قال رئيس الحكومة السابق، سعد الحريري، إن حكومته ومجلس النواب في لبنان يعارضان الخطة الأمريكية، لافتاً إلى أن الدستور اللبناني يمنع التوطين.

وخرجت تظاهرات في المغرب رافضة لـ"صفقة القرن" ومنددة بمشاركة بلادهم، في حين اعتبر مستشار الرئيس اليمني وزير الخارجية السابق، عبد الملك المخلافي، "أن من يعتقد أن ما يسمى (صفقة القرن) يمكن أن تنجح بهذه البساطة إما متآمر أو واهم".

كيف ستواجه واشنطن رفض الفلسطينيين؟

سيُمنع على "فلسطين الجديدة" أن تمتلك جيشاً، وستكتفي بامتلاك جهاز شرطة بأسلحة خفيفة، وستتكفل "إسرائيل" بحماية الدولة الجديدة لقاء مقابل مادي تتلقاه منها، ولا شك أن هذا الأمر أشبه بـ"تسليم اللحم للقطة، وإعطائها المال فوق ذلك".

كما تنص الصفقة -بحسب التسريبات- على تخلي حماس عن سلاح المقاومة، مقابل رفع الحصار عن غزة، وإجراء انتخابات ديمقراطية في فلسطين، وإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين تدريجياً خلال 3 سنوات.

وفي حال رفضت حماس ومنظمة التحرير الصفقة ستلغي الولايات المتحدة كافة دعمها المالي للفلسطينيين، كما ستمنع الدول الأخرى من مساعدتهم، وهي الخطوة الابتزازية التي اعتادت واشنطن عليها.

ولدى رفض فلسطين لهذه الاتفاقية، التي يبدو من الصعب الموافقة عليها، ستظهر بمظهر الطرف الرافض للسلام، وستُقطع عنها كافة المساعدات من ثم، لذلك تبدو أنها محصورة في زاوية ضيقة.

استعداد إسرائيلي لمواجهة غضب الفلسطينيين

والتطورات الأخيرة تأتي مع استعدادات إسرائيلية لمواجهة تداعيات "الغضب الفلسطيني" المتوقع عقب طرح الخطة رسمياً، المتوقع الثلاثاء (28 يناير الجاري)، في واشنطن، بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، وبيني غانتس، الذي يرأس حزب "أزرق -أبيض" أبرز منافسي "الليكود" في الانتخابات المقبلة، مطلع مارس.

وفي هذا الإطار ألغى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، ندوة عسكرية موسعة كان مقرراً تنظيمها الاثنين؛ تحسباً لتصعيد في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفق قناة "كان" العبرية الرسمية، وذلك للتركيز على "الأمور العملياتية".

والسبت (25 يناير الجاري)، نقلت القناة عن مسؤولين أمنيين فلسطينيين -لم تسمهم- قولهم إن هناك الآن "أجواء ما قبل الانتفاضة الأولى (1987-1993)"، والقيادة الفلسطينية تدرس قطع العلاقات مع "إسرائيل" و"وقف التنسيق الأمني".

أما إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي فقالت إن القيادة المركزية نشرت ست كتائب في الضفة الغربية "لمنع حدوث هجمات إرهابية".

ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" عن مسؤول بالسلطة الفلسطينية القول إن القيادة الفلسطينية "تواجه ضغوطاً هائلة من الشارع لاتخاذ إجراءات صارمة، خاصة وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل".
(الخليج اون لاين)