ترجمة- رنا عبدالحكيم
نقلا عن صحيفة إندبندنت البريطانية
هذه الحرب عن طريق الصدفة أم هي حرب حسب المخطط؟ لقد قلنا جميعًا إن حربًا كبرى في الشرق الأوسط قد تندلع بالصدفة، لكن لا أحد يعتقد أن دونالد ترامب سيذهب إلى هذا الحد. ولا شك أن قتل اللواء قاسم سليماني بمثابة سيف غائر في قلب إيران. لكن بالنيابة عن من؟!
يتفاخر ترامب بعلاقته مع العاهل السعودي الذي تحدث عن "قطع رأس الأفعى" الإيرانية والذي تعرضت منشآته النفطية لهجمات بصواريخ أطلقتها الطائرات بدون طيار، والتي ألقت الولايات المتحدة باللوم فيها على إيران العام الماضي. أم أنه فعل ذلك لأجل إسرائيل؟ أم إن هذا مجرد قرار آخر بنتائج لا حصر لها، اتخذها رئيس أرعن في الولايات المتحدة؟!
فقط تخيل ماذا سيحدث إذا تم اغتيال جنرال أمريكي بارز أو اثنين، لأن أبو مهدي المهندس كان شخصية قيادية موالية لإيران في العراق. ستكون هناك غارات جوية وهجمات على المراكز النووية الإيرانية وتهديدات واشنطن بإغلاق كل حركة المرور بين إيران والعالم الخارجي. ولذا نعتقد أن مقتل أمريكي في بغداد يوم الجمعة الماضي وأعمال الشغب خارج السفارة الأمريكية بالكاد تبرر الهجمات الأمريكية بهذا الحجم.
لقد كان قاسم سليماني أحد أقوى الرجال في إيران، على الرغم من أن قوات القدس التابعة للحرس الثوري التي قادها ليست جيش النخبة الذي ترغب إيران في التظاهر به. كان سليماني، حسب زملائه من القادة، يخاطر بمختلف الخطوط الأمامية في القدس، وقد أعجب رجاله بشجاعته تحت النار. لذلك كان يتوقع من حين لأخر بأن يُغتال. لكن مطار بغداد الدولي هو آخر مكان تتوقع فيه رؤية طائرة أمريكية بدون طيار.
اعتاد الأمريكيون منذ فترة طويلة على شن هجمات على قواعد الميليشيات الموالية لإيران في العراق وسوريا. خلال الأشهر الأخيرة، أصبحت هذه الضربات طبيعية ومنتظمة، مثل الغارات الإسرائيلية المتكررة على سوريا ولبنان. لكنها كانت عملية عسكرية أمريكية أسفرت عن مقتل أبو بكر البغدادي في سوريا، وهو مسلم سني كان عدوًا لطهران وكان الإيرانيون سعداء بتصفيته.
كما اعتاد الأمريكيون على هذا النوع من الاغتيالات - أو "القتل المستهدف" كما يسميه الإسرائيليون- وهم يمحون أعدائهم عندما يختارون. كان أسامة بن لادن الأول، والبغدادي الثاني، وسليماني الثالث. إن عمليات القتل هذه تقوم بها إسرائيل بانتظام في غزة؛ حيث يتم اغتيال قادة حماس.
وفي الشرق الأوسط، يواجه عملاء المخابرات خطرا دائمًا. وكانت مجموعة تابعة لحزب الله تدعى "الجهاد الإسلامي" هي التي قتلت وليام باكلي رئيس محطة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، في حين أن عماد مغنية، قاتل باكلي - أو الذي أصدر أمر التصفية- لقى حتفه في انفجار سيارة مفخخة في دمشق عام 2008. وفي عام 1983، انتحر فجر مهاجم شاحنته أمام السفارة الأمريكية في بيروت، مما أسفر عن مقتل 32 شخصًا وتصفية معظم عملاء وكالة المخابرات المركزية الذين كانوا يعقدون اجتماعًا بداخلها.